بيروت-“القدس العربي”: يبدو أن اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي ارتفعت أسهمه الأسبوع الفائت تفرمل نسبياً في ضوء حركة الاتصالات الدولية والعربية على مستوى وزراء الخارجية التي استكملت بلقاء بين كل من سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري والسفيرتين الأمريكية والفرنسية دوروثي شيا وآن غريو العائدتين من الرياض. وانعقد اللقاء الثلاثي في مقر السفارة السعودية في بيروت بغية البحث في الإجراءات الواجب اتخاذها لترجمة ما تمّ التفاهم عليه في لقاءات السفيرتين في الرياض قبل أيام وللتداول حول الوضع الاقتصادي العصيب في لبنان وكيفية دعم الشعب اللبناني بالطريقة الأكثر فاعلية.
وذكرت معلومات أن خيار تقديم تشكيلة حكومية من 24 وزيراً يسير بشكل متواز مع خيار الاعتذار، وأن لقاء مرتقباً بين الحريري والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الخميس المقبل، سيكون حاسماً لناحية توجّه الحريري إلى القصر الجمهوري حاملاً في جيب تشكيلة حكومية وفي جيب أخرى كتاب اعتذار يقلب الطاولة على العهد أو ربما احتفاظ بالتكليف حسب ما تقتضيه الظروف. واللافت أن تهدئة خيّمت على المشهد السياسي بعد موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التصعيدي الذي اتهم فيه الحريري بنحر البلد.
وكان موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد، أدّى إلى التباس في أوساط “تيار المستقبل” عندما استغرب إمتناع المعنيين بتشكيل الحكومة عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكلياً، وتوجيهه انتقاداً إلى كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف بقوله” لا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدمة، ولا التكليف يعني تكليفاً أبدياً من دون تأليف حكومة”. وقد صدرت تعليقات من بعض مسؤولي “المستقبل” تأسف لكلام البطريرك وتعتبره في غير محله، الأمر الذي دفع بالرئيس فؤاد السنيورة إلى الاتصال بالبطريرك الماروني والتأكيد بحسب بيان لمكتب السنيورة على”المواقف الوطنية التي يعلن عنها البطريرك والتي تشدد على التمسك والتزام تطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني في الطائف، وأهمية الحفاظ على صيغة لبنان القائمة على العيش المشترك الإسلامي المسيحي وخصوصاً في الاحتفال الذي أقيم في بكركي لمناسبة مئة عام على العلاقة مع المملكة العربية السعودية، والذي يصادف أيضاً وتقريباً مع مرور مئة عام على إعلان دولة لبنان الكبير”، وبحسب البيان” تمّ تداول المستجدات والسبل الكفيلة للخروج من المأزق الوطني الراهن”.
على خط رفع الحصانات، بدا المسؤولون في حالة حرج من مسألة توفير الحماية السياسية للوزراء السابقين والقادة الأمنيين المدّعى عليهم من قبل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. وتحت وطأة ضغط أهالي ضحايا انفجار الرابع من آب/أغسطس بدأت قيادات تبدّل من مواقفها وتؤيّد مسار التحقيق.
وفي هذا السياق، وبعد الانتقادات التي وجّهها أهالي الضحايا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية عدم حسم احالة مسألة رفع الحصانات فوراً إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي للبت بها، فقد أكد الرئيس بري في بيان أنه” ومن موقعنا السياسي والبرلماني نؤكد لذوي الشهداء والجرحى والمتضررين أن جريمة انفجار مرفأ بيروت هي جريمة وطنية أصابت اللبنانيين في الصميم، ولن نقبل تحت أي ظرف من الظروف أقل من معرفة الحقيقة كاملة بكل تفاصيلها ومعاقبة كل من تسبّب بها في أي موقع كان، وأن أقصر الطرق إلى الحقيقة تطبيق القانون بعيداً عن التحريض والتجييش والسمو بقضية الشهداء وقدسيتها فوق أي اعتبارات سياسية او انتخابية أو شعبوية. ونؤكد بكل شفافية وهدوء أن لا حصانة على أي متورط في أي موقع كان وأن المجلس النيابي سيكون مع القضاء إلى أقصى الحدود تحت سقف القانون والدستور، فالحصانة فقط هي لدماء الشهداء وللوطن وكرامة الإنسان وللدستور والقانون وليس لشريعة الغاب”.
