لندن – “القدس العربي”:
تحت عنوان “كيف يمكن لتونس أن تنقذ اقتصادها.. كل شيء متعلق بالديمقراطية يا غبي”، نشرت مجلة “فورن بوليسي” مقالا مشتركا للسيناتور وعضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ كريس كونس، وعضو مجلس النواب الأمريكي دافيد برايس، واللذان كانا، في الشهر الماضي، ترأسا وفداً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومن المجلسين في الكونغرس الأمريكي زار تونس، العاصمة التونسية، والتقى بالرئيس التونسي قيس سعيد.
وأشاد البرلمانيان في بداية مقالهما بالثورة التونسية، وكتبا أنه في الفترة ما بين كانون الأول/ ديسمبر من عام 2010 وكانون الثاني/يناير من عام 2011، ألهم الشعب التونسي العالم بما أطلقه من انتفاضة من أجل الديمقراطية استمرت ثمانية وعشرين يوماً، غدت تعرف باسم “ثورة الياسمين”، وأفضت إلى الإطاحة بالدكتاتور زين العابدين بن علي، الذي جثم على صدر البلاد والعباد دهراً طويلاً.
وأشارا إلى أن كثيرين يرون أن ثورة الياسمين هي التي أطلقت شرارة الربيع العربي على نطاق أوسع، وبعده ظلت تونس لسنوات صامدة باعتبارها الديمقراطية العربية الوحيدة التي لديها قصة نجاح مكنتها من النجاة.
وأن البلاد تبنت دستوراً تقدمياً وجامعاً، ثم نظمت انتخابات حرة ونزيهة، رئاسية وبرلمانية، في عام 2014 ثم في عام 2019.
وكانت أربع منظمات رائدة تنشط في المجتمع المدني التونسي قد منحت في عام 2015 جائزة نوبل للسلام على جهودها في تأمين هذا النظام الدستوري الجديد.
لكن حكاية تونس الجميلة ما لبثت أن فقدت بريقها، فبعد مرور عقد فقط على انطلاق ثورة الياسمين، ها هي الديمقراطية في البلاد تناضل دفاعاً عن وجودها، كما أكد البرلمانيان.
ولفتا أنه في سلسلة من الخطوات الجريئة على مدى العام الماضي، اتخذ الرئيس التونسي قيس سعيد -والذي كان قد انتخب ديمقراطياً في عام 2019- قرارات بحل البرلمان، وإحالة كافة صلاحياته إلى نفسه، وتولي كامل صلاحيات السلطة التنفيذية، وحل المؤسسة القضائية التي كانت تمارس دور الرقيب، وتعيين موالين له في الهيئة المشرفة على إجراء الانتخابات في البلاد.
وأشار الكاتبان أنه في البداية، ساند التونسيون بشكل عام الخطوات التي اتخذها سعيد، حيث زعم الرئيس أنه كان يسعى لإصلاح النظام المشلول، ولكن عندما ضغط عليه منتقدوه، أشار إلى أنه ينوي قريباً إجراء إصلاحات انتخابية، وحدد موعد الانتخابات في كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام.
ويشير الكاتبان أنهما في الشهر الماضي، “ترأسا وفداً من الحزبين ومن المجلسين في الكونغرس الأمريكي إلى تونس، العاصمة التونسية، لنرى بأنفسنا إلى أين تسير البلاد. وهناك التقينا زعماء المجتمع المدني، الذين عبروا عن إحباطات عميقة ولدتها سنوات من الانسداد السياسي والفساد في بلدهم”.
ويشدد الكاتبان على أنه بعد عقد من الديمقراطية، كانت المطالب الأساسية، مثل “الوظائف والحرية والكرامة” -وهو الشعار الذي رفعته ثورة الياسمين- لاتزال بعيدة المنال.
وبدلاً من ذلك غدت البطالة في تزايد، ومستويات المعيشة في تراجع، وأدى نقص الغذاء والوقود إلى تقويض ثقة الشعب بالمؤسسات الديمقراطية، ما ترك كثيراً من التونسيين يبحثون بإلحاح عن سبل مختلفة للمضي قدماً، حيث يمكن في هذا السياق فهم دعمهم لقيس سعيد.
ويلفت البرلمانيان إلى أنه فقط قبل أسابيع من زيارتنا، في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو، قنن قيس سعيد استيلاءه على السلطة من خلال استفتاء على الدستور الجديد الذي صاغه بنفسه.
ويسلب الدستور الجديد الصلاحيات من البرلمان، ويركز السلطة في الرئاسة، في تأسيس للإجراءات التي كان قد اتخذها قيس سعيد حتى حينه.
بالرغم من نجاح الاستفتاء، إلا أن نسبة المشاركة الرسمية المنخفضة التي لم تتجاوز 30.5 بالمئة، والمقاطعة الجماعية من قبل المجتمع المدني، تثبت وجود معارضة متنامية لاعتداءات قيس سعيد على الديمقراطية.
كما يسمح للرئيس بفض البرلمان في أي وقت، ويحرم البرلمان من سلطة سحب الثقة من الرئيس، ويتضمن مواد مقلقة تتعلق بالأمن القومي وقضايا الأخلاق، بما يسمح للدولة بحرمان الناس من حقوقهم.
وفي تصريح لوسائل الإعلام، قال أستاذ القانون الصادق بلعيد، الذي أشرف على صياغة مسودة سابقة للدستور الجديد، ولكنه تبرأ من النسخة النهائية، إن الوثيقة يمكن أن “تمهد السبيل نحو دكتاتورية مخزية”.
وبالرغم من نجاح الاستفتاء، إلا أن نسبة المشاركة الرسمية المنخفضة التي لم تتجاوز 30.5 بالمئة، والمقاطعة الجماعية من قبل المجتمع المدني، تثبت وجود معارضة متنامية لاعتداءات قيس سعيد على الديمقراطية.
ولعل السبب من وراء ذلك هو أن إصلاحات سعيد تكلف تونس كثيراً من تقدمها الديمقراطي، دون معالجة التحديات الاقتصادية، كما يؤكد الكاتبان، وأنه ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً لأحد.
ويرى البرلمانيان أنه بينما يمكن للحكم المركزي أن يستهوي البعض كوسيلة لإنهاء حالة الانسداد السياسي، إلا أن الديمقراطية تبقى أفضل سبيل لضمان الحريات الشخصية والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والحفاظ على الأمن في أي بلد.
ويؤكدان أن تونس الآن على شفا انهيار اقتصادي، وقيمة العملة الوطنية، الدينار التونسي، في هبوط مستمر، وتراجع تصنيفه من حيث السندات.
وفي هذه الأثناء، تشهد أسعار الغذاء والوقود ارتفاعاً حاداً، وذلك بسبب النقص الحاصل في عدد من السلع الاستهلاكية الأساسية مثل الطحين والأرز نتيجة لغزو روسيا لأوكرانيا.
وبالمجمل بلغ معدل البطالة 17 بالمئة، ونسبة البطالة بين الشباب تكاد تكون ضعف ذلك، كما تستمر معدلات الفقر في الارتفاع، بينما يستشري الفساد والمحسوبية.
ويقولان إنه لو كان لدى تونس أي أمل في معالجة أزمتها الاقتصادية، فإنه سيتوجب على قيس سعيد القيام بإصلاحات بنيوية جادة، وضمان الدعم الشعبي الواسع لها.
وبحسبهما لطالما أوصى الاقتصاديون التونسيون باتخاذ إجراءات معينة، مثل خصخصة المشاريع التي تملكها الدولة، ورفع القيود عن النشاط التجاري، لتعزيز تنمية القطاع الخاص ونمو المشاريع.
ولكن بدلاً من الاستماع إليهم، ضاعف قيس سعيد من إنفاق القطاع العام، وتوجه نحو الاقتراض من الخارج لتغذية الاقتصاد التونسي.
وبدءاً من كانون الأول/ ديسمبر 2021، شكل الدين العام ما نسبته 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، وتلوح في الأفق إشارات عن عجز عن السداد.
