لن نسمع بعد اليوم صوتاً يقول بالعربية: هنا لندن ـ هيئة الإذاعة البريطانية. فقد تم إلغاء «القسم العربي» مؤخراً، كما قرأنا للبعض في العديد من الصحف العربية مقالات عن تجربتهم في (بوش هاوس) وهو اسم المبنى المكرس لذلك.
وأنا لم أعمل في «القسم العربي» في الإذاعة البريطانية أيام دراستي في لندن ولكنني شاركت في برنامج ليلى طنوس (مسرحيات بالعربية تقوم بتمثيل أدوارها) وبرنامج المرأة الذي كانت تعده وتشرف عليه العراقية أولفا جويدة. كما تعارفت يومها مع الروائي الكبير الطيب صالح وكان يعمل رئيساً لقسم الدراما في الـB.B.C وأهديته كتابي الذي كان قد نشر يومئذ «ليل الغرباء» وأعجبته قصة فيه: وقرر تحويلها إلى مسلسل إذاعي من بطولة صوت أمينة رزق وعماد حمدي وكانا من نجوم السينما المصرية يومئذ لكن «بي بي سي» والقسم العربي فيها لم يكن يبخل على المستمعين العرب بالأفضل.
ألغي العالم لأكتب جديدي
أمينة رزق، عماد حمدي، نجمان مشهوران في الأفلام المصرية ولا أدري كم دفعت لهما (بي.بي.سي) من المال ليرضيا بهذا الدور. والطريف أن مكان تسجيل المسلسل كان في بيروت (وليس في لندن)، بل في «شارع فينيقيا» على بعد خطوات من بيتي في «قصر الداعوق» فقد كنت قد تزوجت وانتقلت من فندق «ألكسندر» في الأشرفية إلى بيت زوجي الحبيب )رحمه الله( في شارع الداعوق. لكنني كنت أعمل على كتاب جديد ومناخي النفسي لا يسمح لي بمغادرة طاولة الكتابة. الكاتب المبدع الطيب صالح تفهم موقفي ولم يعتبره موقفاً عدائياً من الـ»بي.بي.سي». فهو أديب كبير قبل كل شيء. ويعرف أننا قد نلغي كل شيء لنكتب جديدنا.
«الكانتين» في «بوش هاوس»
تعارفت مع معظم العرب الذين يعملون في القسم العربي في الإذاعة البريطانية كما التقيت ببعض المتعاونين وصار بعضهم أصدقاء لي. وأذكر منهم أولغا جويدة والطيب صالح والأستاذ حسن الكرمي وسعيد العيسى وأكرم صالح وبعض المعارف كنديم ناصر وزوجته مديحة المدفعي وسمير مطاوع وعبلة خماش وسواهم كثير لا يتسع المجال لذكر الأسماء كلها. وحين عرض عليّ مسؤول بريطاني كبير العمل بشكل دائم في القسم العربي في الإذاعة قلت له إنني أريد العودة إلى الوطن بعد ان أنجز دراستي في لندن ـ واعتذرت لكنني بقيت على صداقاتي مع الكثير من العاملين فيها كما الطيب صالح وأولغا وسواهما…
وبعد زواجي صرت كلما زرنا لندن زوجي وأنا، نتصل بالطيب صالح ونلتقي في (الكانتين) في (البوش هاوس) ونشرب قهوتنا وكنت أفرح بلقاء (زملاء) سابقين لي يأتون لإلقاء التحية والجلوس معنا. فقد كان (الكانتين)؛ أي المقهى الخاص بالمبنى، يضم موظفين من مختلف الجنسيات العربية كالصديقة ليلى طنوس.
قصة حياتها احترقت!
روت لي الصديقة أولغا قصة زواجها من شاعر بريطاني أنجبت منه ابنتها وأوحت لي حكايتها بقصة كتبتها وطلبت مني قراءتها بصوتي في برنامجها وفعلت وما زلت أذكر منها أن السماء كانت تمطر برقاً ورعداً لكن بطلة القصة نزلت إلى البحر للسباحة وأُغرم بها الشاعر لسباحتها في طقس خطر كهذا. ولكن مخطوط القصة احترق في مكتبتي في بيروت حين أصابها صاروخ في الحرب الأهلية!
المصادفة وأقدارنا
كنت أتسكع في شارع (أوكسفورد ستريت) في لندن حين التقيت بالمصادفة مع مراسل مجلة (الأسبوع العربي) التي كنت أكتب فيها مقالاً اسبوعياً. وقال لي إن سمير مطاوع الذي كان يعمل في القسم العربي في الإذاعة البريطانية قام بدعوة بعض الأصدقاء إلى بيته وسيسرهم مفاجأتي لهم بحضوري.. وفعلت وهكذا بدأت صلتي مع القسم العربي في دار الإذاعة البريطانية. أما حياتي الحالية في بيتي الباريسي فهي أيضاً وليدة المصادفة.
لقاء بالصدفة في جادة الشانزيليزيه
كنت وزوجي وابني قد جئنا إلى باريس لزيارتها والراحة من الحرب الأهلية اللبنانية وقررنا قضاء شهر في شقة مفروشة في «شارع بيري» على بعد خطوات من الشانزيليزيه التي يدعوها الفرنسيون أجمل جادة في العالم!! وذات يوم كنا نروح عن أنفسنا بالمشي في الجادة الشهيرة خارج الشقة الصغيرة المفروشة (غالية الأسعار لموقعها) حين سمعت صوتاً يناديني. وهكذا التقيت مع الصديقة اللبنانية هناء. ع واستجوبتنا على الطريقة اللبنانية وقالت لنا إنه في المبنى المطل على نهر السين، حيث تقيم، توجد شقة مفروشة واسعة للإيجار ولو لشهر واحد. وأعطتنا اسم السمسار (ديكمان) ورقمه الهاتفي. وانتقلنا من الشقة الضيقة بالقرب من الشانزيليزيه إلى (كيه دو غرونيل) على شاطئ «نهر السين» في تلك البقعة، وكنا ننوي العودة إلى بيروت حين عرض علينا (سمسار) المبيعات شراء شقة في المبنى المطل على نهر السين وبرج إيفل ويتوسط نهر السين أمامه شارع ضيق يدعى ممر البجع..
وسحرنا جمال المكان والمنظر، واشترى زوجي الشقة وأهداها لي بمناسبة عيد زواجنا وما زلت أعيش فيها…
ولو لم ألتق بالزميل مراسل المجلة في لندن في شارع أوكسفورد وأذهب إلى سهرة سمير مطاوع لما عملت لفترة في القسم العربي في دار الإذاعة البريطانية، ولو لم ألتق مصادفة أيضاً بهناء.ع.ف. لما أقمت في هذا البيت الباريسي بمنظره الجميل. والطريف أن صديقتي هناء التي بذلت كل ما بوسعها لتحدثني في شارع الشانزيليزيه وتقنعني بالانتقال إلى مبناها بمنظره الجميل طلقت زوجها وعادت إلى بيروت وبقيت هناك! كأن المصادفة هي مدبرة الحياة في عالمنا وحياتنا؟ أظن أن لدى كل قارئ حكايات عن دور المصادفة في حياته.
الآن برنامجنا المفضل العائلي هو برنامج trending الذي تبثه قناة.. بي بي سي بالعربي علي شاشة النايل سات ظهرا.. وهنالك البرنامج الوثائقي الناجح الذي تقدمه الاستاذه زينب البدوي. اني وي… قناة بي بي سي بالعربي ترتيبها عندنا ضمن العشره الأوائل في قائمة المشاهدة اليوميه لنا…..
تم تشغيل تلفزيون بي بي سي العربي من خلال الخدمة العالمية لشبكة بي بي سي، وبدأ البث لمدة 24 ساعة يومياً منذ 19 يناير 2009.
ليست هذه المرة الأولى التي تنطلق فيها خدمة تلفزيون بي بي سي باللغة العربية، المحاولة السابقة انتهت في 21 أبريل 1996 بعد سنتين من البث التلفزيوني حينما كان شركاء بي بي سي حينها شبكة أوربت الإعلامية المملوكة لمستثمرين سعوديين، ليسحب الاتفاق بين الجهتين بعد بث بي بي سي حلقة من برنامج بانوراما التلفزيوني، وضعت الحكومة السعودية حينها في موقف حرج. لينتقل العديد من طاقم بي بي سي العربية حينها إلى قناة الجزيرة القطرية.
