لندن: يصل جو بايدن الجمعة إلى السعودية في أول زيارة له إلى المملكة بصفته رئيسا أمريكيا، على أمل إقناع الرياض بزيادة إنتاجها من النفط سعيا لكبح ارتفاع أسعار الوقود وخفض التضخم.
وكان بايدن دعا قبل انتخابه إلى معاملة السعودية كبلد “منبوذ” بعد قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، وتعهد عند وصوله إلى البيت الأبيض بـ”إعادة ضبط” العلاقات مع هذا الشريك الإستراتيجي للولايات المتحدة.
لكن بعد ذلك شنت روسيا هجومها على أوكرانيا وارتفعت أسعار النفط إلى مستويات لم تبلغها منذ الأزمة المالية عام 2008 حين سجلت مستويات قياسية تاريخية.
ودفعت هذه الأوضاع الرئيس الأمريكي إلى خفض حدة نبرته ووضع المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان جانبا.
ورأى كريغ إرلام المحلل في مكتب أواندا أن هذه الزيارة تكشف عن “يأس بايدن مع اقتراب انتخابات منتصف الولاية، وسعيه لإعطاء الانطباع على الأقل بأنه يسعى لتخفيف حدة التوتر في الأسواق ودفع الاسعار إلى التراجع”.
وأضاف: “الظروف الاستثنائية تتطلب حلولا استثنائية”.
لكن المحلل لفت إلى أن “انتهاء مدة اتفاق أوبك بلاس في أيلول/ سبتمبر يوجد فرصة” للرئيس الأمريكي.
وكانت بلدان منظمة الدول المصدرة للنفط بقيادة السعودية وشركاؤها العشرة من خارج أوبك بزعامة روسيا عمدت إلى خفض إنتاجها بملايين البراميل في أشدّ أزمة وباء كوفيد-19 تفاديا لإغراق السوق في كميات من النفط لا يمكن استيعابه في ظل تدابير الحجر المنزلي والقيود الصحية.
ومع انتعاش الاقتصاد وزيادة الطلب على النفط، قررت أوبك بلاس الحد تدريجيا من الاقتطاعات في إنتاجها فاعتمدت في أيار/ مايو 2022 إستراتيجية تقضي بزيادة حجم إنتاجها الإجمالي على مراحل.
ومن المتوقع مبدئيا أن يعود التحالف إلى مستويات إنتاجه ما قبل الوباء بعد شهر آب/ أغسطس، ما سيضع حدا للاتفاق الحالي.
ويقوم بايدن بزيارته قبل الاجتماع المقبل لأوبك بلاس في آب/ أغسطس، والذي قد ينتج عنه اتفاق جديد.
غير أن ستيفن إينيس، المحلل لدى شركة “إس بي آي أسيت مانجمنت” قال: “سيكون أمرا مفاجئا للغاية إن زادت السعودية إنتاجها” في وقت حفزت زيادة الأسعار اقتصادات الخليج.
وحققت السعودية في الربع الأول من السنة أكبر نسبة نمو اقتصادي منذ عشر سنوات مع زيادة إجمالي ناتجها المحلي بنسبة 9,6% بوتيرة سنوية، وذلك بفضل القطاع النفطي.
ورأى وليد قضماني المحلل لدى شركة “إكس تي بي” أن هذا يشكل “حافزا اقتصاديا قويا لعدم زيادة الإنتاج”، لا سيما وأن البلد يبدو قريبا من بلوغ قدراته الإنتاجية القصوى.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أعلن خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في أيار/ مايو في دافوس أن “المملكة فعلت ما في وسعها” معتبرا أن المطلوب زيادة القدرة على التكرير أكثر من زيادة إمدادات السوق.
وتبقى نقطة خلاف أساسية بين البلدين، وهي إيران التي تخوض معها واشنطن مفاوضات غير مباشرة لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لم تفض إلى نتيجة حتى الآن.
وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفّات الإقليمية وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفاً عسكرياً داعماً للحكومة المعترف بها دولياً، وتتّهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد.
وتبدي الرياض قلقها من نفوذ طهران الإقليمي وتتّهمها بـ”التدخّل” في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
ورأى وليد قضماني أن “الولايات المتحدة ستتخلى على الأرجح (عن الاتفاق) إذا تلقت ضمانات من السعودية بعد زيارة الرئيس بايدن”.
كذلك لفت ستيفن إينس إلى أنه يبدو من المستحيل تعزيز العلاقات مع الرياض إن كانت إدارة بايدن مصممة على مواصلة المحادثات مع إيران.
(أ ف ب)