الجزائر- حسام الدين إسلام:
لم يصنع حزب “جبهة التحرير الوطني” (حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) لوحده مفاجأة الانتخابات النيابية الأخيرة في الجزائر، بتصدره النتائج، ولكن شكل تراجع التمثيل النسوي في البرلمان الحدث، أيضا، بنسبة غير مسبوقة منذ 10 سنوات.
وقبل أيام، أعلن محمد شرفي، رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، نتائج الانتخابات التشريعية التي تصدر فيها حزب “جبهة التحرير الوطني” (الحزب الحاكم في عهد بوتفليقة)، النتائج بـ105 مقاعد.
سيطرة ذكورية
قال شرفي في مؤتمر صحافي، إن “نسبة النساء في التشكيلة الجديدة للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) 8.35 في المئة، ما يمثل 34 مقعدا من أصل 407 مقاعد نيابية.
وأشار إلى أن “التشكيلة الجديدة في البرلمان الجديد ستضم 373 نائبا من عنصر الرجال، بنسبة 91.65 في المئة”.
وترشحت للانتخابات البرلمانية الأخيرة نحو 8305 امرأة في قوائم حزبية وحرة، بحسب السلطة المستقلة للانتخابات.
ويظهر تراجع الحضور النسوي لدى مقارنة النتائج بين الدورة الانتخابية الأخيرة، التي جرت في 12 يونيو/ حزيران الجاري، وبين الدورتين السابقتين (2012 و2017).
ففي 2012، حازت النساء على 146 مقعدا، من مجموع 462 مقعدا نيابيا في البرلمان، بنسبة تمثيل بلغت 31.6 في المئة، ما يعني تراجع حضورها بأكثر من 100 مقعد.
أما في 2017، فشهدت الانتخابات النيابية تراجع النساء في البرلمان بفارق قليل مقارنة بعام 2012، إذ فازت النساء بـ120 مقعدا من إجمالي 462 مقعدا، أي بنسبة 25.97 في المئة.
ويأتي تراجع التمثيل النسوي في البرلمان الجديد عقب اعتماد مبدأ المناصفة والمساواة بين المرشحين (من كلا الجنسين) في قانون الانتخاب الجديد وإلغاء نظام “الكوتة” (المحاصصة)، بحسب متابعين.
“الكوتة” والبرلمانيات
في 11 يونيو/ حزيران الجاري، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن عهد “الكوتة” في الانتخابات انتهى، ووصفه بعهد “الجاهلية”.
وقال تبون، على هامش زيارته مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، إن “الكوتة” كانت في عهد الجاهلية، والانتخابات التشريعية ستكون فرصة للتمثيل الحقيقي ولمن يختارهم الشعب.
وأضاف أن “عهد الكوتة قد ولّى، في ظل احترام القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وفقاً لما نص عليه الدستور والقانون الجديد للانتخابات، وتؤسس بذلك لمرحلة جديدة في الجزائر، تطبيقاً للالتزامات”.
وتبنت الجزائر منذ التعديل الدستوري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، خيار ترقية المشاركة السياسية للمرأة وفقا للقانون”، وفق المادة 31 من قانون الانتخاب.
وتقول المادة: “تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة (البرلمان والمجالس المنتخبة محليا (المحافظات والبلديات)”.
وألزم قانون الانتخاب لعام 2012 تمكين المرأة من ثلث المقاعد في البرلمان مهما جاء ترتيبها في قوائم المرشحين، وذلك في إطار مبدأ المساواة وتعزيز تمثيلها في الحياة السياسية.
ووفق الحكومة آنذاك، فإن “قانون 2012 يهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة، وتحقيق مبدأ المساواة في مجال المشاركة السياسية بين النساء والرجال، تجسيدا لما تقتضيه دولة الحق والقانون”.
المرأة بين سندان “الكوتة” ومطرقة الذكورية
يعتبر الإعلامي المتخصص في الشأن السياسي رفيق موهوب أن “حصول النساء على مقاعد قليلة في البرلمان الجديد جاء في سياق الإقبال الضعيف على الاقتراع وإلغاء نظام الكوتة”.
ويقول موهوب إنّ “خصوصية العملية الانتخابية التي اعتمدت بالدرجة الأولى على الولاء للحزب والعشائرية ساهمت في خفض عدد الفائزات في الانتخابات التشريعية”.
