كما كان متوقعاً، الجمعة، ليل السبت حسب التوقيت الإسرائيلي، قرر مكتب المحاكمات الأولية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بأن ثمة دولة فلسطين ذات سيادة على يهودا والسامرة وقطاع غزة وشرقي القدس. وهكذا خولت المدعية العامة في المحكمة بفتح تحقيق في الجرائم التي يزعم أنها ارتكبت في أراضي “فلسطين”.
وسرعان ما جاء الرد على القرار، وكان هو الآخر متوقعاً. فقد احتفل المجرمون الفلسطينيون، ومنظمات الإرهاب الفلسطينية مثل حماس وغيرهم من المحافل الفلسطينية والمؤيدة لهم. أما اليهود الإسرائيليون، بمن فيهم الضحايا المحتملون للمجرمين الفلسطينيين، فقد نددوا بالقرار.
وبالنسبة لمن هو مقتنع بأن محكمة الجنايات الدولية ستعمل وفقاً للقانون، فهذه الردود غريبة. فمنذ متى يحتفل القتلة والمجرمون الآخرون بفتح تحقيق جنائي قد يؤدي إلى لوائح اتهام ضدهم؟ منذ متى يعارض الضحايا المحتملون إجراءات جنائية ضد المجرمين الذين استهدفوهم؟
واضح أن لزعماء السلطة الفلسطينية وحماس ما هو واضح لزعماء إسرائيل المنتخبين: محكمة الجنايات الدولية ليست مؤسسة تعمل وفقاً للقضاء بل وفقاً لدوافع سياسية. ولهذا، فقد كان واضحاً بأن المحكمة ستخول المدعية العامة بالتحقيق، رغم أن القانون نفسه يقول صراحة بأن ليس لها صلاحيات كهذه بدون موافقة الدولة، وحسب القانون، فإن فلسطين ليست دولة. ولذات السبب، واضح بأن تحقيق المدعية العامة (وللدقة من سيحل محلها في الأيام القريبة المقبلة) سيؤدي إلى لوائح اتهام وأوامر اعتقال ضد إسرائيليين على ارتكاب “جرائم” استيطان يهودي وكذا دفاع قانوني عن مواطني إسرائيل ضد هجمات الإرهابيين الفلسطينيين. وواضح أيضاً أن حماس محقة في أنه لن يقدم إلى المحاكمة أي إرهابي فلسطيني.
ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله؟ الفعل في كل مستوى للمس بشرعية المحكمة، وفرض المصاعب على التحقيق بكل سبيل ممكن واستغلال الفرص للتعاون الدولي ضد محكمة الجنايات الدولية.
هذا يعني أن إسرائيل ملزمة بأن تحظر وبالقانون تعاون أي جهة إسرائيلية مع المحكمة، مثل الحظر القائم في القانون الأمريكي، والإلغاء الفوري للتعاون “غير الرسمي” لرجال القانون في الدولة مع طواقم المدعية العامة ومنع كل أفعال المستشار القانوني للحكومة وغيره من رجال القانون الكبار الذين يتعاطون مع محكمة الجنايات الدولية كجسم قضائي (مثل رفع وثائق قانونية بشكل “غير رسمي” بل والتعاطي مع المحكمة في الموقع الرسمي لوزارة العدل). كما أن إسرائيل ملزمة بتعميق التعاون مع الولايات المتحدة التي فرضت العقوبات على طواقم محكمة الجنايات الدولية.
وحده الضغط السياسي الدولي يمكنه أن يمنع لوائح الاتهام ضد الإسرائيليين والمحاكم الميدانية. كل محاولة للتعاطي مع محكمة الجنايات الدولية كجسم قضائي تميد مجال المناورة لدى هذه المؤسسة غير الشرعية.
بقلم: البروفيسور آفي بال
إسرائيل اليوم 7/2/2021