رقة وحنان وإنسانية إلى أبعد حد! راقبوا التصريح، الذي نقلته محطة «سي بي أس نيوز» الأمريكية عن جنرالات في البنتاغون «يخططون» لضرب «أهداف إيرانية» في العراق وسوريا.
قال شباب البنتاغون: «الطقس سيكون عاملا مهما في توقيت الضربات، حيث إن الولايات المتحدة لديها القدرة على تنفيذ ضربات في الأحوال الجوية السيئة، لكنها تفضل رؤية أفضل لأهدافها لضمان عدم إصابة المدنيين عن غير قصد».
عليهم اللعنة كل أعداء «الحرية الأمريكية»، فهم لا ينظرون إلى تلك الأناقة في هندسة الضربات القاتلة ويتصورون أن الولايات المتحدة عبارة عن «حاملة طائرات عمياء»، لا تأخذ في الاعتبار احتياطات مقتل مدنيين.
أمريكا تكذب
الكذب الوارد أعلاه على شاشة أمريكية لا ينافسه إلا الكذب الذي راقبناه على شاشة «نتفليكس» الأسبوع الماضي، حيث عادت الطائرات من رحلة قتل «إرهابيين» في منطقة أفغانية في اللحظة الأخيرة، لأن طفلا شاهده الطيار يعبر الطريق فصاح قائد الطائرة المغرق بإنسانيته «الغوا المهمة.. الغوها»!
جنرالات الدجل الأمريكي السينمائي حريصون على تلك العناصر الجوية في الطقس، التي يمكن أن تؤثر على «دقة التصويب»، والأهم على عدم وقوع ضحايا مدنيين.
دقة تصويب طائرات الشبح الأمريكية مثال يحتذى في الرفق بالإنسان. وهؤلاء أنفسهم لتذكير شاشة «سي بي أس» قتلوا مليون عراقي، وشردوا خمسة ملايين، فقط لجلب «الديمقراطية للعراق وتحريره»! وحاملات الطائرات الفتاكة وقفت بجلالها قرب سواحل غزة نصرة للكيان المجرم في ذبح وتنكيل الأطفال والشيوخ والمشافي ومهاجمة شعب أعزل جائع محاصر، مقاتلوه يواجهون بشبشب وقذيفة «آر بي جي»!
نعم، حقا تحرر العراق لدرجة أن ماسورة مياه مجاري واحدة لم تتغير، منذ سقط نظام الشهيد صدام حسين، وأن البنية التحتية التي تدير البلاد الآن، وبعد ربع قرن من الحضور البهي لحكم بغداد على دبابة المارينز، هي نفسها بنية عهد ذلك «الديكتاتور»، رحمه الله.
مجددا، رحم الله ميشال حجازين، عندما خطب مرة يقول تحت قبة البرلمان: «سيدي رئيس الوزراء أنت تكذب، ثم تكذب، ثم تكذب»!
قلناها مرة على شاشة قناة «رؤيا» الأردنية، ونعيدها للتذكير: «الكنز» الحقيقي بعد «تدمير الشيفرة» هو أننا «نعرف الحقيقة الآن». هنا حصرا بإمكان السادة المشاهدين العودة لحضور «درة أفلام الرعب الأمريكية» باسم «أعرف ماذا فعلتم الصيف الماضي»!
الولايات المتحدة عدو، كانت وما زالت وستبقى، ونحن «نكره أمريكا وإسرائيل»، ومن فضائل 7 أكتوبر/تشرين الأول فينا أن كل الأقنعة سقطت.. وسلامتكم.
«بالطو» المقاومة
بعد «الشبشب» و«الزنوبة» و«ولعت» و«حللها يا دويري»، لم تجد محطة «الجزيرة» مكانا لتجاهل قصة المقاتل القسامي الأنيق، حيث كتائب المقاومة في «النسخة الشتوية»، بمقاتل شاب يمشي بثقة ويخرج من بين الركام ويقصف الدبابة بكل رشاقة، مرتديا حذاءه الرياضي الأبيض، والبالطو الأسود، ثم يعود، فيما النسخة الشتوية من الجهاد الإسلامي بقميص شتوي رياضي مع غطاء رأس باللون الأخضر يقصف هو الآخر.
لاحظ – حتى مذيع قناة «الميادين» – كيف يسير مقاتل البالطو بثقة عجيبة نحو العدو، ويضرب، فيما كاد اللواء فايز الدويري يضحك وهو يكرر أمام الزميلة المذيعة التحليل قائلا: مجددا فيديو المقاومة يعرض لنا القاذف والمقذوف والآلية الهدف، ولحظة الإصابة، وفيديو العدو الإسرائيلي يبث لنا مجموعة جنود يطلقون الرصاص والمقاذيف على مكان غير محدد.
أدهشتنا اللقطة، التي ظهر فيها جنديان يقصفان برعب «كومة من التبن»، بالقرب من خان يونس، وما أدهشنا أن القناة الإسرائيلية 14 عرضت اللقطات فعلا مع «قطيع محللين» حول المكروفون، لم يكلف أي منهم لفت النظر إلى أن ما يقصف هو كميات «تبن وقش» وعلف للحيوانات!
وهي كميات متروكة لأن الطائرات الإسرائيلية قصفت الحمير، التي تقاوم وتنقل الجرحى أيضا وتقوم بأداء بطولي، فيما نزعم أن غرفة العمليات الجوية بدأت تضع الجحش والحمار وكل أصناف البهائم ضمن بنك الأهداف، لأنها تساعد في نقل الشهداء والجرحى في مشهد إبداعي سوريالي، لا يمكن رصده بشريا، إلا في غزة العزة.
أحدهم قال مازحا للمذيعة نفسها على قناة 14: «لديهم أيضا حمير إرهابية»!
ابتسمت الإعلامية وضحك خمسة بهائم ينتحلون صفة «محلل»، على تلك النكتة السمجة، ولولا كلفة الاتصالات لاتصلت بالأستوديو على الهواء، مقترحا على «أولاد العم إسحاق» وجيشهم تشكيل «فرقة خاصة بالجيش الإسرائيلي»، مع قيادة أركان، مهمتها «ملاحقة وقتل الحمير»!
وهو حصرا ما قاله نتنياهو نفسه في بداية العدوان عبر القناة الثانية الإسرائيلية، وهو يمتطي جحشا أسطورة «العماليق وحميرهم وقططهم وكلابهم»!
أي والله، قرأ العجوز المجرم نصا للقوم فصدقوه، والضجر لاحقا لم يبدده إلا لواء متقاعد من أبناء حركة «فتح» المخلصين، نكش الدمل، وهو يسأل منتقدي المقاومة: «عندما قاتلنا مع عرفات في بيروت والأغوار، هل شاورنا الشعبين الأردني واللبناني؟ عندما أطلقت حركة فتح شرارة الانتفاضة، هل شكلنا لجنة استفتاء؟!
أسئلة مهمة طرحها صاحبنا ونفسنا أن يجيب عليها القوم.
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان