القاهرة ـ «القدس العربي»: بات كثير من المصريين يترحمون على حال عملتهم الوطنية، إذ يذكرون الجنيه بكثير من الأسى، بعد أن فقد على مدار عام 100% من قيمته.
ومن جانبه كتب كارم يحيى على موقع “نبض” عن تطور خطير بشأن ما جرى لـ”العملة الوطنية”: مسكين الجنيه المصري. منهار حتى أمام دينار تونس، التي تعاني الآن من أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010/ 14 يناير/كانون الثاني 2011. قبل نحو شهر واحد أو أقل كان سعر صرف الدينار التونسي أمام الجنيه رسميا 7.93، واليوم أصبح 9.65 جنيه. وهو سعر تبادل غير مسبوق بين العملتين.. وأمس الخميس 19 يناير/كانون الثاني أرخت الأزمة الاقتصادية ظلالها على الكتاب، الذين طالب كثير منهم بضرورة دعم الأغلبية التي ساوى الغلاء بينها، فيما الحكومة تواصل بث رسائل الطمأنينة التي لم تعد تجد آذانا صاغية لها. ومن أبرز التقارير الحكومية: وافق مجلس الوزراء على ضوابط منح صفة الضبطية القضائية لموظفى الجهات الإدارية في الدولة، وذلك من خلال وزارة العدل، وتشمل ضوابط منح صفة الضبطية القضائية لموظفي الجهات الإدارية ما يلي: أن يكون منح صفة الضبطية القضائية بالاتفاق بين كل من وزير العدل، والوزير المختص وضرورة أن يكون للمختص الذي تمنح له صفة الضبطية القضائية صفة الموظف العام بمفهومها المحدد قانونا، وأن تمنح صفة الضبطية القضائية في نطاق دائرة اختصاص الموظف المكاني المحدد سلفا، وأن تتصل صفة الضبطية القضائية بأعمال شؤون وظيفته، وأن يكون الضبط بمناسبة ارتكاب جريمة جنائية وليست مخالفة إدارية.. ومن أخبار الحكومة أيضا، ترأس الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، اجتماع مجلس إدارة وكالة الفضاء المصرية، في مقرها الجديد، بحضور الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور شريف صدقي الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، وأعضاء مجلس إدارة الوكالة. وأكد مدبولي أن الدولة تُقدر الدور الحيوي الذي يقوم به هذا الصرح العلمي البارز، وتدعم جهوده في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومن أخبار الأوقاف: كلف وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، رئيس القطاع الديني وجميع المديريات الإقليمية من الانتهاء من وضع الخطة الدعوية لشهر رمضان المبارك في موعد أقصاه 15 رجب، بما في ذلك خطة التهجد والاعتكاف والدروس والندوات والمقارئ القرآنية. ومن الاخبار التي لاقت اهتماما: نفى أحمد عبد الهادي بكير المتحدث الرسمي للشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، ما تم نشره حول تنظيم رحلة إلى مدينة القدس، وزيارة تل أبيب. وأكد متحدث مترو الأنفاق أن هذا الخبر عار تماما من الصحة، مضيفا أنه تم اختراق الصفحة الخاصة بجمعية الحج والعمرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ونشر إعلان عن تنظيم الرحلة لا أساس له من الصحة. ومن أخبار الأحزاب: أعلن النائب السابق طلعت خليل، الأمين العام المستقيل لحزب المحافظين، ومقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي في الحوار الوطني، أن سبب استقالته من منصبه الحزبي هو إعادة هيكله الحزب، وأعلن ترشيح المهندس محمد أمين لمنصب المجلس التنفيذي.
الخبز البلدي
من أهم الأخبار التي ظهرت مؤخرا، واهتم بها الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” فكرة طرحها الدكتور علي المصيلحىي وزير التموين والتجارة الداخلية. وهي طرح الخبز البلدي لغير حاملي البطاقات التموينية بالتكلفة الفعلية. ويقدر الخبراء التكلفة بـ90 قرشا. وإذا تم طرح الرغيف بجنيه يكون مناسبا للمستهلك وللمخابز. فقد وصلت أسعار الخبز إلى جنيه ونصف الجنيه و2 جنيه. وتفنن أصحاب المخابز في وزن وسعر الرغيف البلدي والفينو، وأظهرت أسعار المخبوزات الجوانب السيئة لهم. ولا عذر لأصحاب المخابز في سلوكهم الاستغلالي الجشع. الدولة توفر لهم الدقيق والطاقة بأسعار مناسبة. وعن كيفية تنفيذ الفكرة، قالت الوزارة: سيتم تحديد سعر الخبز بالتكلفة وأقل من سعر الخبز الحر في الأسواق، حيث يستطيع المواطن ممن ليست لديه بطاقة تموين، الحصول على الخبز البلدي بكارت ذكي. من المعلوم أن الدولة تدعم رغيف الخبز لـ72 مليون مواطن، حيث يتم صرف 5 أرغفة يوميا لكل مواطن مقيد في البطاقة بسعر الرغيف 5 قروش. وقال عبد الله غراب رئيس الشعبة العامة للمخابز في الاتحاد العام للغرف التجارية، إن الفكرة طرحتها الشعبة على الوزارة، وتقضي بالسماح للمخابز البلدية التي تنتج الخبز المدعم بطرح خبز «حر» بالتكلفة الفعلية لإنتاج الرغيف، لغير حاملي البطاقات التموينية. كما تقضى بإتاحة كارت ذكي بأسعار مختلفة يستطيع المواطن شراءها من الأماكن التي ستحددها وزارة التموين وفقا لاحتياجاته من الخبز والتوجه إلى المخابز البلدية التي ترغب في طرح الخبز «الحر» بالتكلفة الفعلية. وأوضح أن كروت صرف الخبز لن تكون بأسعار مرتفعة. ويمكن للمواطن شراء الكارت وشحنه بأي قيمة مالية. وأكد أن سعر رغيف الخبز في هذه الكروت أقل من 90 قرشا. الكلام سهل والتصريح يحمل بشرى للمواطن، لكن للأسف غير منظم. وأعتقد أنه يحتاج إلى تبسيط أكثر. ومواجهة حاسمة مع المخابز التي تستغل غياب الرقابة، وتلتهم المواطن بأسعار مبالغ فيها. فإذا كانت تكلفة الرغيف البلدي في مخابز التموين 65 قرشا، فكيف تبيعه المخابز بجنيه ونصف الجنيه.
حفنة إرهابيين
يأمل جلال عارف في “الأخبار” أن تصل الرسالة واضحة من قمة القاهرة الثلاثية بين مصر وفلسطين والأردن مؤخرا، التي عقدت في ظروف يعرف العالم كله مدى خطورتها، بعد التطورات الأخيرة التي جاءت باليمين المتطرف لحكم إسرائيل، لتجعل من الموضوعين على قوائم الإرهاب الدولي مسؤولين عن دعم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وعن تأمين الاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في قدسنا العربية. القمة الثلاثية في القاهرة تقول بوضوح، إن السلطة الفلسطينية ليست وحدها في مواجهة هذه الهجمة الفاشية من اليمين العنصري الإسرائيلي. وإن شعب فلسطين سيجد – كما كان الأمر دائما – كل الدعم والمساندة في معركته المشروعة من أجل نيل حقوقه، وإقامة دولته واسترداد قدسه الأسيرة. إن ما تفعله عصابات اليمين التي أصبحت تحكم في إسرائيل لا يهدد بتفجير الأوضاع مع شعب فلسطين، وإنما يهدد أمن واستقرار المنطقة كلها وإذا كانت الأطماع الصهيونية تتوهم أن قضية فلسطين يمكن أن تتراجع عن كونها القضية المركزية للوطن العربي كله.. فإن عليها أن تراجع حساباتها. فاللعبة مكشوفة، والوعي كامل بأن الخطر يتجاوز حدود فلسطين، وأن الأطماع الصهيونية لن تتوقف، وأن الهدايا «المجانية» التي تلقتها من أطراف عربية راهنت على أن تجنح إسرائيل للسلام، لم تنجح إلا في صعود أمثال بن غفير ليقتحموا الأقصى ويحكموا الضفة ويواصلوا تفجير الموقف، حتى خرج عشرات الآلاف من الإسرائيليين أنفسهم يعلنون الوقوف ضد فاشية تهددهم بالحرب الأهلية وتضع مستقبلهم رهينة عند اليمين الفاشي. القمة الثلاثية ألقت الضوء على المواقف الثابتة في دعم الحق الفلسطيني. والبيان الختامي كان رسالة واضحة ترفض كل الممارسات الفاشية لليمين الإسرائيلي الحاكم، وتطلب من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته قبل أن ينفجر الموقف، وقبل أن ينجح اليمين الفاشي في إسرائيل في سلك الطرق التي تحميها الشرعية الدولية لإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس. رسائل قمة القاهرة واضحة وحاسمة.. هل تفهم إسرائيل؟ وهل يتحرك المجتمع الدولي؟ أم يترك مصير المنطقة في يد مهاويس مثل بن غفير لا يتورعون عن إثارة حرب دينية لا يعلم مداها إلا الله؟