ويرى أن “الحملة التي تعرّضت لها النساء خلال الحملة الدعائية للانتخابات، بعد وصف رئيس حزب المرشحات في قائمته بالفراولة، عكس نوعا ما الصورة النمطية الذكورية لدى الناخب عموما”.
ويستطرد قائلا إن “البرلمان السابق اقترن باسم “برلمان الحفافات” (الحلّاقات أو مزيّنات الشعر)، بحيث تم طرح عنصر الكفاءة النسوية، من دون أن يعني ذلك غياب نماذج قوية لنساء كن ممثلات قويات للشعب”.
وكان نظام “الكوتة” السابق أدى إلى فرض نجاح مرشحات في الانتخابات، على الرغم من عدم حيازتهن مستوى تعليميا عاليا أو تجربة نضالية، ما خلّف انتقادات كبيرة لوجودهن في البرلمان السابق.
وحول ما إذا انتهى عهد “الكوتة” النسائية بتطبيق قانون انتخاب جديد، يوضح موهوب أنه “يوجد في الجزائر تقاليد انتخابية معروفة، قد لا يكون القانون الانتخابي فيها هو الفيصل”.
ويضيف: “ثمة معطيات أخرى تتشكل في المال السياسي والنفوذ والموالاة، كما أن القوانين الجديدة تستدعي وقتا طويلا في الممارسة”.
ويشير موهوب إلى أن “ذلك يعطي للأحزاب والمرشحين هامشا من المناورة، بهدف التحضير والتكوين، وهو ما لم يحدث في الانتخابات البرلمانية السابقة”.
غياب التقييم
من جهته، يقرّ الصحافي المتخصص في الشأن السياسي فيصل مطاوي إلى أن بـ”ضعف التمثيل النسائي في البرلمان الجديد، مقارنة بالبرلمانات السابقة”.
ويقول مطاوي إن “أكثر من 100 امرأة كانت حاضرة في البرلمانات السابقة مقارنة بـ34 امرأة في البرلمان الجديد، وهذا تراجع كبير جدا”.
ويردف: “تمنيت لو وُجد تقييم لأداء البرلمانيات السابقات، هل أعطين إضافة؟ هل دافعن عن حقوقهن؟ وهل ساهمن في النقاش البرلماني؟ لكن لا حصيلة حول هذا الأمر”.
ويرى مطاوي أن “تراجع العنصر النسوي في المجلس الشعبي الوطني مرتبط بإلغاء نظام “الكوتة” (الحصص النسائية) في قانون الانتخاب الجديد، وفتح المجال أمام الانتخاب الحر”.
ويشير إلى أن “ذلك أعطى انطباعا بأن المجتمع لا يرى في تقديم المرأة دورا كبيرا في الحياة السياسية، على الرغم من حضورها في مناصب عليا وسيادية على مستوى صناعة القرار”.
ووفق مطاوي، فإن “هذه العلاقة تحتاج إلى تحليل سوسيولوجي وسياسي معمقين لارتباط ذلك بمعتقدات دينية وفكرية وتقاليد وأعراف اجتماعية”.
ويلفت إلى أن “عدم اهتمام العنصري النسوي نفسه بالحياة السياسية ساهم في هذه النسبة القليلة بالبرلمان الجديد”.
ويعتبر أن “التحدي اليوم أمام نواب البرلمان الجديد من النساء يكمن في قدرتهن على القيام بدور كبير، على عكس زميلاتهن السابقات اللواتي لم يبرزن ولم يستطعن قيادة تشكيلات سياسية ولم يكنّ مؤثرات داخل البرلمان وخارجه”
وبحسب مطاوي، فإن “هذه المشاهد التي عرفتها الساحة السياسية جعلت البعض يفكر بأنّ دور المرأة يظل هامشيا”.
(الأناضول)
عندما اختار الشعب الأسماء و ليس القوائم سقطت نسبة النساء التي كانت تفرض على الأحزاب رغما عن إرادة الشعب ….انتهى عصر ذلك البرلمان و جاء وقت النضال و الوعي و فرص النفس بالاجتهاد و ليس من طرف الادارة
الديمقراطية الحديثة تعني منافسه توجهات المجتمع على المناصب وفق تفهمات بينها. وتعني ان الأختيار دون وصاية. ولكن هذا الكلام مزال غير متناول في عالمنا. بسبب عوامل كثيرة اهمها التفكير المجتمعي
لو ترشحت زوجات العسكر لكانت النتيجة اكثر نسبة. الجزائر خطوة خطوة الى الوراء. و لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم