بغداد ـ «القدس العربي» ـ ووكالات: قال رئيس وزراء كردستان العراق، مسرور بارزاني، إن الخلاف الذي طال أمده بشأن تقاسم عائدات النفط بين الحكومة العراقية ونظيرتها إقليم «قد يُحسم في غضون أشهر»، وذلك بالاتفاق على قانون للنفط والغاز، وفيما كشف عن اتفاق مع حكومة محمد شياع السوداني، يقضي «بتجمّيد» الإجراءات القضائية المتعلقة بالسيطرة الاتحادية على واردات نفط وغاز الإقليم، شدد على وجود ضمان «العدالة» في توزيع الثروات على جميع العراقيين.
وبرز الخلاف بين أربيل وبغداد في شباط/ فبراير من العام الماضي بعد أن أصدرت المحكمة العليا الاتحادية العراقية حكماً يقضي أن الأسس القانونية لقانون النفط والغاز في كردستان «غير دستورية».
في هذا السياق، قال بارزاني، إن «الحكومة الاتحادية تعهدت أن تجمد في الوقت الحالي الإجراءات القضائية التي اتخذتها للسيطرة على عائدات النفط والغاز في إقليم كردستان».
«الضغوط ستتوقف»
وزاد، في حوار أجرته «رويترز» معه على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، مساء الثلاثاء: «ما اتفقنا عليه هو أن كل تلك الضغوط على حكومة إقليم كردستان ستتوقف، وتوقفت في الوقت الحالي، وسننتظر حتى يكون لدينا قانون النفط والغاز».
وإلى حين التوصل لهذا الاتفاق، سيتعاون الجانبان في إدارة حقول النفط ومبيعات النفط وتقاسم الإيرادات الذي قال رئيس وزراء إقليم كردستان، إنه «سيدرج رسمياً في الموازنة العامة في نهاية المطاف».
وحول موعد الاتفاق على قانون النفط والغاز، قال إنه «سيتم في غضون أشهر»، وأضاف: «كان لدينا إطار زمني مدته ستة أشهر. لا أعرف مدى واقعية هذا، لكنني آمل أن نتمكن من القيام بذلك في أقرب وقت ممكن».
وبموجب الدستور العراقي، من حق حكومة إقليم كردستان الحصول على جزء من الموازنة العامة الاتحادية العراقية.
وسيساعد الاتفاق على مدفوعات منتظمة من الموازنة العامة الاتحادية لحكومة كردستان في حل أزمة التأخر في السداد لشركات النفط الدولية، من جانب حكومة الإقليم.
وعن قدرة حكومة كردستان على الدفع لشركات النفط الدولية العاملة على أراضيها وعلى دفع رواتب آلاف الموظفين المحليين، قال بارزاني: «حرصنا دائماً على أن يعرف جميع شركات النفط الدولية وتجار النفط أن حكومة إقليم كردستان ملتزمة بشدة بدفع ما عليها للشركات».
وأضاف «بعد التوصل إلى اتفاق مع بغداد، فإن حكومة إقليم كردستان ستعجل المدفوعات وتتأكد من أن بمقدورنا سد الفجوة، التي تساهلوا فيها حتى الآن».
وتنصّ ورقة المنهاج الوزاري الذي اتفقت عليه الكتل السياسية وصوت عليه مجلس النواب، على «اكمال تشريع قانون النفط والغاز خلال ستة أشهر».
أبرز المشاكل
ويعد غياب قانون النفط والغاز، من أبرز المشاكل التي تواجه قطاع النفط والغاز بعد عام 2003، وقد أرسلت ثلاث مسودات لمشروع القانون إلى البرلمان منذ 2007، لكن الخلافات بين الأطراف السياسية حالت دون تمريرها، ما دفع إقليم كردستان إلى إصدار قانونه الخاص للنفط والغاز.
رئيس وزراء كردستان: حكومة السوداني تعهدت
وتنص المادة 112 من الدستور في فقرتها الأولى، على أن «تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون».
وجاء في الفقرة الثانية من المادة ذاتها، أنه تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً، برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار.
وفي 15 شباط/ فبراير 2022، أصدرت المحكمة الاتحادية العراقية العليا قراراً، وصفت فيه قانون نفط وغاز إقليم كردستان بـ «غير الدستوري»، مطالبةً حكومة إقليم كردستان بتسليم إيرادات النفط المنتج إلى الحكومة الاتحادية، وهو قرار رفضته حكومة إقليم كردستان.
وعلى هامش أعمال منتدى «دافوس» الاقتصادي في سويسرا، جمع لقاء رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، مع بارزاني.
بيان رئاسي أفاد أن اللقاء تضمّن «استعراض آخر التطورات السياسية والأمنية في العراق»، مبينا أن رئيس الجمهورية أكّد أهمية «تكاتف الجهود وتوحيد الرؤى إزاء التحديات التي تواجه العراقيين جميعا».
وبحث أيضا «سوء التفاهم الحاصل بين الأطراف السياسية الكردية وضرورة التركيز على حل المشكلات ووضع مصلحة مواطني الإقليم أولا وعلى مختلف الصعد، خصوصا تلك التي تتعلق بالقرارات الحكومية ذات الصلة المباشرة بمعيشة الناس».
ودعا رشيد إلى ضرورة «تغليب المصلحة الوطنية في جميع المسائل العالقة وإيجاد الحلول الحاسمة لها وفقا للدستور والقانون، وأهمية إقرار مشروع قانون النفط والغاز لتحقيق العدالة واعتماد الشفافية في توزيع الثروات بين العراقيين».
أما بارزاني فأكد ضرورة «اعتماد الحوار الجاد لحل الإشكاليات بين القوى السياسية ووجوب التوصل إلى تفاهمات تعزز الوحدة بين العراقيين وتحقق تطلعاتهم في حياة حرة كريمة».
و»جرت مناقشة المشاركة في أعمال منتدى دافوس الاقتصادي، وأهمية نقل الصورة عن التطور والتقدم والاستقرار الذي حدث في المدن العراقية».
وعلى هامش المُنتدى أيضاً، التقى بارزاني، عضو الكونغرس الأمريكي داريل عيسى.
وشهد اللقاء حسب بيان، «بحث آخر المستجدات والتطورات في العراق والمنطقة، إلى جانب مناقشة سبل توطيد العلاقات بين إقليم كردستان وأمريكا».
وأكد الجانبان أهمية «حل المشاكل مع الحكومة الاتحادية جذرياً وعلى أساس الدستور». وفي بيان لاحق، قالت رئاسة حكومة الإقليم، إن بارزاني التقى، في دافوس، رئيسَ الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وجرى في اللقاء، وفق البيان، بحث الوضع العام في إقليم كردستان والعراق والمنطقة عامة، «لا سيّما مناقشة الإصلاحات التي شرعت بها التشكيلة الوزارية التاسعة في مجال التنويع الاقتصادي، والتحول الإلكتروني في الخدمات العامة، وتحسين القطاع الصحي، وتصدير المنتجات الزراعية لإقليم كردستان إلى الأسواق الأوروبية».