لا مفر منها
المؤكد وفق ما يرى عماد الدين حسين في “الشروق”، أن هناك أسبابا خارجية وأخرى داخلية للأزمة الاقتصادية الراهنة، وقد لا تكون الحكومة قادرة على توفير كل ما يحتاجه السوق من دولارات، لكن المؤكد أن هناك إمكانية لقيام الحكومة وأجهزتها المختلفة بالتخفيف من حدة الأزمة، عبر إجراءات محددة. سمعت زميلا صحافيا يقول إن أحد أصحاب الأبقار في قريته يبيع كيلو اللبن للتاجر الأول بثمانية أو تسعة جنيهات فقط، في حين أنه هو شخصيا يشترى هذا الكيلو من التاجر الأخير بأكثر من 23 جنيها، وقد تبيعه بعض المراكز التجارية الكبرى بثلاثين جنيها. وسمعت آخرين على مدى الفترة الأخيرة يتحدثون عن الموضوع نفسه، لكن عن سلع مختلفة ومتنوعة. وبالتالي السؤال: هل هناك منطق اقتصادي أو اجتماعي أن يكون مكسب التاجر أو سلسلة الوسطاء خمسة أضعاف السعر الأساسي؟ وإذا كنا سنقدم الدعم أليس من المنطق أن يذهب أساسا للمنتج الحقيقي وهو المزارع أو الصانع؟ مرة أخرى أنا اليوم لا أتحدث عن جوهر الأزمة الاقتصادية، التي نعاني منها في الفترة الأخيرة، ويعاني معنا العديد من دول العالم بدرجات مختلفة، وتقول الحكومة كثيرا إنها أزمة عالمية، وبالتالي لا يمكنها التدخل كثيرا. نعم هي أزمة عالمية في بعض جوانبها وتأثر بها كثيرون في العالم وفي منطقتنا، لكن هناك أسبابا داخلية أيضا، أحدها وليس كلها دور المحتكرين والوسطاء. أدرك أن العرض والطلب هو القاعدة الأساسية التي تحكم نظام الأسواق في كل بلدان العالم. وأدرك أيضا أن تطبيق التسعيرة الجبرية لن يجدي نفعا إذا كان هناك خلل كبير في ظل زيادة الطلب وقلة العرض. أدرك كل ذلك، لكن من المؤكد أن هناك هامشا تستطيع أن تتحرك في ظله الحكومة وأجهزتها المحلية والرقابية المختلفة لتطبيق مفهوم «الدور المنظم»، في ظل أن الحكومة انسحبت من العديد من دور المنتج في سلع وبضائع استهلاكية مختلفة.
أقوى من الحكومة
الحكومة تحدثت أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة عن أسعار استرشادية للسلع الأساسية، لكن كل ذلك وفق ما أكد عماد الدين حسين، لم يلمسه المواطن كثيرا وهو يشتري هذه السلع، وهذا يعني أن هناك شبه غياب كامل عن السيطرة على سلسلة الوسطاء الكثيرين والمحتكرين، خصوصا للسلع الأساسية. صحيح أن ارتفاع أسعار الدولار هو عامل حاسم في تسعير العديد من السلع، التي تدخل في إنتاجها عناصر ومكونات ومستلزمات مستوردة، لكن الأصح أيضا أن العديد من السلع الأساسية تراجعت أسعارها عالميا في الفترة الأخيرة، بل عاد بعضها إلى مستويات ما قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل شهور. ومن هذه السلع القمح وغالبية الحبوب، خصوصا بعد استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية. هناك سلع مهمة جدا لكل الناس اسمها رغيف الخبز. الحكومة مشكورة ما تزال رغم كل الأزمات تبيع الرغيف المدعم لـ70% من المواطنين بخمسة قروش وهو أمر مهم جدا. لكن ما يحدث في سوق الخبز الحرة أو السياحية لا يمكن فهمه تحت أي منطق. كانت الحكومة قد حددت أسعارا للرغيف الحر بالاتفاق مع اتحاد الغرف التجارية، طبقا لوزن الرغيف، لكن أصحاب المخابز ضربوا بهذا الاتفاق عرض الحائط، وصار الرغيف الذي كان يباع بربع جنيه قبل فبراير/شباط الماضي، يباع بأكثر من جنيه الآن. وهناك أرغفة تباع بجنيهين. وبالتالي فالمواطنون يسألون سؤالا بسيطا وهو: ألا يمكن أن يكون هناك مكسب عادل لصاحب المخبز بحيث لا يتجبر؟ وهل الأسعار الحالية منطقية أم لا؟ نعود إلى سلسلة الوسطاء وللأمانة هى مشكلة مزمنة منذ سنوات، والضحية فيها المنتج الأصلي والمستهلك النهائى والكاسب الوحيد هم سلسلة الوسطاء والمحتكرين. هناك فرصة ذهبية للحكومة كي تبعث برسالة مهمة للمواطنين، بأنها تشعر بمعاناتهم وتضحياتهم وهمومهم إذا وجهت ضربات قاضية للرؤوس الكبيرة من المحتكرين. إن معظم هؤلاء معرفون بالاسم لدى الحكومة وأجهزتها الرقابية.