– ويكيبيديا –
طاب يومكم لك أختي غادة السمان وللجميع. في البداية لابد من القول أن جيلنا كان ينجذب إلى إذاعة مونت كارلو الحديثة في ذلك الوقت. لكن كنت أتابع أيضًا بشكل أقل ال ب ب س ع وغيرها, فقد كنت من هواة المذياع. وهذا مهم لأن تنوع المصادر سمح لنا بتوسيع تفكيرنا السياسي وفهم الأخبار وما يكمن خلفها, وهنا بيت القصيد!.
بعد أن قرأت المقال, ولم أكن أعرف معظم ماجاء فيه, بدا لي وكأنما ال ببسع كانت واحة للثقافة العربية. ربما!. لها إيجابياتها وخدمت الثقافة والصحافة العربية بلا شك, وخاصة خرج منها جيل من الصحافيين العرب الذين ساهموا في تطوير الصحافة العربية وأعتقد أن صحيفة القدس العربي تشهد على قوة المدرسة الصحافية البريطانية. لكن كان لها هدف واضح ومعروف وهو الترويج للسياسة البريطانية, والأنظمة التي ترعاها, والتي أوجدت واحتضنت إسرائيل ومازالت. وهنا المرارة العربية ومأزقنا وكابوسنا الذي لاينتهي. السؤال طبعًا هل طورنا صحافة عربية بديلة قادرة على طرح وجهة النظر العربية وعلى المستوى العالمي.
تبقى الإجابة محيّرة, فرغم بعض التجارب الناجحة (مثلَا الجزيرة الإنكليزية) فإن الصحافة العربية معظمها حوله علامة استفهام. فما بالك عندما نتحدث عن الثقافة والمثقون العرب ودورهم في المجتمع عمومًا. مع خالص محبتي وتحياتي للجميع.
إن الصدف والمصادفات مؤثرة كثيرا في حياة كل منا ، كم هم محظوظون أولئك الذين التقيتهم صدفة وخير من مواعيد عرقوب التي لاتفي .. ليت لي أن ألتقيك ولو مصادفة ،كما حلم صديقي قائلا أنه التقاك اليكترونيا وأجرى معك حوارا ،يوم ا شعرت بالشفقة عليه كونه مدعيا ونبرات صوته ترتجف ،وتمنيت ان يكون صادقا فيما أخبرني به ..!
وليت المصادفة تحدث وأجد لك تسجيلا صوتيا من عملك في برنامج ليلى طنوس أو مقابلة إذاعية ما أجريتها لإذاعة ما ، في زمن جميل بكل تفاصيله وان كان يبدو لنا وقتها بشعا وغريبا ..
كانت بي بي سي اول صوت عربي صادح في العالم.كانت تخدم مصالح بريطانيا العظمى لكنها كانت تقدم خدمات كثيرة للعرب في المهجر.الان قناة الجزيرة تعوض عنها.
أنا في حقل اللغة والترجمة ولي أعمال في اللغة ومنها معجم الأفعال المركبة الإنكليزية باللغة العربية ومعجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية +600 صفحة. مع ذلك أؤيد تأييدا مطلقا استغناء البي بي سي عن البث بلغات أخرى متمنيا من صميم فؤادي أن يعمم الإجراء ليشمل كل اللغات الأخرى.
السبب؟
لقد قبلت شعوب العالم الإنكليزية لغة عالمية ووسيلة مشتركة للتواصل. فلا مبرر مطلقا لعدم اجتهاد العالم في تعلم اللغة الأولى في العالم! ونحن نعلم ان الطفل يستطيع أن يتعلم لغة جديدة في ظرف أشهر! على المجتمعات العربية الإسراع في تعليم أطفالها لغة العالم الإنكليزية بدلا من الاعتماد على خدمات الترجمة وبث البرامح الإنكليزية باللغة العربية.
هنا في لندن، التقي بأطفال من السويد والنرويج وألمانيا يحسنون التحدث بالإنكليزية وقلما أشاهد طفلا عربيا يفعل ذلك. فيكون السؤال حتما لماذا؟
مهم أن نتابع الأخبار وكل البرامج الإنكليزية بلغتها الأصلية الإنكليزية. وإيقاف البث العربي خطوة في ذلك الطريق.
دمت بخير ودام ألقك