ويفاوض صندوق النقد الدولي حالياً على حزمة إنقاذ لتونس، لكن هذه ستكون مشروطة باتخاذ إجراءات تقشف مؤلمة، وبخفض للدعم الذي تقدمه الحكومة.
وسوف يتطلب تنفيذ ذلك تأييداً من اتحاد الشغل القوي في تونس، وكذلك من قطاعات أخرى في المجتمع.
وبحسبهما حتى الآن، ما زال اتحاد الشغل متردداً في دخول معترك النزاع السياسي، وتجنب إلى حد كبير توجيه انتقادات مباشرة لإجراءات قيس سعيد.
ولكن في حزيران/ يونيو، نظم اتحاد الشغل إضراباً عاماً ليوم واحد للاحتجاج على الحكومة، وكان ذلك هو أول إضراب له في عهد قيس سعيد، ما يعني أنه قد يتخلى عن موقفه الحالي بالنأي بنفسه عن المعترك السياسي.
وبرأيهما ففي نهاية المطاف، يتطلب تعزيز الاقتصاد التونسي إحياء الديمقراطية من جديد.
وتثبت الدراسات أن التحول الديمقراطي يمكن مع الوقت أن يزيد من الناتج المحلي الإجمالي للبلد بما نسبته 20 في المئة.
ويقولان إنه رغم أنه من الممكن تنفيذ إصلاحات دون ديمقراطية، إلا أن الزعماء يكونون أكثر استعداداً لإجراء الإصلاحات إذا ما دُفعوا نحو ذلك -وكانوا مسؤولين ومحاسبين- من خلال تفويض شعبي.
وهذا ينطبق على قيس سعيد، الذي رغم أنه أدار حملة انتخابية ضد الفساد ومع العدل والمساواة، إلا أن الرئيس لم ينجز ما يستحق الذكر في تلك المجالات، وبدلاً من ذلك تراه مشغولاً بتركيز السلطة في يده.
ومن خلال رفض تطوير أجندة اقتصادية -والسير بالتزامن مع ذلك في اتجاه غير ديمقراطي- فإنه ينفر المانحين الأجانب الذين كان بإمكانهم أن يمدوا بلاده بحبل نجاة من المساعدات التي هي في أمس الحاجة إليها.
ويؤكد الكاتبان أنه بمعنى آخر، يدفع قيس سعيد تونس نحو الفشل.
وبحسبهما يمكن للمانحين مثل الولايات المتحدة أن ينتقدوا الأوضاع في تونس، حتى يساعدوها على تجاوز الآثار المباشرة لإجراءات صندوق النقد الدولي، وضمان قدرتها على الشراء.
فعلى سبيل المثال، منذ عام 2016، تعمل الحكومة الأمريكية مع السلطات التونسية على برنامج مدمج عبر “مؤسسة تحدي الألفية” بقيمة 500 مليون دولار، والذي يستثمر مبلغاً كبيراً في تونس، ويدعم تطوير الميناء والبنية التحتية.
إلا أن ذلك البرنامج المدمج، الذي تم إقراره في شهر حزيران/ يونيو 2021، قيد المراجعة الآن بسبب الإجراءات التي اتخذها قيس سعيد، ولسوف يتخذ مجلس إدارة مؤسسة تحدي الألفية قراراً نهائياً بشأن ما إذا كان سيحول الأموال هذا الخريف إلى موقع آخر.
كما اقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن تقليص المساعدة الاقتصادية والأمنية الأمريكية للحكومة التونسية.
ويذكران أنه في معرض تفسيره للتقليصات المقترحة، صرح ناطق باسم وزارة الخارجية لموقع المونيتور بأنها “تعكس قلقنا الكبير من استمرار التراجع عن المسار الديمقراطي”.
وأقر الكونغرس هذه التقليصات، والتي من المحتمل أن تبقى متضمنة في أي مشروع قانون يتم تبنيه ما لم تحصل تغييرات دراماتيكية في المؤسسات الديمقراطية التونسية.
وليس واضحاً ما إذا كانت هذه التقليصات كافية لإقناع قيس سعيد بتغيير المسار، لكن أياً كان الأمر، لسوف يشعر بها الشعب التونسي.
ويقول البرلمانيان إنه بصفته أستاذا في القانون الدستوري وسياسيا مستقلا، يضفي قيس سعيد شرعية على السياسة التونسية لم تكن تتوفر لأسلافه، فهو يعرض لنفسه صورة الشخص الذي لا يمكن إفساده، والذي يتمتع بسلطة أخلاقية صارمة.
ويؤكدان “عندما التقينا به برر أفعاله باعتبارها إجراءات ضرورية لإصلاح الشلل السياسي، ومحاربة الفساد، واستعادة سيادة الشعب من السياسيين الأفاقين”.
وبحسبهما كان يسيراً رؤية كيف تجد رسالته الشعبية قبولاً في ظروف تونس الاقتصادية الصعبة. إلا أنه وبينما يسعى لتركيز السلطة في جهاز تنفيذي قوي، فإنه يسقط من حساباته أهم نقطة، ألا وهي أن الفصل بين السلطات هو ما يضمن وضع المسؤولين قيد المحاسبة ويمنع استغلال السلطة وسوء استخدامها، إذ لا يوجد بديل عن الضوابط والموازين المؤسساتية.
وبحسب البرلمانيين فكما يتبين من التهديدات الأخيرة التي تعرض لها النظام الانتخابي في الولايات المتحدة، يمكن للديمقراطية أن تكون عملية صعبة وهشة، لكنها نظام الحكم الوحيد الذي يعكس إرادة الشعب.
ويقولان لقد ناضل الشعب التونسي من أجل الديمقراطية أثناء الربيع العربي؛ لأنه اعتقد بأنها كانت أفضل السبل لتحقيق مستقبل مزدهر ومستقر.
وتشير استطلاعات الرأي التي أجراها الباروميتر العربي بأن التونسيين ما زالت لديهم نفس القناعة بالرغم من الإحباط الذي سببه لهم نظامهم السياسي.
ويشدد الكاتبان بأن قيس سعيد نجح في تقويض تقريباً جميع الإنجازات الديمقراطية التي تحققت لتونس خلال العقد الماضي، ولكن لم يفت الأوان للتراجع عن هذا المسار.
وبرأيهما يتوجب على الشعب التونسي وعلى زعماء المجتمع المدني الإعلان صراحة بأنهم لن يتسامحوا مع أي اعتداءات أخرى على الديمقراطية.
وأنه يجب عليهم أن يحاسبوا قيس سعيد بناء على ما كان قد التزم به علانية من تعهد بحماية الحيز المدني وتنظيم انتخابات برلمانية شرعية لا تقصي أحداً بنهاية هذا العام.
لكن إذا اختار الناس في تونس بدلاً من ذلك التزام الصمت والانعزال بينما يستمر قيس سعيد في نفس المسار، فسوف يجدون أنفسهم أبعد ما يكونون عن النجاح الاقتصادي في نفس الوقت الذي يكونون فيه قد ضحوا بحرياتهم الديمقراطية التي كافحوا بشدة من أجل تحقيقها.
ويختم البرلمانيان بالقول إن الازدهار الاقتصادي والحقوق الديمقراطية يعزز بعضها بعضاً، وبإمكان الشعب التونسي أن يحظى بها جميعاً، وهي بالفعل تستحق أن يناضلوا من أجلها معاً.
الديكتاتور لا يستطيع التراجع لانه ارتكب جرائم كثيرة بدأت باغتصاب الوطن و تحويله مزرعه خاصه
ههههها …….طبعا طبعا ……كلمة السر …” التطبيع ” …….مع …كيان الإحتلال و الإستيطان و الإغتيالات و الجدران و التجسس …..وقاحة مات بعدها وقاحة …. خبز و ماء و التطبيع لا …..هل نسي هؤلاء أن كيانهم قصف بالطائرات بلدنا المسالم في 1 أكتوبر 1985 …؟؟؟ و قتل تونسيون أبرياء …؟؟؟ المستقبل لنا و أنتم إلى مزبلة التاريخ ….
لا تخلط الأمور ، ما دخل التطبيع هنا ، تونس أصبحت خاضعة لنظام دكتاتوري ، فلا تحاول تغطية الشمس بالغربال