فترة عصيبة
العالم يعيش حالة فوضى، أو وفق توصيف جميل مطر في “الشروق” في حالة «اللانظام»، وهي الصفة التي اختار السفير ووزير الخارجية السابق نبيل فهمي أن يستخدمها من بين صفات عديدة ليقرب إلى الأذهان الحالة الراهنة للعالم. تحمل هذه الصفة معاني محددة، فهي تعني أن العالم، وأقصد هنا النظام الدولي كما عرفناه وعشنا في ظله مدة ثلاثة أرباع القرن، يتحول تدريجيا ومفهوميا نحو نظام آخر، وأننا رأيناه خلال رحلة تحوله أو انتقاله – إن صح التعبير – يفقد ثلاث سمات تميز بها، وكان قد اكتسبها عند التأسيس في نهاية الحرب العالمية الثانية. أما هذه السمات فأولها توفر قواعد عمل معلنة تلتزم بها الدول وغيرها من العناصر الفاعلة من أعضاء النظام، وثانيها وجود أنماط تفاعل متفق عليها بين أطراف النظام، وثالثها القبول بأطر واضحة تميز هذا النظام عن غيره من التجمعات أو التشكيلات، كالاتفاق مثلا على حدود تفصل بين النظام الدولي ونظام فضائي أو نظام تكنولوجي أو نظام عرقي. نعرف الآن أن النظام الدولي تعرض خلال الشهور الأخيرة، كما ذكرت، إلى جملة من التطورات المعقدة والهزات العنيفة، تسببت في انهيار هذه السمات الثلاثة في تدرج ملحوظ، بما يعني في النهاية انفراط النظام من أساسه. نحن الآن نعيش المرحلة الانتقالية على طريق هذه النهاية. المثير في هذا التطور أنه ترافق مع تطور مماثل في النظام الإقليمي العربي، والغريب أن النظام العربي كان الوحيد بين نظم إقليمية أخرى ترافق انحداره مع انحدار النظام الدولي. نلاحظ انتكاسات أو تكاسل في أداء النظام الافريقي، وفي نظام جنوب شرقي آسيا، وفي نظام الأمريكتين، كما نقف شهودا هذه الأيام على تغيرات عميقة في السمات الثلاث، التي أسست للنظام العربي. نشهد وبوضوح انهيار التزام الدول الأعضاء بقواعد عمل النظام قاعدة بعد قاعدة. نفقد الالتزام المشدد بدعم قضية فلسطين، نفقد أيضا الالتزام بقيمة هوية النظام، وأقصد عروبته. بمعنى آخر نشهد تراجعا في الالتزام بصدارة العروبة في قائمة هويات الإقليم. نفقد أيضا الإصرار على الحفاظ على سلامة الحدود الخارجية للنظام ومتانتها.
ثرواتنا في خطر
في كل مكان تقريبا من العالم العربي، والكلام ما زال لجميل مطر، نشهد تجاوزات في التزام الآخرين احترام هذه الحدود. نرى اختراقات باستخدام الدين والطائفة والقوة العسكرية والهجرة البشرية، نراها في وضوح صارخ في حدود النظام الجنوبية، خاصة على حدود السودان وفي وضوح أيضا على حدود النظام الشرقية مع إيران ومواقعه الغربية مع إسرائيل ومناطقه الشمالية مع تركيا. هذه الاختراقات وغيرها من أنواع التدخلات تهدد هويات أقاليم عربية شاسعة، وفي الوقت نفسه تهدد أمن النظام على حدوده كافة، فضلا عن أنها صارت تؤثر وبعنف شديد في أنماط العلاقات العربية الداخلية، أي بين الدول العربية ومع بعضها بعضا، وتؤثر كذلك في أنماط التفاعلات العربية مع القوى الخارجية. نلاحظ أيضا التدهور الشديد في أوضاع الأمن وعدم الاستقرار وتداخل الهويات والولاءات في مناطق حدود النظام، نلاحظه في المغرب العربي على الحدود، وفي العلاقات بين الجزائر والمغرب، وبين المغرب وإسبانيا، وبين الجزائر ومالي، وبين ليبيا وتشاد. نلاحظه بين سوريا وتركيا، وبين العراق وتركيا، وإن مكتوما بين العراق وإيران، ونلاحظه بين السودان وكل جيرانه الأعضاء في النظام الافريقي، وبين الصومال وكينيا، وبين المملكة السعودية واليمن من ناحية، وإيران من ناحية أخرى. عشناه لسنوات ونعيشه في سيناء على حدود مصر الآسيوية، كجزء من تغيرات واسعة ترتبط بخريطة سياسية لإسرائيل، خريطة لم تكتمل بعد ولن تكتمل في الأجل المنظور، ما يعني في الحقيقة أن النظام العربي سوف يبقى ناقص الاكتمال حتى ذلك الحين. لا تخفى حقيقة أن الدعوة لإقامة نظام إقليمي شرق أوسطي سوف تبقى معنا، تتوارى حينا وتكشف عن نفسها في حين آخر، متأثرة بحدة التطورات في كل المناطق الحدودية للنظام الإقليمي العربي. المدهش في هذا الموضوع هو أن العرب ليست لهم مطالب مشروعة أو غير مشروعة في أراضٍ أو مواقع تخضع لنظام إقليمي مجاور إلا في ما ندر، بينما لجميع حكومات دول الجوار، دون استثناء مطالب في أراضينا وثرواتنا.
كلام الناس
كلام الناس لا بيقدم ولا يأخّر.. كلام الناس ملامة وغيرة مش أكتر.. هكذا ترى كلمات أغنية الفنان جورج وسوف.. والحقيقة التي اعتقدها عبدالغني عجاج في “المشهد”، أن كلام الناس مهم جدا، فكلام الناس على مدرجات كرة القدم يغير مدربين ويدفعهم للتخلي عن مواقعهم، إذا ما ساءت نتائج فرقهم، وكلام الناس على المدرجات عندما يتحول إلى هتافات يضع بعض اللاعبين على القمة، مثلما تفعل جماهير ليفربول الإنكليزي عندما تغني وتهتف باسم محمد صلاح، وكلام الناس على مدرجات الملاعب الرياضية هو ما يدفع بعض اللاعبين إلى الاعتزال وترك الملاعب قبل أن يتعرضوا للطرد من حشود الناس الغاضبة.. وإذا تعددت شكاوى سكان عمارة وتوافقت آراؤهم على سوء الخدمات التي يقدمها مأمور العمارة، أو رئيس مجلس إدارتها تكون النتيجة إما حدوث صراع في العمارة أو أن يترك رئيس مجلس الإدارة مكانه لآخر يستطيع أن يتفاهم بصورة أفضل مع السكان ويوفر لهم الخدمات التي يحتاجونها. وفي العلوم السياسية، وكما درسنا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فإن كلام الناس يمكن وصفه بـ(الرأي العام) والرأي العام يعني أنه يعبر عن آراء أكبر عدد من الناس، أو لنقل الأغلبية ولو كانت نسبية.. والرأي العام يكون حول الموضوعات التي تهم أكبر عدد من الناس، فلا يوجد رأي عام حول أيهما أجمل الشمس أم القمر، ولا يوجد رأي عام حول اقتناء الماس أو الذهب، فالرأي العام من صفاته أنه يمس حياة أكبر عدد من الناس، ولذلك نجد كلام الناس أو (الرأي العام) حول كفاءة الخدمات الصحية، وجودة التعليم وأسعار السلع والخدمات، التي لا يمكن الاستغناء عنها ولا تعتبر في حال من الكماليات، فببساطة لا يوجد رأي عام حول سعر السيمون فاميه أو الكافيار أو الكاجو، ولكن يوجد رأي عام حول سعر السمك البلطي والمكرونة والزيت والأرز والسكر والشاي.
