لندن – “القدس العربي”: ذكر موقع “بزنس إنسايدر” أن الشركات البريطانية تقوم ببيع تكنولوجيا تجسس للحكومات القمعية حول العالم. وفي تقرير أعده صامويل ودامز قال إن الشركات البريطانية تقوم بالترويج وبيع تكنولوجيا تجسس إلى دول متهمة باستخدام التكنولوجيا في انتهاك حقوق الإنسان.
وأضاف أن هذه الدول تضم الإمارات العربية المتحدة وعمان وباكستان من بين عدة دول أخرى. وأظهر تحليل لرخص التصدير التي منحتها الحكومة البريطانية أن أجهزة الاعتراض المباعة تستطيع مراقبة ووقف عمل الهواتف النقالة في منطقة معينة. ومن بين أكثر أنواع الاعتراض هي صائد هوية المشترك الدولي للجوال أو “أي أم أس أي” وهو برج هاتف نقال مزيف يسجل كل رقم لهوية المشترك الدولي للجوال وكل هاتف يتصل به. وكل هذا يؤدي إلى الكشف عن هوية مالك الجوال الحقيقي ويسمح لعملية تلصص متقدمة على الاتصالات.
وخلال الأشهر الأولى من عام 2020 سمح لعدد من الشركات البريطانية التي لم يكشف عن اسمها تصدير المعدات هذه إلى باكستان وأندونيسيا والهند وعمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وجنوب إفريقيا. ويضيف الموقع أن معظم هذه الرخص التي منحت كانت مؤقتة بحيث تسمح للشركات البريطانية أن تسوق لمنتجاتها في المعارض التجارية الدولية، مع أن هذه الرخص تصبح في بعض المرات دائمة بعدما يتم توقيع عقد بيع رسمي.
ولأن تكنولوجيا الاعتراض ذات استخدام مزدوج أو يمكن استخدامها للأغراض العسكرية والمدنية، فيجب على الشركات البريطانية الحصول على رخصة من وزارة التجارة الدولية لبيعها في الخارج. ومثل بقية الأدوات ذات الاستخدام المزدوج، فإن تصدير المعدات المستخدمة للتجسس والاعتراض يتم التحكم به “خوفا من استخدامها لأغراض القمع الداخلي أو تعريض الأمن الإقليمي لعدم الاستقرار وأشكال أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان”، حسبما تقتضي تعليمات الحكومة البريطانية.
إلا أن ما كشفت عنه الحكومة يثير الشكوك حول قدرة السلطات على منع التصدير بناء على هذه التعليمات. وتظهر البيانات التي تغطي فترة الثلاثة أشهر الأولى من عام 2020 أن شركة بريطانية لم يذكر اسمها حصلت على حق تصدير أجهزة الاعتراض إلى باكستان في وقت زادت فيه السلطات من قدراتها الرقابية على المواطنين وكرد على انتشار وباء كوفيد-19، بما في ذلك استخدام تكنولوجيا مخصصة لعمليات مكافحة الإرهاب.
وقالت هيجا كرمان، مديرة برنامج في المنظمة غير الربحية الباكستانية “ميديا ماترز فور ديمقراسي”، إن استخدام التكنولوجيا مثير للقلق في باكستان التي “لا يزال فيها موضوع الحقوق الرقمية كحق إنساني أساسي محل جدال”، وأضافت أن “دعم استخدام التكنولوجيا الغازية في باكستان تضع المواطنين أمام مخاطر استهدافهم بطريقة غير متناسبة وبدون ملاذ في الأفق أو ممارسة حقوقهم والمطالبة بها”. ومنحت الشركات البريطانية أيضا رخص بيع تكنولوجيا الاعتراض للإمارات العربية المتحدة، البلد ذي التاريخ الطويل في قمع المعارضة على الإنترنت. وقالت صوفيا كالتينبرنر، من الحملة الدولية للحرية في الإمارات: “من خلال الاستمرار بمنح رخص بيع أجهزة اعتراض إلى الإمارات فإن الحكومة البريطانية تظهر وبوضوح أنها تقدم الصفقات التجارية المربحة على رؤيتها “بريطانيا العالمية” وعلى حساب حقوق الإنسان والحريات الأساسية”. وأضافت أن “السلطات الإماراتية حاولت الاستفادة من هذه التكنولوجيا لسحق حرية التعبير وقمع الأصوات السلمية المعارضة وبطريقة منظمة”. وأشار الموقع إلى جنوب إفريقيا التي اعتبرت أن معظم قدراتها الرقابية غير قانونية واستوردت تكنولوجيا اعتراضية من بريطانيا في الربع الأول من 2020. وتقول جولييت نافوكا، المحامية عن الحقوق الرقمية في مركز السياسة لشرق وجنوب إفريقيا “سيبيسا”، إن القرار هو صورة عن حرف النظر عن تداعيات الحقوق الرقمية لهذه الخدمات والتضحية بها على مذبح الربح وسوق تكنولوجيا الرقابة. وفي عام 2016 وجدت “بريفسي إنترناشونال” أن 104 شركات في بريطانيا قامت بتصنيع تكنولوجيا رقمية صممت لجمع المعلومات والأدلة الاستخباراتية، بما فيها تلك التي صنعت وباعت صائد هوية المشترك الدولي للجوال والمعدات الأخرى للتجسس. وتعتبر بريطانيا في المرتبة الثانية من ناحية عدد الشركات المتخصصة في هذه التكنولوجيا وتأتي بعد الولايات المتحدة التي فيها 122 شركة من هذا النوع.
ويقول إيدن أومانوفيتش، مدير بريفسي إنترناشونال: “تستخدم هذه الأدوات بطريقة عشوائية لمراقبة الهواتف النقالة وفي أثناء التظاهرات، مثلا مما يعرض حياة الناشطين وغيرهم حول العالم للخطر”. وعلى خلاف “بي إي إي سيستمز” التي تعد من كبريات شركات تصنيع الأسلحة في بريطانيا فإن قلة من شركات تصنيع معدات الرقابة البريطانية معروفة. وكشف تقرير لصحيفة “الغارديان” العام الماضي أن بريطانيا منحت رخصا بقيمة 95 مليون دولار لبيع هذه المعدات منذ عام 2015. وباعت بريطانيا أجهزة اعتراض في عام 2019 لسلطات هونغ كونغ في وقت كان فيه المتظاهرون يتعرضون للرقابة. وباعت في 2017 صائد هوية المشترك الدولي للجوال إلى مقدونيا. واستفادت السعودية ومصر وعمان التي اعتبرت “فريدم هاوس” أنها “غير حرة” من تكنولوجيا الرقابة البريطانية. وكما تظهر البيانات الأخيرة فقد تواصلت ظاهرة بيع التكنولوجيا البريطانية.
الغرب مثل بائع الخضر على الطاولة يبيع الحرية والديمقراطية و حقوق الإنسان أما تحت الطاولة المال ثم المال