تشير الدلائل الى أن العراق بإرادة أو بغير إرادة منه، ولمواقف بعض القوى السياسية قصيرة النظر، ينجر ليكون ميدانا لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. وفيما يتفاقم الوضع الأمن الإقليمي، الذي يمس العراق بصورة مباشرة تستمر القوى السياسية الفاعلة في طاحونة الصراعات للاستحواذ على الوكالات والوزارات، التي تدر الأموال السهلة من ممتلكات الدولة، والتي تتوفر فيها فرص عقد الصفقات المشبوهة، والتعاقد من خلالها مع شركات وهمية، أو استيراد بضاعة مغشوشة، أو بـأسعار اعلى بعشرات المرات من أسعارها الحقيقي. ان هذا المنحى يهدد بالتفريط بالبلاد من دون رجعة. والسؤال المشروع في هذا السياق هو ما هي التدابير التي ستطورها القيادات السياسية والعسكرية الراهنة، لمواجهة الوضع المترتب، لحماية امن البلاد وأهلها والنأي بالبلاد عن ان تكون ضحية للمواجهات الإقليمية؟.
ووفقًا لبوابة «والا! الإخبارية»، أرسلت إسرائيل مؤخرًا رسائل إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى مفادها أنه إذا لم يتم النظر في أنشطة إيران في العراق، المصحوبة بالتركيز على إمكانية إنشاء مصانع لإنتاج الصواريخ الدقيقة، وإنشاء قواعد عسكرية إيرانية، يمكن أن تستخدمها قوات « فيلق القدس» الإيرانية كجزء من الحملة العسكرية ضد إسرائيل، فان تل أبيب تقف مكتوفة الأيدي وستضطر للعمل، وليس بالضرورة على المستوى السياسي.
حذر كبار المسؤولين في تل ابيب، في الأشهر الأخيرة، «من نشر إيران صواريخ باليستية في العراق، مما قد يهدد إسرائيل في المستقبل». وعلاوة على ذلك، «هناك مخاوف بشأن نشر صواريخ صاروخية وصواريخ باليستية عالية الدقة في الأراضي العراقية من أجل تعقيد جمع المعلومات من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية».
وعلى خلفية ذلك نشرت وسائل الإعلام تفاصيل عملية سلاح الجو الإسرائيلي في العراق. وتجدر الإشارة الى ان وكالات الأنباء نشرت قبل عدة أيام مواد تفيد بأن الطائرات العسكرية الإسرائيلية هاجمت مواقع الميليشيات الشيعية في العراق، والتي، كما يُعتقد عادة، تسيطر عليها طهران.
ونشرت وسائل الإعلام مواد تفيد بقيام الطائرات العسكرية الإسرائيلية مرتين على الأقل (في 19 تموز و 28 تموز) بمهاجمة العراق. في إحدى الحالات، تم هجوم صاروخي على قاعدة «أشرف» شمال بغداد. وتنطلق إسرائيل من استخدام إيران هذه القاعدة لتدريب ممثلي الميليشيات الشيعية. وتشير وسائل الإعلام الروسية الى أن من المعروف ان هذه هي الميليشيات بالتحديد تصدرت ببسالة وشجاعة لإرهابيي داعش، ودعمت القوات العراقية، بما في ذلك أثناء تحرير الموصل والمناطق الأخرى.
تشير الدلائل الى أن العراق بإرادة أو بغير إرادة منه، ولمواقف بعض القوى السياسية قصيرة النظر، ينجر ليكون ميدانا لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية
وادعت وسائل الإعلام أن إسرائيل استخدمت في جميع العمليات في العراق، أحدث قاذفات أمريكية من طراز F-35i من طراز «أدير» من الجيل الخامس. وذُكرت، من دون ذكر مصادر، المعلومات: أن العديد من ممثلي حزب الله قتلوا في العراق جراء غارة الطائرات الإسرائيلية.
وسبق أن استخدمت إسرائيل طراز F-35i «أدير» في العمليات القتالية. ففي يناير 2019، دمرت الطائرات الإسرائيلية رادار JY-27، من صنع صيني، يقع في محيط مطار دمشق. ومنذ ذلك الحين، لم ترد أي تقارير عن استخدام سلاح الجو الإسرائيلي من طراز F-35 في سوريا. ويرجح ان هذا مرتبط بنشر منظمة أس ـ 300 الروسية في سوريا.
