الحمار وظله
يحكى أن حربا ضروسا، نشبت بين قبيلتين، من أجل ظل حمار .
أجل.. فالحمار في ذلك الوقت، كان كالسيارة الآن.
الحرب الطاحنة.. أتت على كل شيء… وجعلت ناسها لا يخلعون ثياب القتال حتى أن الرجال كانوا يضاجعون نساءهم وهم بكامل عتادهم الحربي.
لقد استمرت سنين طويلة، هلك الزرع والضرع وضرب الجوع والعطش كل حي.. فبدؤوا يدفنون المواليد الخدّج من البنات، تحت الرمال الحارقة.. ويربون الذكر على الفروسية وحب الثأر.
أما القصة التي جعلت الرمال تلتهب بالدماء وحوافر الخيل.. فسنرويها كما وقعت :
أتى رجل مصاب بالحمى إلى تلك القبيلة وطلب دابة لنقله إلى قبيلته التي تبعد مسير يوم. وجد ضالته وبعد أن اتفق مع صاحب الحمار على السعر.. ذهبا .
في منتصف الطريق.. أحس بان جسده يحترق وأن حرارة الشمس لا تطاق فقرر النزول للاستظلال بظل الحمار.. لكن صاحب الحمار منعه، باعتبار أنهما اتفقا فقط على ركوب الحمار وليس على الاستظلال بظله. وبدآ بالعراك الفردي الذي انتقل كما قلنا إلى العراك الجماعي.
ولم تتم المصالحة إلا بعد تدخل أشراف القبائل وحكماؤها وعم السلام الأرض المصبوغة بالدم. وتم تزويج ابنة صاحب الحمار التي نجت من الوأد من ابن المسافر الذي نجا من المعارك والجوع.
لكن الناس إلى اليوم لا يزالون يتساءلون: أيهما أحق، صاحب الحمار أم ظله؟