سأعترف أن العام المنصرم الذي يحمل الرقم 2013 ميلادية، هو عام بشار الأسد بامتياز، فقــــــد صنع فيه الحدث الأبرز منذ عقود، استخدم السلاح الكيميائي الذي يفترض أنه مُحرّم دوليًا ونجا من العقاب، بل لولا بقية من حياء لمنحوه جائزة تقدير وتكريم.
فكيف لمن يقوم بهذه الفعلة ضد أبناء شعبه سواء كانوا مسلحين أم كانوا أطفالا ومراهقين أن ينجو من عقاب المجتمع البشري لولا عبقريته، ولولا وقوف بثينة شعبان وإعلانها للعالم بلسان طلق أن الإرهابيين قاموا باختطاف أطفال من اللاذقية وريفها وأحضروهم إلى ريف دمشق وهناك ألقوا عليهم الغازات الكيميائية وصوروهم وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، كي يورّطوا النظام، ويلطّخوا سمعته الطيبة والنظيفة مثل الفلّ، فهو ملتزم بالقوانين الدولية ولا يستخدم ضد شعبه إلا ما تسمح به أخلاق دكتاتور عادي أو فوق العادي بقليل.
لا شك أن تعليل بثينة شعبان في الشأن الكيميائي يصلح ليكون التعليل الأبرز ليس فقط في العام 2013، بل التعليل الأكثر إقناعًا منذ تعليل اندلاع الحرب العالمية الأولى بحجة مقتل ولي العهد النمساوي، ومحاولة اغتيال سفير إسرائيل في لندن لحصار بيروت عام 1982.
لم يتوقع أحد أن ينجح الأسد بالتمّلص من العقاب، وأنا واحد من السذّج الذين توقعوا على الأقل اختفاء الإبتسامة عن وجهه، ولكنه مثل الساحر، نجح وبكل بساطة بالخروج منها ببضع كلمات’الإعلان عن استعداده للتخلي عن ترسانته الكيميائية’ و’يا سوريا ما دخلك شر’.
العالم يعلن الحرب على التدخين لأنه يؤدي لوفاة شخص واحد في كل ست ثوانٍ على مستوى العالم، بينما يؤدي بشار إلى وفاة سوري واحد في كل إحدى عشرة دقيقة على مستوى القُطر، ونسبيًا فهو أكثر ضررًا من التدخين بكثير على السوريين، وهذا لم يحرّك شعرة لا في رأسه ولا في رأس أحد ممن يهتمون بالصحة العامة أو البيئة أو الأعصاب، فهو ما زال مصرًا على ترشيح نفسه، وهناك احتمال أن يكون الرئيس القادم لسوريا الجديدة، فهو مثل القضاء والقدر لا مناص ولا خلاص منه.
حتى الجنرال(السي سي) لم يستطع منافسة بشار الأسد، (السي سي) انقلب على الشرعية في مصر، وقتلت قواتُه من المعتصمين والمعارضين لانقلابه ما قتلت، ووجه لمحمد مرسي تهمة إمساك عصا التخابر من طرفيها مع حماس السنية من جهة، ومع حزب الله الشيعي من جهة أخرى، ثم أعلن عن واحدٍ من أكبر وأعرق أحزاب مصر منظمة إرهابية محظورة، وأعلن غزة المحاصرة عدو مصر الأول، واعتبرها إعلامه خطرًا استيطانيا على القاهرة، وكل هذا لم يمنحه تفوقًا على بشار الأسد.
بشار انقلب دون أن ينقلب فهو الإنقلاب نفسه، وهو الثورة، وهو الإصلاحي، وهو القاتل وهو الشهيد، وهو البطل المقاوم الممانع والكيميائي صاحب ‘الزمان والمكان المناسبين’ وغيرها الكثير من الأسماء الحسنى.
حتى العاصفة أليكسا اللئيمة التي أثلجت صدور اللاجئين السوريين حتى الموت بحقدها القادم من روسيا، لم تنجح بالتفوق على بشار الأسد، أليكسا بكل جبروتها لم يصل عدد ضحاياها إلى مئة إنسان، وهو ما يُنجزه بشار في يوم واحد على مدار ثلاث سنوات، سواء في قتاله ضد شعبه أو في القتال في مواجهة شتى التنظيمات الناتجة عن تعنته وصلفه وعنجهيته وخبثه، كل هذا ويبقى بشار مبتسمًا مشرقًا، وتقوم سيدة سوريا الأولى بإعداد التبولة للأيتام السوريين.
لقد راهن كثيرون في مطلع العام المنصرم على نهاية بشار، حتى بعض الفلكيين سقطوا في الوهم نفسه، وعندما استخدم الكيميائي استبشر المنجمون خيرًا وقالوا وقلنا معهم’وقع’! وكانت المفاجأة بعد الكيمــــــيائي أنه بدأ كل شيء من جديد، حتى فيروز كما قال ابنها زياد أعلنت عن حبها لبشار، فيروز التي لم يعرف عنها على مدى السنين أي تحيز لنظام أو لزعيم، فقد غنت للشام ولعمّان ولمكّة ولمصر ولبغداد وللقدس ولتونس وللأندلس ولكنها لم تصمد أمام إغراء بشار وسحره على ذمة ابنها زياد وأعلنت تحيزها للأسد في سنة تعتبر أمّ كل سنوات الممانعة.
حتى حسن نصر الله المصاب بالطائفية (الحميدة) ما لبث أن اضطر هذا العام عن الإعلان بتحول طائفيته (الحميدة) إلى ورم خبيث، وهو أمر كاد أن يخفيه على مدى سنين، وأرسل ‘رجال الله’ لقتال المسلمين حفاظا ودفاعًا عن حجارة ضريح السيدة زينب، فقتل من المسلمين أضعاف ما قتل من صهاينة، وقُتل من ‘رجال الله’ في سوريا المئات، ويكاد يشعل لبنان فتنة، ورغم هذا لم يستطع التغطية على مجد بشار اللغز، فالناس حتى اليوم لا يستطيعون الهتاف ‘الله الضاحية حسن وبس’، لقد كان عام هبوطه وأفول نجمه وتحوله من مقاوم إلى طائفي مذهبي منتصر للسيف والبراميل والكيميائيات على الدم، ولهذا يبقى بشار هو الشخصية الأهم.
أما(المساكين) من أمثال أبو مازن، فقد توازت مقولته بأن المفاوضات لا يمكن أن تستمر مع الاستيطان بمقولة وليد المعلم عن حق الرد’ في المكان والزمان المناسبين’، وهذا بالطبع لا يمنحه لقب شخصية العام فهو باهت لا شعبية له، ولا يستطيع حصار مخيم وتجويعه، ومن يقل في فلسطين ‘إلى الأبد إلى الأبد يا محمود عباس’ أو’الله فلسطين عباس وبس’ يتحول إلى مسخرة.
كذلك على الصعيد العالمي، انتخاب روحاني واتفاقه مع الغرب حول النووي، وكشف مؤامرة ضد رئيس كوريا الشمالية وإعدامه لزوج عمته، وإعصار (حيّان) في الفلبين ورحيل منديلا ومغازلة أوباما لرئيسة وزراء الدنمارك وغيرها من أحداث تبقى هامشية إذا ما قورنت بشخصية بشار الفذة، الذي ما زال يتمتع بروح الدعابة رغم مقتل أكثر من مئة وعشرين ألف سوري وربما ضعف هذا العدد ومئات آلاف الجرحى وأربعة ملايين لاجئ ودمار معظم المدن السورية، علما أن زعــــــماء دوليين يفقدون ابتسامتهم لمجرد ظهور فساد بين ظهرانيهم أو اضطـــرارهم لتفريق مظاهرة بخراطيم المياه والغازات المسيّلة للدموع كما حصل لأردوغان، الذي لم يظهر مبتسمًا أبدًا منذ مظاهرات ميدان (تقسيم)، بشار ما زال محافظا على ابتسامته الساحرة، ولا حاجة لشبيح أن يقول لي ولأمثالي موتوا بغيظكم، فنحن بالفعل ميّتون بغيظنا.
من وجهة نظري هذه ام المقالات
احسنت وابدعت وسر ابداعك هو مصداقية ما ورد من معلومات
على الجميع ان يعلم هناك فرق ما بين المقاوم والذي يمثله الشعب
وما بين البلطجي/الشبيح والذي يمثله المثقف والنخب الحاكمة
اشكر سهيل كيوان على هذه المقالة التي اوضحت الفرق ما ببن المقاوم وما بين البلطجي/الشبيح بأمثلة عملية واقعية.
لا فرق بين النظام الديمقراطي للكيان الصهيوني عن النظام الديكتاتوري لبشار الاسد والسيسي إلا بعدد الاقطاب
التي تمثل النخب الحاكمة في كل نظام
ما رأيكم دام فضلكم؟
مقال جميل وعبر عن كل ما يجول في نفس والخاطر شكرا لك
رائع ، في الصميم …
مع أني ضد كلمة حجارة السيدة زينب …
لم افهم ما هو المقصود … أهي طائفية ام لا …
من قراءاتك السابقة أدرك جداً انك لست بطائفي …
انا اعتبرها نزوة …
Mr. Suhail you are addressing icons like President Bashar Assad and Sayed Hassan Nasrallah I do not see how you can possibly crtisize such prominent figures. How can a mijed discuss jaients matters?