يذكر أن إسرائيل، هاجمت في الأسبوع الماضي أهدافًا في سوريا، فقتلت 9 أشخاص، بينهم 6 إيرانيين يقاتلون من أجل النظام السوري. ويُزعم أن هذا الهجوم الإسرائيلي كان من المفترض أن يمنع الإيرانيين من الاستيلاء على المرتفعات الاستراتيجية في محافظة درعا في جنوب البلاد. وطبقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد استهدفت الصواريخ الإسرائيلية في وقت مبكر من صباح الأربعاء «المواقع العسكرية ومواقع الاستطلاع التابعة لإيران والميليشيات [الموالية لإيران]» في محافظتي درعا والقنيطرة في جنوب سوريا. والثلاثة الآخرون الذين قتلوا خلال الغارات الجوية الإسرائيلية كانوا من أنصار الرئيس السوري بشار الأسد.
ومنذ بدء النزاع العسكري في سوريا في عام 2011، شنت إسرائيل مئات الهجمات على أراضي هذا البلد العربي. وكانت موجهة بالتحديد ضد حزب الله والقوات الإيرانية على الأراضي السورية، وكذلك ضد القوات الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد. ومن الناحية الرسمية، تم تبرير مثل هذه الإجراءات بضرورة منع تزويد حزب الله اللبناني بالأسلحة، وتوطيد القوات المسلحة الإيرانية مواقعها على الأراضي السورية، بالقرب من الحدود الشمالية لإسرائيل.
لا يعلق المسؤولون الإسرائيليون عادة على تقارير عن مثل هذه الهجمات، لكن في بعض الأحيان يصرون على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها بمهاجمة مواقع إيران وحزب الله.، قال وزير التعاون الإقليمي في إسرائيل السابق، تساهي هانيجبي (من حزب الليكود) في الأسبوع الماضي، إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي «تقتل الإيرانيين». كما قال، «لقد هزمنا الإيرانيين مئات المرات في سوريا. في بعض الأحيان يعترفون بذلك، أحيانًا تكشف وسائل الإعلام الأجنبية عن هذا الموضوع، وأحيانًا الوزير، وأحيانًا رئيس الأركان العامة. لكن كل هذا سياسة منسقة. « وقال هانيجبي لقناة كان التليفزيونية العامة الإسرائيلية: «الإيرانيون محدودون للغاية في ردهم، ليس لأنهم ليس لديهم فرص، ولكن لأنهم يفهمون أن إسرائيل تتصرف بكل جدية». وخلص إلى القول: «نحن حازمون للغاية في مسائل الأمن القومي».
وفي تعليقه على «تقارير في وسائل الإعلام الأجنبية» حول الهجمات الإسرائيلية على الأراضي العراقية، قال اللواء عاموس يادلين الرئيس السابق للمخابرات العسكرية ورئيس معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، «إن العراق شريان لوجستي لإيران». وصرح في مقابلة مع راديو الجيش، أن الحملة الإسرائيلية ضد جمهورية إيران الإسلامية «تمتد إلى ما وراء الأراضي السورية وتمتد إلى لبنان والعراق». وحسب يادلين، «بالإضافة إلى حقيقة أن العراق هو شريان لوجستي في طريقه إلى سوريا لقوات الأمن الإيرانية، يمكن للإيرانيين تزويد العراق بصواريخ لزيادة دقة قصف الأراضي الإسرائيلية».
وعن الادعاءات بأن إسرائيل هاجمت في العراق، قال يادلين إن هذا ربما يكون صحيحًا: «على ما يبدو، إسرائيل تعمل في العراق. نحن مصممون على مواجهة خطط إيران «. وكما يادلين وهو طيار ومشارك السابق في العملية العسكرية «أوبرا» يادلين، أن العراق كان في متناول المقاتلين الإسرائيليين منذ أوائل الثمانينات.
كاتب من العراق يقيم في موسكو