بالوثائق ثماني دول أوروبية تضغط للتطبيع مع الأسد

منهل باريش
حجم الخط
0

تقود إيطاليا الدول الثمان وتحاول خلق معسكر داخل الاتحاد الأوروبي يدفع باتجاه التطبيع مع النظام السوري.

أرسل وزراء خارجية ثمان دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، منتصف تموز (يوليو) رسالة إلى الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل متعلقة بسوريا.
دعا الوزراء من خلالها إلى إعادة تقييم نتائج الإستراتيجية الأوروبية تجاه السورية والتي وضعها مجلس الاتحاد الأوروبي عام 2017 والنظر في فعالية الإجراءات والأدوات التي اتخذها الاتحاد والبحث في الخيارات المتاحة بهدف تعديل ذلك النهج، انطلاقا من التغيرات الجارية في سوريا والمحيط الإقليمي. ووقعت على الرسالة كل من إيطاليا والنمسا وقبرص واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا.
وأشارت الرسالة التي تنشرها «القدس العربي» أنه بعد العام 2017 «شهدت الأوضاع على الأرض في سوريا والمحيط بها تغيرات جذرية فقد استعاد النظام السوري السيطرة على نحو سبعين في المئة من الأراضي، بينما رسخت الكيانات المعارضة وجودها في المناطق الخارجة عن سيطرتها. ورغم تعثر العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، فقد أعيد قبول سوريا في جامعة الدول العربية وشرعت في تطبيع العلاقات الثنائية مع قوى إقليمية كبرى مثل المملكة العربية السعودية، مما أوجد ديناميكية إقليمية جديدة».
وفي الوقت نفسه، أكد الوزراء «تدهور الوضع الإنساني في البلاد بشكل كارثي، وانهار الاقتصاد تماما. ولا يزال السوريون يفرون بأعداد كبيرة، ما يزيد الضغط على الدول المجاورة، وسط تصاعد التوتر الإقليمي الذي يهدد باندلاع موجات لجوء جديدة». واعتبرت الرسالة أنه رغم هذه التطورات البارزة، لم تشهد سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا تطوراً يوازيها، ما أدى إلى «فجوة بين حجم الجهد الإنساني المبذول والدور السياسي المقابل» الأمر الذي حفز الدول الثمان إلى السعي من أجل «صياغة سياسة سورية أكثر فاعلية وتركيزًا على النتائج، بما يمكننا من تعزيز نفوذنا السياسي، وزيادة فعالية المساعدات الإنسانية ونهج التعافي المبكر، والمساهمة في تهيئة الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين السوريين وفقًا لمعايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» حسب الرسالة الرسمية.
وقد ارفقت الرسالة بورقة غير رسمية (اللاورقة) عُرضت على لجنة الشؤون السياسية والأمنية، وطالب الوزراء ممثل السياسة الخارجية والأمنية «تكليف خدمة العمل الخارجي بإعداد تقييم ليكون أساسا لمزيد من المناقشات في مجلس الشؤون الخارجية حول هذا الموضوع الحاسم».
ووقع بخط اليد على الرسالة، كل ألكسندر شالنبرغ وزير الشؤون الأوروبية والدولية لجمهورية النمسا والدكتور كونستانتينوس كومبوس وزير الخارجية لجمهورية قبرص، وويان ليبافسكي وزير الخارجية لجمهورية التشيك، وجورج جيرابيتريتس وزير الخارجية للجمهورية اليونانية، وجوردان غرليتش رادمان وزير الخارجية والشؤون الأوروبية لجمهورية كرواتيا، وأنطونيو تاياني وزير الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية إيطاليا، وتانيا فايون نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية والشؤون الأوروبية لجمهورية سلوفينيا، ويوري بلانار وزير الخارجية والشؤون الأوروبية لجمهورية سلوفاكيا.
والاستراتيجية التي تطالب الدول الثمان تغييرها كان أقرها مجلس الاتحاد الأوروبي في نيسان (ابريل) 2017 حول سوريا قد حمل النظام السوري مسؤولية حماية السكان ووقف الأعمال القتالية التي يشنها هو وحلفاؤه وخصوصا روسيا. ودعا إلى إنهاء الحرب من خلال انتقال سياسي حقيقي، تماشيا مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015 والذي فاوضه أطراف الصراع تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا وبدعم من الجهات الدولية الرئيسية والجهات الفاعلة الإقليمية وضمان المساءلة عن جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات والانتهاكات للقانون الإنساني الدولي بما في ذلك الاستخدام المؤكد للأسلحة الكيميائية.
واشترط الاتحاد الأوروبي في «استراتيجية 2017» أن يساهم في إعمار سوريا فقط عندما يكون هناك انتقال سياسي حازم وشامل وحقيقي وشمولي تفاوض عليه الأطراف السوريون في الصراع على أساس القرار 2254 وبيان جنيف لعام 2012.
وتتكون «اللاورقة « المرفقة برسالة الوزراء من عشر نقاط هي عبارة عن أسئلة واستفسارات، وتدعو إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي مع النظام من خلال تعيين مبعوث خاص في دمشق بداعي «زيادة التأثير الدبلوماسي» حسب ادعاء الثماني، وموازنة علاقته بين النظام والمعارضة، إضافة إلى مراجعة مسألة العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري وتحاول ربط الاستقرار في سوريا بأمن الاتحاد الأوروبي بسبب تدفق اللاجئيين.
هذا وتقود إيطاليا الدول الثمان وتحاول خلق معسكر داخل الاتحاد الأوروبي يدفع باتجاه التطبيع مع النظام السوري، حيث أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، تعيين ستيفانو رافانيان سفيراً مفوضاً لروما لدى النظام السوري في ظل استياء داخل الاتحاد باعتباره خروجا عن الاستراتيجية الأوروبية يعزز الشقاق ووحدة الصف تجاه قضايا الشرق الأوسط، وانتقدت الصحافة الإيطالية التوجه باعتبار أن الدكتاتور الأسد مدعوما من الرئيس الروسي فلاديميير بوتين، والأخير هو نفسه الذي تواجهه روما في كييف مع باقي الشركاء الأوروبيين في إطار حلف شمال الأطلسي «الناتو».
وتحاول الخارجية الإيطالية تغطية القرار بالذرائع الأمنية التي تهدد الاتحاد الأوروبي لذلك كلفت الخبير الإيطالي المعروف في مجال مكافحة الإرهاب، ستيفانو رافانيان ليشغل المنصب في العاصمة دمشق، خصوصا وان المفوض سيطلب الاعتماد من بشار الأسد شخصيا، وهو ما اعتبره الكثير من المحللين السياسيين انه «لحظة محرجة للغاية». ويشير مصدر في البعثة الأوروبية إلى سوريا، إلى ان الرسالة واللاورقة لم تلق رواجا داخل أروقة مجلس الاتحاد الأوروبي أو اللجنة الأمنية والسياسية فيه، بسبب الموقف الجذري من فكرة إعادة التطبيع، إذ لا تفضل أغلب الدول الأعضاء بتغيير الاستراتجية حول سوريا خصوصا وان النظام يرفض تقديم أي تنازل في المسار السياسي.
وفي سياق منفصل، لا يشجع ما حصدته الدول العربية التي حاولت تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، فالأردن الذي روج لمسار الخطوة مقابل خطوة، لم يجن غير إغراق حدوده الشمالية بالمخدرات والسلاح، وكذلك إصرار النظام على تصدير الكبتاغون إلى المملكة العربية السعودية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية