“بروجيكت سينديكيت”: التمييز ضد المسلمين والتمويل السعودي للتطرف جعلا من آسيا المركز الجديد لـ”الإرهاب الإسلامي”

ناصر الأمين
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: كتب البروفيسور في الدراسات الاستراتيجية، والمؤلف، براهما تشيلاني، مقالاً يحذر فيه من أن آسيا باتت مركز “الإرهاب الإسلامي” الجديد.

اعتبر تشيلان تفجيرات عيد الفصح في سريلانكا من بين أبشع الهجمات الإرهابية دموية في التاريخ الحديث، ورأى أنها إشارة على ظهور ما وصفه بـ”آفة العدوان الإسلامي في آسيا”، إذ تكتسب الجماعات الإسلامية المتطرفة، التي تنتمي بدورها إلى شبكات أكثر تطرفاً، نفوذاً كبيراً، بحسب تشيلاني، في عدد من البلدان الممتدة من جزر المالديف إلى أرخبيل الفلبين. وشدد على أنه “لم يعد بالإمكان تجاهل التهديد الذي تشكله”.

واعتبر تشيلاني أن تفجيرات سريلانكا يجب أن تكون بمثابة تذكير بأن المنطقة الأكثر تضرراً من الإرهاب هي آسيا، حيث تعيش غالبية المسلمين، وحيث توجد ملاذات آمنة للإرهاب تتجاهلها الحكومات، وليس الشرق الأوسط، كما هو الاعتقاد السائد.

واشار تشيلاني إلى أن هدف الجماعات الإرهابية من خلال استهداف الفنادق الدولية والكنائس الكبرى، هو توجيه ضربة ضد قطاع السياحة، سريع النمو في البلاد، وهو الدعامة الأساسية لاقتصاد البلاد المثقل بالديون. وأضاف أنه سيؤدي خفض الدخل الآتي من السياحة إلى زيادة مدفوعات الفوائد الخارجية المرتفعة لسريلانكا، مما يزيد من حدة المشكلة التي أجبرت البلاد مسبقاً على التخلي عن سيطرتها على مينائها الاستراتيجي في المحيط الهندي للصين.

واعتبر تشيلاني أن هذا الهجوم يمثل صعود الإرهاب الإسلامي الممول من قبل الخليج في سريلانكا. على الرغم من أن التفجيرات الانتحارية كانت شائعة خلال الحرب الأهلية التي استمرت 26 عامًا في البلاد، والتي حرضت الأغلبية السنهالية العرقية ضد الأقلية التاميلية، يقول تشيلاني إن سريلانكا لم تشهد من قبل عنفًا منسقًا على هذا النطاق أو هجمات إرهابية كبيرة من قبل المتشددين الإسلاميين.

انتهت الحرب الأهلية في سريلانكا عام 2009، حين هزم الجيش بوحشية آخر المتمردين الانفصاليين التاميل، لكن النتيجة كانت زرع بذور الصراع الديني بين السنهاليين البوذيين في البلاد والأقلية المسلمة التي تشكل 10% من سكان البلاد.

وتتركز الغالبية العظمى من السكان المسلمين في سريلانكا في المنطقة الشرقية، حيث يُعزز التمويل السعودي والخليجي صعود الجماعات الجهادية التي تسعى إلى تطبيق ما تعتبره “أحكام الشريعة الإسلامية”. وازدهرت، بحسب تشلاني، الجماعة التي يُشتبه في أنها نفذت هجوم عيد الفصح الإرهابي، وهي جماعة التوحيد الوطنية.

وأشار تشيلاني إلى أنه بات من المعروف أن المخابرات الهندية أطلعت أجهزة الأمن السريلانكية على مخطط تفجير عيد الفصح، وقد كشفت عن المنظمين المزعومين. ومع ذلك، بسبب الصراع السياسي الداخلي بين الرئيس السريلانكي، ميثريبالا سيريسينا، ورئيس الوزراء، رانيل فيكرمسينغ، لم يتم إخبار الأخير. ولذلك، يلقي الكثيرون باللوم الآن على سيريسينا، الذي يشرف على الأجهزة الأمنية (والذين حاول في السابق إبعاد فيكرمسينغ خلال انقلاب دستوري، لكي يتم إسقاطه من قبل المحكمة العليا).

ورأى تشيلاني أن إعلان تنظيم “الدولة” مسؤوليته عن التفجير، جاء في إطار محاولة التنظيم التأكيد على استمرار أهميته، في حين أنه هزم عملياً في سوريا والعراق، ورجح أنه من المحتمل أن لا يكون التنظيم مسؤول بشكل مباشر عن التفجيرات.

ويحيل تشيلاني المشكلة المركزية إلى استمرار “الوهابية”، التي وصفها بـ”النسخة الصارمة والمتشددة للإسلام التي تمولها المملكة العربية السعودية وغيرها من شيوخ الخليج” بلعب دور “القوة الدافعة للإرهاب الإسلامي”. واعتبر أن هذه العقيدة ليست فقط مسؤولة عن ظهور تنظيمي “القاعدة” و “الدولة” فحسب، بل أيضاً “طالبان” في أفغانستان، و”عسكر طيبة” في باكستان، و”بوكو حرام” في نيجيريا، و”حركة الشباب” في الصومال.

واعتبر تشيلاني أن “الهجمات على سريلانكا ودول آسيوية أخرى، أظهرت أن هزيمة داعش في سوريا والعراق زادت من حدة مشكلة في آسيا”، بحكم عودة المقاتلين الذين تلقوا تدريبات لتنفيذ أشد الهجمات الإرهابية، إلى بلدانهم الأصلية. ويشرح تشيلاني قدرة جماعة محلية غير معروفة في تنفيذ مثل هذه الهجمات المعقدة والمتزامنة تقريباً على ثلاث كنائس وثلاثة فنادق، بعودة المقاتلين السريلانكيين الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق إلى سريلانكا. واعتبر تشيلاني أنه بإمكان هؤلاء الاختباء والتخطيط، وتجنب الأمن في آسيا، والشرق الأوسط، والغرب لسنوات عديدة.

وأكد تشيلاني أنه لا شك أن التمييز الرسمي ضد المسلمين قد ساهم في تنامي نفوذ الجماعات الإسلامية، وخاصة في ولاية راخين في ميانمار، وأربع مقاطعات في أقصى جنوب تايلاند، وجزيرة مينداناو جنوب الفلبين. وقد ساهمت في ذلك أيضا المدارس الدينية التي ترعاها السعودية، ومنابر شبكات التواصل الاجتماعي التي تسهل جمع الأموال، والتجنيد ونشر الدعاية الجهادية. ونتيجة لذلك، أصبح العنف الجهادي أيضاً يهدد الدول ذات الغالبية المسلمة مثل إندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش وكازاخستان. وفي بعض الحالات، “وتحديداً في باكستان”، تشارك الدول نفسها في تحريض الجماعات المتطرفة.

وخلص تشيلاني إلى أنه “إذا لم يتم علاج هذه المشاكل، قد تتفاقم وتنتج أزمة حاسمة بالنسبة للبلدان الآسيوية في هذا القرن”، ولمنع هذه النتيجة، يتابع تشيلاني، “يجب القضاء على مصدر التطرف الجهادي، اي التعصب الوهابي”. وكما قال الزعيم السنغافوري الراحل لي كوان يو، فإن منع الهجمات الإرهابية يتطلب منا القضاء على “ملِكات النحل” (دعاة الكراهية والعنف) التي تُلهم “النحل العامل”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية