أول أمس، رفع رد إلى المحكمة العليا باسم الحكومة ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير العدل يريف لفين، على الالتماسات ضد إلغاء “علة المعقولية”، وذلك قبيل المداولات التي ستجريها محكمة العدل العليا بعد غد. هذا الرد بمثابة تهديد صريح من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. واضح في الرد أن الحكومة تكفر بصلاحية السلطة القضائية حكمها في شؤون القوانين الأساس. المحكمة “ممنوعة من إعطاء مساعدة بشأن مفعول قانون أساس أو تعديل لقانون أساس”، كتب هناك، والأخطر: الرقابة القضائية على قوانين أساس “من شأنها أن تؤدي إلى الفوضى”، على حد تعبير الرد.
محظور التشوش: لا يدور الحديث عن وصف بريء لسلسلة ملابسات “موضوعية”، بل عن تهديد. فإذا ما قررت المحكمة إلغاء التعديل على القانون الأساس، واحترمت الحكومة والكنيست (التي انضمت إلى موقف الحكومة) قرار المحكمة كما يجدر في دولة القانون، فأين يكمن خطر الفوضى التي تحذر منها الحكومة؟ إن ما تقوله الحكومة هو أنها لا تعتزم قبول القضاء، فهي لا تعترف بصلاحيات المحكمة في هذا الشأن. من هنا تأتي الفوضى.
هذا قلب تام للحقائق. الحكومة والكنيست اللتان تتحكم بهما الأغلبية تدفعان قدماً بانقلاب نظامي هدفه إخضاع السلطة القضائية إليهما بمعونة التشريع. وإلغاء “علة المعقولية” هو مدماك أساسي فيه. الحكومة والكنيست تتعلقان بالمكانة الخاصة للقوانين الأساس، وهما في إطار ذلك تدوسان عليها كي تمنحا حصانة قضائية لقوانين ليست دستورية. الائتلاف هو الذي لا يحترم مكانة القوانين الأساس ويرتكب جريمة بحقها؛ لأن الهدف هو جعلها “مدينة ملجأ” لقوانين غير دستورية في سجل قوانين إسرائيل وتحصينها من كل رقابة قضائية.
إذا كان ثمة شك لدى أحد حول الرائحة العفنة لرد الحكومة، فيجمل به أن يستمع لأقوال أعضاء آخرين في الائتلاف. ففي مظاهرة التأييد للانقلاب النظامي، هدد الوزير بتسلئيل سموتريتش مباشرة رئيسة المحكمة العليا قائلاً: “يا استر حايوت، لا تتجرئي على شطب قانون أساس. المسؤولية عليك”. ورئيس السلطة التشريعية تعالى فوق الجميع، قبل يوم من ذلك. فقد استغل رئيس الكنيست أمير أوحنا مكانته السامية كي يهدد المحكمة باسم الكنيست كلها، وقال إن “الكنيست لن تقبل الدوس عليها”. في تصريح أطلقه، قال إنه “أوصى المحكمة وقضاتها أن اعترفوا بحدود قوتكم”. ماذا سيحصل إذا لم يستمع قضاتها لنصيحة أوحنا؟ رد الحكومة يوضح: فوضى.
الكنيست والحكومة ورئيسها، كلهم ملزمون بإطاعة القانون والقضاء. على قضاة المحكمة أن يسدوا آذانهم عن سماع تهديدات الزعران، ويدافعوا عن الديمقراطية الإسرائيلية من مخربيها.
أسرة التحرير
هآرتس 10/9/2023