لندن – وكالات: سجل مستوى البطالة في بريطانيا أدنى مستوى له منذ بداية 1975، متراجعا إلى 3.9 في المئة في الاشهر الثلاثة المنتهية آخر يناير/كانون الثاني 2019، وذلك رغم عدم التيقن الذي يخلقه الغموض بشأن كيفية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، حسب ما أعلن مكتب الاحصاء البريطاني أمس الثلاثاء.
وتؤكد هذه الأرقام متانة سوق العمل في بريطانيا منذ عدة أشهر رغم عدم الوضوح بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي من عدمه في 29 مارس/آذار الجاري، ورغم تباطؤ النمو.
محللون يتوقعون ارتفاع قيمة الإسترليني بعد زوال الغموض
وشكل تراجع نسبة البطالة مفاجأة لخبراء الاقتصاد الذين كانوا توقعوا استقرار النسبة عند 4 في المئة، حسب وكالة بلومبرغ للأنباء الاقتصادية. وسجلت نسبة التوظيف ارتفاعا قياسيا عند 76.1 في المئة، وهي النسبة الأعلى منذ بدء جمع هذه الاحصائيات في 1971. وزاد عدد الوظائف أكثر من المتوقع ليبلغ 222 ألف وظيفة مقارنة بعددها في نهاية أكتوبر/تشرين الاول 2018، وهو أكبر ارتفاع يسجل منذ 2015. وفسر معهد الاحصاء ارتفاع العدد المتنامي من النساء اللواتي يعملن خصوصا بسبب رفع سن التقاعد. كما أن العمل الجزئي يشهد نموا كبيرا ويشمل النساء أكثر من الرجال.
كما ارتفعت الأجور (بما فيها العلاوات) بشكل واضح بنسبة 3.4 في المئة بالقياس السنوي. وعزز ذلك القدرة الشرائية للأسر والتي كانت عانت في 2017 من ارتفاع كبير في الاسعار.
وحسب المعهد، فان الأجور ارتفعت بسبب العدد القياسي للوظائف الشاغرة التي بلغت 863 ألفا في نهاية يناير/كانون الثاني، وهو ما أجبر الشركات على تقديم عروض أجور افضل نظرا لصعوبة التوظيف.
وأشار الخبير الاقتصادي هوارد آرشر إلى «المخاوف القائمة في بعض القطاعات بشأن نقص العمالة الماهرة الذي يمكن أن يفسر بتراجع عدد العمال الآتين من الاتحاد الأوروبي».
وتتحدى متانة سوق العمل الظرف القاتم بالنسبة للشركات التي تتردد في الاستثمار بسبب الشكوك المرتبطة بـ»بريكسِت»، في وقت تتأهب فيه رئيسة الوزراء تِريزا ماي لطلب تأجيل عملية الخروج، بالنظر إلى الصعوبات التي تلقاها في جعل البرلمان يصادق على الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي. وتوقعت الغرف التجارية البريطانية خصوصا تراجعا بنسبة واحد في المئة هذا العام في استمارات الشركات، ما سيشكل أسوأ أداء للشركات منذ الأزمة المالية عام 2008. على صعيد آخر يتوقع المحللون في مؤسسة «مريان غلوبال إنفستورز» للاستشارات والخدمات المالية ارتفاع سعر الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية الأخرى بعد زوال الغموض المحيط بمصير «بريكسِت» ليصل إلى 1.45 دولار لكل جنيه.
وحسب وكالة بلومبرغ فإن «مريان غلوبال»، التي تدير أصولا بقيمة 45 مليار دولار ومقرها في العاصمة لندن، متمسكة بتوقعاتها بشأن الجنيه الإسترليني منذ فترة طويلة حيث ترى أن الاقتصاد البريطاني سيتحسن بمجرد انتهاك حالة الفوضى المحيطة بقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال هوود افيز، مدير إدارة الاستثمارات ذات العائد الثابت في الشركة البريطانية، ان «الجنيه الإسترليني رخيص حاليا وبخاصة إذا تحقق أي مستوى من الوضوح.. مع تحقق أي مستوى من الوضوح سيرتفع إلى 1.40 دولار أو 1.45 دولار.
وأشارت بلومبرغ إلى أن رؤية «مريان غلوبال» بشأن مستقبل الجنيه الإسترليني تتعارض مع رؤية شركات أخرى مثل «نورديا بنك» الذي أوصى بالحد من محافظ الجنيه الإسترليني، وقال ان التفاؤل المحيط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مبالغ فيه. يذكر أن الجنيه الإسترليني ارتفع أمام العملات الرئيسية العشر الأخرى خلال العام الحالي، حيث ارتفع بنسبة 4% أمام الدولار ليصل في الأسبوع الماضي إلى 1.338 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ تسعة أشهر. في الوقت نفسه تراجعت العملة البريطانية في تعاملات صباح أمس في لندن إلى 1.337 دولار.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه تَريزا ماي إلى تمديد عضوية بلادها في الاتحاد الأوروبي بعد رفض مجلس العموم (البرلمان) البريطاني اتفاق الخروج من الاتحاد للمرة الثانية.