وأضاف الرئيس بري في بيانه لمناسبة الذكرى السنوية لعدوان تموز/يوليو 2006 “إن الوطن الذي استعصى على السقوط ولم يرفع الراية البيضاء في الاجتياحات الاسرائيلية كافة، قاوم واستشهد الالاف من خيرة أبنائه وانتصر، هو اليوم بكل أبنائه ومكوناته الروحية ونخبه المهنية والمدنية وقواه السياسية والحزبية، أمام نفس الامتحان والاختبار في الانتماء، وفي الوحدة والصمود والمقاومة، فهل ننجح؟ بل يجب أن ننجح ولا خيار إلا النجاح، وإلا من حيث يدري البعض أو لا يدري يكون كمن يقدم سقوط لبنان نصراً مجانياً للعدو الإسرائيلي الذي يتحيّن الفرص في السر والعلن، تصريحاً وتلميحاً للانقضاض على لبنان وعلى ثرواته ودوره وهذه المرة من بوابة الخلاف والاختلاف على جنس الملائكة لوزير من هنا ووزير من هناك”، مؤكداً”أن إسقاط لبنان بضربات التعطيل وإغراق مؤسساته في الفراغ القاتل والإمعان في العبث السياسي والدستوري والتضحية بالوطن على مذبح الاحقاد الشخصية هو فعل يرقى الى مستوى الخيانة بحق لبنان واللبنانيين”.
من جهته، وبعد موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المؤيد للسير بالتحقيق، لفت أمين سر “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن إلى أن على كل “مسؤول في الدولة اللبنانية أن يتذكّر نكبة انفجار 4 آب فهذه جريمة ضد الإنسانية”، ورأى أنه” في حال لم يسلك ملف المرفأ مساره الطبيعي، سنضع لبنان في مهب الريح، وسوف يكون هناك نقمة على كل من يعيق مسار التحقيق ، لذلك فلترفع الحصانات وليحاسب المتهم أمام الجميع”، مضيفاً “لا يجوز لجريمة بهذا الحجم أن نتحدث عن حصانة مسؤول فالموضوع لا يحتمل المسايرة”.
كذلك، غرّد النائب جبران باسيل على حسابه عبر “تويتر” قائلاً “أبشع شيء الظلم، ومن الظلم أن تمر جريمة من دون عقاب!”، مشيراً إلى أن “فاجعة مرفأ بيروت اكبر من جريمة وأكثر من ظلم. وطالب برفع الحصانة حتى تأخذ العدالة مجراها، ويعاقب المرتكب ويبرّأ المظلوم”.
وأضاف “من المؤكد أن هناك أشخاصاً، ومنهم مسؤولون، يعلمون بموضوع نيترات الأمونيوم وباستعمالها، وسكتوا، ومن الظلم ألا تتم محاكمتهم. ولكن أيضاً من الظلم أن تتم محاكمة من علموا وقاموا بعملهم ولم يسكتوا !”.وختم “يجب الاستماع إلى كل المطلوبين، ومن كان مذنباً ومرتكباً، يتم توقيفه ومحاكمته، ومن كان بريئاً وقام بعمله يتم إخلاء سبيله. هكذا تكون العدالة”.
برأيي… ما يجري على الساحة اللبنانية، يحتاج الى عملية جراحية طارئة لا تحتمل التأجيل، وهذا يحتاج الى كل أهل الغيرة والمروءة، وأذكر قائد الجيش العماد جوزيف عون، بما فعله سلفه السابق العماد اميل لحود عام 1990 وما كان لتدخله، وفي الوقت المناسب من دور في وضع حد للحرب الاهلية!
آن الاوان لنصرة لبنان عربيا ودوليا، ولتدخل الجيش، لإستلام زمام السلطة، ووقف التدهور، ثم اعادة الامور الى نصابها بقوة القانون والعدل، ثم مساءلة كل من كان له علاقة بتدهور احوال لبنان السياسية والاقتصادية.
Well said