احذروا غضبه
من صفات الرأي العام كما وصفه أستاذ العلوم السياسية والمفكر الراحل حامد ربيع الذي استشهد به عبدالغني عجاج، أنه مثل المرأة اللعوب، فلا ضمانة لاستمرار الرأي العام كما هو دون تغيير لفترة زمنية ما، فالرأي العام الذي يصفق لمدرب اليوم قد يسبه بعد أيام ويطالب برحيله. كما علمنا الدكتور حامد ربيع، أن احترام كلام الناس الشعب أو الرأي العام، يعد من دلائل وعلامات أي نظام ديمقراطي.. وأن النظام الديمقراطي يهتم جدا بدراسات الرأي العام واتجاهات الرأي العام، بل يغير من سياساته استجابة لكلام الناس، أو الشعب أو الرأي العام. وحكى لي أساتذتي في الهيئة العامة للاستعلامات من الرعيل الأول، أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان يهتم جدا بتقارير الرأب العام التي تعدها الهيئة، من خلال مراكز ومجمعات الإعلام الداخلي المنتشرة في كل أنحاء مصر، بل أكدوا أن ناصر رحمه الله كان يطلب من رئيس هيئة الاستعلامات موافاته بتقرير عن نكات الناس، كما هي دون تعديل أو تخفيف، حتى لو كانت تتعلق به هو شخصيا. الخلاصة مع الاعتذار لكلام الأغاني يمكن القول إن كلام الناس يقدم ويؤخر، وكلام الناس نقد وتوجيه ونصح.. كلام الناس أو كلام الشعب أو الرأي العام يجب التعامل معه بكل الجدية والاحترام والاهتمام، بل يجب عدم السخرية من كلام الناس أو توجهات الرأي العام.
حماس لا تنسى
نتحول نحو رمز الصمود في صحبة جيهان فوزي في “الوطن”: في شهر أبريل/نيسان عام 2016 أعلنت كتائب القسام لأول مرة عن وجود 4 جنود إسرائيليين أسرى في حوزتها، من بينهم الجنديان شاؤول آرون، وهدار غولدن، اللذان أسرا خلال الحرب على قطاع غزة صيف عام 2014، أما الجنديان الآخران فهما أفيرو منغيستو وهشام السيد، اللذان دخلا قطاع غزة في ظروف غامضة، ولم تُفصح الحركة عن مصير المحتجزين الأربعة، ولم يُعرف مكان احتجازهم. وفي منتصف الشهر الماضي، هدّد يحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة، بإغلاق ملف المفاوضات بشأن تبادل الأسرى مع إسرائيل بشكل نهائي، ردا على مماطلة تل أبيب في قضية تبادل الأسرى، ويبدو أن هذا التهديد جاء كمعادلة ردع جديدة تكرّسها المقاومة الفلسطينية في إدارتها لملف الأسرى. من خلال الحرب النفسية التي تمارسها والخطوط الحمر، التي تضعها، وصولا إلى الشروط التي تفرضها في أي صفقة تفاوض جديدة، في وقت يوصف بالحساس جدا بالنسبة لإسرائيل، نظرا للأزمات الداخلية المتصاعدة التي يعاني منها، فكان اختيار «القسام» الجناح العسكري لحماس لهذا التوقيت كرسالة مدوية لحكومة الاحتلال لا تقل فاعليتها وآثارها عن ضرباتها الصاروخية. من هنا جاء الفيديو الذي بثته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس للجندي الإسرائيلي الأسير لديها أفيرو منغيستو، وفي هذا التوقيت الحساس، كرسالة واضحة لإسرائيل تتزامن مع تغيير رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافى، للتأكيد على فشل مؤسسته العسكرية، وكذبه على شعبه وحكومته بإنجازات مدّعاة ووهمية، كما أنها رسالة أخرى موجّهة إلى رئيس الأركان الجديد هيرتس هاليفى بأن يعد نفسه جيدا لحمل أعباء هذا الفشل وتوابعه على إسرائيل. وجاء بث الشريط المصور في ظل الحديث الدائم عن عقد صفقة لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، وظهر الجندي الإسرائيلي في الفيديو خائفا ومذعورا، وصوت تغيرت نبرته (حسبما أكده شقيقه) وهو يتحدث قائلا: «إلى متى سأظل هنا أنا ورفاقي بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والألم؟ أين دولة وشعب إسرائيل من مصيرنا؟». وعلقت حركة حماس عقب نشر الفيديو للجندي الإسرائيلي الأسير منغيستو بأن تل أبيب لن ترى جنودها الأسرى لدى كتائب القسام إلا في صفقة تبادل مشرفة.
المقاومة لن تتنازل
من القضايا المهمة التي تنتظر اهتمام نتنياهو هي قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الأربعة، الذين تحتجزهم «حماس» في قطاع غزة. لقد وضع الفيديو الذي تم بثته حماس مؤخرا، إسرائيل في مأزق أمام أهالي الأسرى، من أجل معرفة مصير أبنائهم، وفق ما أوضحت جيهان فوزي: هم يتهمون الحكومة الإسرائيلية بالتقصير في هذا الملف، وتشكل مثل هذه الانتقادات الموجّهة إلى دوائر صنع القرار، بعدم إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، استمرارا للاتهامات المتلاحقة للحكومة والجيش والمخابرات، بإهمال الأسرى وعائلاتهم وتركهم وحدهم في مسيرتهم لاستعادة أبنائهم، فضلا عن الشعور بالخيانة تجاه عائلات الأسرى الإسرائيليين، حيث تمارس حكومتهم ووزراؤها حالة من التجاهل والتغاضي عن مطالبها. ولأن إسرائيل تدرك أنه لا بد من أن يكون هناك ثمن مقابل نشر فيديو منغيستو الجندي في جيش الاحتلال، وتعلم أنه لا يوجد شيء دون مقابل في ظل الصراع القائم، وعلى الرغم من عدم الإعلان الرسمي لأي اتفاق بشأن صفقة تبادل الأسرى، فإن القناة 12 العبرية نشرت تقريرا حول صفقة تبادل للأسرى تلوح بالأفق، قائلة إنها تأتي على خلفية تبادل رؤساء الأركان، وتوثيق فيدو للأسير أفيرو منغيستو، الذي بثته حركة حماس، وهناك تفاصيل جديدة حول مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وغزة. وفي الوقت الذي بثت فيه إذاعة كول الإسرائيلية مقابلة مع الصحافى يوني بن مناحيم، ادعى فيه أن الثمن هو الاتفاق الذي جرى برعاية طرف ثالث، تحصل مقابله حركة حماس على ضمانات بعدم المس بقياداتها في غزة ووقف الاعتقالات في القيادات السياسية لحركة حماس في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تدفق الأموال القطرية لقيادة الحركة في القطاع، وتقابلها وعود من قِبل الحركة بخطوات ومبادرات حُسن نية تجاه حكومة نتنياهو، الذي يعمل على تبريد جبهة غزة، وفق اتفاقيات سابقة، ويحرص على تفعيلها للتفرّغ لملف معركته مع المعارضة الداخلية، وتحقيق برنامجه، بما يخص النقب والضفة الغربية.
لا يحتاج مسرحية
لأن العلماء هم ركائز الأمة، ونهضة علمها وتجديد عقول ووعي شبابها، الذين يتوارثون عنهم كل العلوم الإنسانية، لكي ينفعوا بها البشرية، فليس من العقل والمنطق على حد رأي الدكتور نصر محمد غباشي في “الأهرام” بأن يكون هناك هجوم على فضيلة الإمام الشيخ الشعراوي؛ لأن هناك عملا مسرحيا سوف يجسد شخصيته في شهر رمضان المقبل، فانطلقت الأصوات تطالب بعدم عرض هذا العمل، معللين ذلك بأسباب كلها كذب وافتراء على فضيلته. وبغض النظر عن ما إذا كان هناك عمل فني يجسد السيرة العطرة لفضيلة الإمام من عدمه، فهو ليس في حاجة له، لكي يعرفه الناس من خلاله؛ لأنه محفور في قلوب الملايين من البشر، وعلى ذلك كان يجب عدم إثارة وتهييج الرأي العام، واستفزاز مشاعر المسلمين في العالم كله، من أقوال ومغالطات تنال من شيخ جليل قد بلغ مرتبة من العظمة، وعلو المقام لم يبلغها أي عالم في هذا الزمان. وعلى كل مسؤول أن يفطن ولا يزج بنفسه في هذه المسائل شديدة الحساسية؛ لأن المجادلة نحو تفسيرات عالم جليل في شرح خواطر الدين، في حق شخصية محاطة بقلوب المؤمنين، فيه امتهان وحط من قدره وازدراء له؛ لأن الشعراوي لم يكن متطرفا ولا متعصبا، ولا له كتب أو فتاوى استخدمها دعاة التطرف لتنفيذ جرائمهم الإرهابية، بل كان أهلا للثقة، ومؤلفاته منارة للعلم ومنبرا للوعي والفكر، وتدرس في مراحل المدارس التعليمية، وأراد الله به خيرا له وللأمة الإسلامية، وفقه إلى حمل كتابه ففقهه في الدين، فيجب على كل مسؤول تنفيذي عدم التعرض لهذه الأحاديث، لكسب ثقة الرأي العام، وعدم تعرضه للنقد المباح من قبل الرقابة الصحافية والشعبية، حتى لا يفقد صلاحيته ونزول مكانته، ونتمنى أن يكون هناك توجيه إلى كل مسؤول حكومي يتولى الوظيفة العامة، عدم التعرض بالحديث في المسائل الدينية لوسائل الإعلام، التي تتعلق بتقييم العلماء من رجال الدين، لأن قداسة هذه المكانة لها رجالها من الفقهاء الذين لهم حق الرد في هذه العقائد الدينية والمسائل الفقهية، دون النيل من قدر العلماء.
عداء قديم
اعترف فاروق جويدة في “الأهرام” بما يلي: بيني وبين فصل الشتاء جفاء قديم، فأنا لا أحبه وأحاول دائما أن أتجاوز الخصومة معه، ولكنني لم أكن سعيدا به في يوم من الأيام، وكان عندى عدد من الأصدقاء والأحباب يعشقون الشتاء ويستمتعون بكل شيء فيه صقيع وبرد، وكنت دائما أرفض السفر لدول الجليد، ولي ذكريات قاسية فوق جبال الهيمالايا في كشمير، عانيت فيها كثيرا في فصل الشتاء.. وحين زرت شمال أوروبا لم أنس صقيع الدنمارك والسويد والنرويج، وتجنبت أن أغامر بعد ذلك وأزور بلاد الجليد، وبقدر ما كرهت جليد الشتاء بقدر ما أعاني من حرارة الشمس في فصل الصيف وأحب كثيرا ذكرياتى مع ربيعنا القديم، حين كان لدينا فصل جميل يسمى الربيع.. وكانت ليالي الشتاء الطويلة أكثر ما يزعجني، خاصة عندما كنت أذهب في الصباح الباكر إلى المدرسة وأمشي في الحقول ثلاثة كيلومترات تحيط بي العواصف والأمطار، ولا أستطيع أن أعتذر، من يومها ترك الشتاء في حياتي لحظات قاسية، لا أحب أن أعيشها مرة أخرى.. والشيء المؤلم أن الفصول تداخلت في بعضها وسرقت شهورا وأياما من مواعيدها، لقد سرق الصيف بعض أيام الخريف، وسرق الشتاء أياما من الصيف، واختفى فصل جميل كان يسمى الربيع.. وأصبح من الصعب أن تجد فصلا من الفصول في مكانه.. وفي زمان مضى كنت أحب الخريف فهو فصل شاحب وقادر على أن يتحمل سخافات الفصول الأخرى لأنها كثيرا ما تسخر من هدوئه، ولكنه يعاني كثيرا من إحساسه ومشاعره، ولذلك فهو من فصول الإبداع والإحساس، وهو دائما يشعر بالغربة لأن الناس لا تعرف قدره، وتفضل بقية الفصول عليه.. حتى إن البعض يطلق عليه فصل الشيخوخة حين نتحدث عن خريف العمر، وقد يكون هذا الخريف أجمل سنوات الرحلة.. ما زلت أنتظر الربيع القديم، وأشاهد الحدائق وقد لبست ثيابها الخضراء وعادت العصافير تغني وربما عاد القلب يحب من جديد.. عندي أسباب كثيرة تجعلني لا أحن إلى الشتاء لأن دفء الشتاء أصبح مستحيلا.. إن الشتاء هو الحب ومنذ غاب الحب زادت برودة الأيام واشتدت العواصف وانسحبت المشاعر وطلب الحب إجازة..