بري يرجىء جلسة مناقشة الادعاء على وزراء الاتصالات بعد مقاطعة كتل مسيحية

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي”: في وقت لاتزال تداعيات جلسة مجلس الوزراء اللبناني في صدارة الاهتمام والمتابعة بعد الشرخ السياسي والطائفي الذي تسبّبت به، فإن جلسة مجلس النواب التي حدّدها الرئيس نبيه بري الأربعاء لمناقشة العريضة الاتهامية بحق وزراء الاتصالات السابقين نقولا صحناوي وبطرس حرب وجمال الجراح، كانت ستؤدي إلى النتيجة ذاتها من مقاطعة كتل مسيحية لو لم يرجىء بري هذه الجلسة بناء على تمنٍ من هيئة مكتب المجلس، لإفساح المجال أمام مشاركة غالبية الهيئة العامة.

وقد حسمت “القوات اللبنانية” موقفها بمقاطعة الجلسة انسجاماً مع مبدأ الالتزام بالدستور واحترام الأولويات النيابية في فترة الشغور الرئاسي على الرغم من توقيعها طلب الادعاء. لكن أوساط القوات تستند إلى المادة 75 من الدستور التي تنص على أن “المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتّب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي عمل آخر”، وتؤكد “أن الاولوية الدستورية التي تُوجب انتخاب رئيس للجمهورية غير قابلة للتلاعب أو التسويف”.

الكتائب: أولوية انتخاب رئيس

بدوره، أكد حزب الكتائب أن نوابه “لن يشاركوا في أي عمل نيابي خارج الدستور”، ولفت في بيان إلى “أن النواب كما امتنعوا عن المشاركة في جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية السابق، فهم لن يشاركوا في جلسة درس اقتراح وادعاء الاتهام في ملف الاتصالات لأنها غير دستورية في ظل غياب رئيس للجمهورية”. وحذّر المكتب السياسي الكتائبي، في بيان، من “إرساء مفهوم الفراغ الرئاسي الذي يتم تصويره على أنه قابل للتنظيم بعدما أُدخل البلد فيه عن سابق تصور وتمّ رهنه للخارج، بانتظار اكتمال تسوية جديدة، فيما المؤسسات متروكة فريسة فراغ مدمّر ملحق بعملية انتهاك للدستور وابتداع سوابق غير قانونية بهدف التحكم بلبنان واللبنانيين”.

وشدد المكتب على أن “لا انتظام للحياة الدستورية من دون رئيس للجمهورية، فهو رأس السلطة وبه تناط مسؤولية الدعوة إلى الاستشارات الحكومية وإصدار مراسيم تشكيل الحكومة وتوقيع القوانين والمراسيم وبالتالي انتظام عمل المؤسسات”.

وكما الكتائب كذلك نواب “تكتل التغيير” لن يشاركوا في الجلسة، فيما أشارت أمانة الإعلام في حزب الوطنيين الأحرار إلى أنه “انطلاقاً من قناعة الحزب أنه في هذه المرحلة الدستورية لا يحتم التشريع في ظل الشغور الرئاسي، نعلن رفضنا المشاركة في جلسة الأربعاء، بل علينا أن نضغط بكل الوسائل الممكنة من أجل إتمام الانتخابات الرئاسية”.

أما التيار الوطني الحر فقد نقل باسمه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وأمين سر هيئة مكتب المجلس آلان عون تمنياً بتأجيل الجلسة، خصوصاً أن التيار غير المتحمس لأي ادعاء على وزير الاتصالات الأسبق نقولا الصحناوي بصفته نائباً في التيار لن يساير بري في أي جلسة نيابية بعد تأمين رئيس المجلس الغطاء لجلسة الحكومة.

وإذا كانت الأنظار اتجهت إلى ساحة النجمة فهي لم تحجب تداعيات جلسة مجلس الوزراء التي خسر فيها رئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل أولى معاركه السياسية بعد خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، بعد خرق المقاطعة من قبل وزير الصناعة الأرمني جورج بوشيكيان، الذي لم يلتزم بقرار حزب الطاشناق بحجة أنه غير حزبي، وأمّن نصاب الثلثين للجلسة التي دعا إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مدعوماً من الثنائي الشيعي، ما خلّف توتراً على خط التيار الوطني الحر وحزب الله.

باسيل: كسر للشراكة

وبناء على ما تقدّم، وتعبيراً عن مواصلة باسيل معركته، فإن تياره يتجه إلى الطعن بقرارات مجلس الوزراء أمام مجلس شورى الدولة. ورفع باسيل من نبرته التصعيدية بعد اجتماع “تكتل لبنان القوي” فأكد “أن جلسة مجلس الوزراء غير دستورية وغير قانونية وكسر للشراكة، فإما تكون الشراكة متوازنة أو لا تكون، ووجودنا أغلى من أي سلطة وأغلى من أي تفاهم، والجلسة إعدام للدستور وهي ضربة قاضية للطائف ومن يدّعون الحفاظ عليه وهي طعنة لاتفاق وطني حصل في مجلس النواب”.

وأضاف “أعلنوا في جلسة الأمس أنهم يصدرون مراسيم من دون توقيع رئيس الجمهورية أي أننا أمام جمهورية بلا رئيس وبلا توقيع رئيس وبلا تواقيع وكلاء الرئيس. لن نقبل بالأمر ولن يمر وما حصل ليس أقل من سطو على موقع رئيس جمهورية عن سابق تصوّر وتصميم ويعني أن المطلوب من الأساس من نجيب ميقاتي عدم تأليف حكومة”.

وتابع “إنها غاية دفينة بوضع السلطة على البلد وأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية وهذا ما عبّر عنه الرئيس ميقاتي عن كيفية تصريف الأعمال في ظل الشغور وكيف أن ليس كل وزير هو جزء من رئيس الجمهورية، وما حصل ميثاقياً أبعد بكثير من الدستور من خلال تغييب مكوّن عن مجلس الوزراء، وإذا اعتقد أحد أنه يمكنه اعادتنا إلى ما قبل عام 2005 وهذا يتطلب إما نفي أو سجن أو قتل، هذا زمن ولّى ولن يرجع طالما أننا أحياء”، منوّهاً ب “مَن لم ينكثوا بالميثاق وهما إبن سلام وإبن ارسلان”.

واستغرب باسيل “كيف اعتصمنا في الشارع سنتين بعد انسحاب الوزراء الشيعة من الحكومة وتسميتها حكومة بتراء، فأين هم اليوم وهل تتأمن الميثاقية بوجود سعادة الشامي ونجلا رياشي؟!”. وأضاف “إذا اعتقد أحد أنه يضغط علينا في موضوع الرئاسة فهذا لا ينفع لأنه سيجعلنا نتصلّب، ومن أخذ قراراً بأن ينفخ زنود ميقاتي فليراجع قراره، وهذا لا يمر بحجة الاستقرار داخل المكوّن الشيعي”. وهاجم باسيل الرئيس ميقاتي بعنف، وقال “من يهمّه أوجاع الناس يلتفت إلى وجع أبناء مدينته طرابلس ولا يوقف الكابيتال كونترول ولا يوقف التدقيق الجنائي”. وختم ملوّحاً بالتخلي عن الورقة البيضاء في جلسات انتخاب الرئيس، ومنادياً “باللامركزية الموسعة بعد 30 سنة على اتفاق الطائف، وقال “اذا كنتم لا تريدون إعطاءنا إياها بالقانون نأخذها على الارض”.

بقرادونيان: لسنا حصان طروادة

اما الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الذي جلس إلى جانب باسيل في مؤتمره الصحافي فردّ على كل الاتهامات بأنه “حصان طروادة”، مؤكداً “أن الطاشناق اتخذ القرار بعدم المشاركة في الجلسة والوزير لم يلتزم لمصالح خاصة”، مشيراً إلى أن “للوزير بوشكيان شركة لاستيراد أدوات طبية وبالطبع أن المستشفيات طلبت من الوزير الدفاع عن حقوقهم فارتأى أن يحضر”. ولفت إلى “أن الوزير بوشكيان يمثل الطائفة الأرمنية ويجب ألا يعتبر الرئيس ميقاتي أنه تابع له”.

وتعليقاً على الحديث بتهديد حزب الطاشناق لحثّه على المشاركة في الجلسة أجاب: “لم يضغط عليّ أحد وحزب الله والرئيس بري لم يضغطا على أحد، ومن يعرف هاغوب بقرادونيان يعرف أنه لا يُهدَّد ولا يُهدِّد”.

وعما قيل إنّ المشاركة كانت مقابل الطعن المقدّم أمام المجلس الدستوري، اعتبر أن “هذا الحديث إهانة للمجلس الدستوري”، وقال “لا أعرف من أعضاء المجلس الدستوري سوى القاضي مشلب حين قدّمت له تصريحاً عن أموالي وحين قدمت له ردّي على الطعن فقط”، وأضاف” فليتعود الناس أن هناك أناسا لا يباعون ولا يشترون، ربما أفقد النيابة لكن لا أفقد شعبي وحزبي فالمواقف أهم من الكراسي”.

وعن صفة الضرورة لانعقاد جلسات مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال، تساءل “عندما تأخّر تشكيل الحكومة وعندما اعتكف الوزراء الشيعة، ألم يكن هناك ضرورة وحالة طارئة لاجتماع مجلس الوزراء؟”.

في غضون ذلك، وعلى الرغم من اعتراض القوات اللبنانية على عقد جلسة لمجلس الوزراء، إلا أن أحد قيادييها سخر مما آلت إليه العلاقة بين التيار العوني وحزب الله بعد تخلي الأخير عنه. وغرّد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب “القوات” ريشار قيومجيان قائلاً: “كفّوا عن البكاء على أطلال الميثاقية والحقوق والعيش المشترك. التوبة أجدى من الصراخ والاستمرار بخداع أنفسكم والناس. أسأتم إلى الدولة بعدما توهمتم أن الدويلة تمنحكم سلطة. لستم شركاء الولي بل عملاء تستجدون منه رئاسة وكياسة وحماية. أدوات صغيرة في مشروعه الكبير. حتى فضّة التبعية منعها عنكم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية