بالعكس يا نتنياهو!

حجم الخط
1

عُد البروفيسور روبرت اوبنهايمر، الفيزيائي الامريكي اليهودي، أبا القنبلة الذرية التي استُعملت في 1945 في هيروشيما وناغازاكي وقد بدأ بعد أن تلقى تقارير عن قوة الدمار والقتل البشري اللذين حدثا في المدينتين اليابانيتين، بدأ نشاطا لاخراج القنبلة خارج القانون مُبينا ذلك بقوله: ‘اذا أُضيفت القنابل الذرية الى ترسانة عالم في ذروة حرب أو ترسانة أمم تستعد لحرب، فسيأتي يوم يلعن فيه الجنس البشري إسمي لوس ألاموس وهيروشيما’.
مر منذ ذلك الحين نحو من 70 سنة ولم تُستعمل بعد ذلك قنبلة ذرية. فقد عُرف الصراع بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، بأنه حرب باردة لأنه لم يخطر ببال أحد أن يضغط الزر الذري. وقد قال ونستون تشرتشل في هذا الشأن: ‘كلما أصبح الوضع اسوأ، تحسن’. فبخلاف خشية اوبنهايمر أفضت القنبلة الذرية خصوصا الى أن انقضى عصر الحروب العالمية بلا عودة كما يبدو.
إن تحذيرات نتنياهو من أن ايران تبني صواريخ يمكن أن تصل الى تل ابيب، يمكن أن تُسلي الامريكيين فقط.
لأن قدرة الردع الامريكية ومنظومتها الدفاعية ايضا المضادة للصواريخ وقدرتها على الضربة المضادة تضمن ألا تتجرأ أي دولة على الهجوم عليها لا بسلاح تقليدي ولا بقنبلة ذرية. ويُقال الشيء نفسه في حليفات الولايات المتحدة كاسرائيل التي لها قدرات دفاعية ايضا وضربة ثانية قد تُخرب ايران في حال الهجوم عليها.
تعلمنا التجربة التاريخية أن دولا كانت تُرى غير عقلانية كالصين وكوريا الشمالية أصبحت عقلانية بعد أن حصلت على سلاح ذري. فمنذ اللحظة التي انضمت فيها الى توازن الرعب فضلت أن تحل نزاعاتها مع دول اخرى بوسائل سياسية. ويبدو أن ذلك يصح على ايران ايضا. فمنذ اللحظة التي أصبحت فيها دولة على حافة القدرة الذرية، أي تستطيع انتاج قنابل ذرية في مدة غير طويلة، فضلت اجراء تفاوض من موقع قوة ما.
إن الاتفاق الجزئي للولايات المتحدة ودول اوروبا في جنيف على عدم تمكين ايران من تجاوز الحافة الذرية لم ينبع من خشيتها أن تستعمل ايران هذا السلاح للهجوم. فالدول المنتحرة هي موضوع جيد لخطب الانتخابات لا للحياة الحقيقية. فالتقديرات هي استراتيجية سياسية بقدر أكبر، وترمي الى منع دولة كانت عدوا للولايات المتحدة أن تصبح ذات تأثير أكبر في منطقتها.
إن أنباء الايام الاخيرة التي قالت إن شركات غربية بدأت بعد الاسقاط الجزئي للعقوبات تفحص عن زيادة استثماراتها في ايران يجب أن تشجع اسرائيل خاصة. فكلما أصبحت ايران دولة يرتفع مستوى عيش مواطنيها سيقل ميلها الى مغامرات عسكرية. وإن تعلقها الاقتصادي المتزايد بالدول الغربية سيضمن أن تفضل الانضمام الى الحرب العالمية الاقتصادية التي تجري اليوم على بدء حرب عالمية ذرية تُدمرها.
في المرحلة التي استقر فيها رأي ايران على ترك صورة الدولة المجنونة وبدء اجراء تفاوض مع الشيطان الامريكي، زال التهديد الايراني لاسرائيل بالفعل. ستبقى ايران دولة عدوا لاسرائيل كما ستبقى مصر عدوا لنا برغم اتفاق السلام بيننا. وبرغم ذلك لن تبدأ مصر حربا علينا بسبب علاقاتها بالولايات المتحدة. وسينطبق ذلك على ايران ايضا.
إن رسالة اسرائيل بأنها تواجه تدميرا أصبحت قديمة بعد الاتفاق في جنيف مع ايران؛ فسيضطر نتنياهو الى انشاء رسائل ايجابية في الشأن الفلسطيني وإلا سيُرى مُهيج الحرب الوحيد الباقي في الشرق الاوسط.

يديعوت 4/12/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نمر ياسين حريري:

    العقل اليهودي
    هكذا كان دائما العقل اليهودي قبل الصهيونية وسيستمرّ بعدها .العقل اليهودي كان السبّاق في الاهتداء الى الله .العقل اليهودي هو عبقري تأطير وتطوير علم الافتصاد ونظرياته .العقل اليهودي هو صاحب فكر اليسار . العقل اليهودي هو ابو العلم في مختلف مجالات المعارف . العقل اليهودي لكونه كان مظلوما تاريخيا كان افضل واروع المدافعين عن حقوق الانسان .
    وجات الصهيونية لا لتلغي هذه القدرات , فهي اكبر من ذلك بكثير . ولكن لتحجب بريق عطائها ولتشويه صورة عطاءاتها ولتقضي على اهم ما ميّز اليهودية من قمة انتاجها الفكري وهو الجانب الخلقي والحضاري ولتصبغها بكافة الوان العنصري وبشاعة ووحشية مفهوم نظرية التفوق التي اكتسبتها من النازية . ولكبير ضجيجها كادت تطغي على جوهر وميزة الانسان اليهودي الذي هو عقله .وهذ العقل بالذات هو الذي يؤكد هويته بتناقض مع الصهيونية واصحابه كثر .ومنهم الصحفي المفكر باروم لشيم بموضوعيته وعلمانية تحليله بعيدا عن الغوغائية التضليلية التحريضية الصهيونية . انه جار اليوم واخ الغد لابناء منطقته هو وامثاله بعد افلاس الصهيونية وقد بداء .

إشترك في قائمتنا البريدية