بطالة الناس من بطالة الدول

حجم الخط
0

مفهوم البطالة المقنعة من المفاهيم التي أخذت أهمية كبرى في المجتمعات المعاصرة من البحث والتحليل، لذا استحوذ موضوع البطالة المقنعة بشكل رئيسي على اهتمام أصحاب القرارات، تعد البطالة المقنعة من أخطر وأكبر المشاكل التي تهدد استقرار الأمم والدول، وتختلف حدتها من دولة لأخرى، ومن مجتمع لآخر، فالبطالة تشكل السبب الرئيسي لمعظم الأمراض الاجتماعية، وتمثل تهديدا واضحا على الاستقرار السياسي، البطالة المقنعة هي مصطلح يعبر عن مجموعة من العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبها الوظيفة، فالبطالة المقنعة تحدث في كثير من الدول النامية نتيجة تكدس العاملين في الجهاز الحكومي، ما يفوق احتياجات تلك الجهات، وذلك نتيجة التزام الدول بتعيين الخريجين من دون أن يكون هناك احتياج حقيقي لهم، وكذلك تكون البطالة المقنعة أحيانا بشكل صريح، عبئا لأنه لا إنتاجية لهم، فالبطالة المقنعة أيضا سبب من أسباب البطالة الظاهرة وليس العكس، فموارد الأموال العامة التي تنفق من دون إنتاج كان من الممكن الاستفادة منها في توظيف العاطلين في مواقع عمل منتجة يتقوى بها الاقتصاد الوطني، والبطالة المقنعة عادة ما تقتل الكفاءات والمواهب لان أكثر الناس يعملون لكي يعتاشوا، فإذا كانت معيشتهم قد تم حسمها من خلال البطالة المقنعة فسوف يروا عدم أهمية استخدام كفاءاتهم ومواهبهم، وهذا ما نراه في الكثير من الدوائر العامة والحكومية والشركات شبه الحكومية في البلد، حيث الأعداد الكبيرة من الموظفين التي لا تتناسب أعدادهم مع حجم العمل المناط بهم، وفي الواقع أغلبهم لا يقوم بأي عمل محدد، بل إنهم يقضون أغلب الوقت بالحديث مع بعضهم، وإطلاق النكات على هذا وذاك أو على المسؤولين . البطالة المقنعة تزداد في حالة وجود الفساد الإداري والذي يسيطر بها المفسدون على الدور والأراضي والآليات التابعة للدولة، كذلك استغلال مواقع العمل والأموال العامة واستثمارها لمصالحهم الشخصية.
على سبيل المثال، إذا اشتكى أحد الموظفين، لدى المسؤول قلة الأعمال لديه لكي ينقله إلى مكان آخر، يقوم هذا المسؤول بالطلب من الموظف المزيد من الأعمال الكتابية والتقارير، التي لا طائل من ورائها، سوى إهدار مزيد من حبر الكمبيوتر والأوراق والوقت، أو يقوم المسؤول بإرسال الموظف لدورات تدريبية خاطئة، لا تناسب وضع الموظف، سواء في عمله أو في عمل منتج قد ينتقل إليه مستقبلا.
ومن المقترحات التي ممكن إدراجها للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، هو إنشاء مكاتب جادة للعمل في كل محافظات الوطن، وهناك من له دور في حل هذه المشكلة أيضا، وهم القطاع الخاص، بإتاحة الفرصة للشباب للعمل، وليس الاعتماد على أصحاب الخبرة فقط، حيث إنهم مروا بهذه المرحلة مسبقا، ولم تنشأ خبرتهم هكذا بفعل ساحر، إنما عملوا وأخطأوا، وتجاوزا الخطأ، إلى أن وصلوا إلى هذه المرحلة، إن البلد يحتاج إلى كل الطاقات الشابة، لتغذية المؤسسات بدماء شابة لكن بأشراف أصحاب الخبرات، إن مهمة إدارة المــوارد البشرية والتطوير، وكذلك الجودة في كل وزارة، البحث وراء تلك البطالة المقنعة، وليس التوظيف لأنه ابن فلان وأخ علان.
وعلى الرغم من ذلك كله إلا أنه لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات على مر السنين من وجود ظاهرة البطالة المقنعة، فالبطالة المقنعة مشكلة قديمة وليست جديدة، لها آثار مدمرة على المجتمع، إلا أن نسبة البطالة المقنعة، تختلف من مجتمع إلى آخر، ولكن بكل الظروف وقوانين العمل، بين القطاع العام والخاص، قد نحد من تفاقم هذه المشكلة وهذه الظاهرة.
وفي النهاية أن البطالة المقنعة تحمل مخاطر فشل الجهات الحكومية، في حلها ما يسبب في المستقبل مشاكل مالية في الرواتب ومشاكل في الإنتاجية وإحباطا للجادين في العمل لتأثير البطالة المقنعة فيهم.
لذلك يجب التسريع في وضع الخطط، للحد من البطالة المقنعة، ضمن خطط الحكومة في التنمية، لأن المتسببين في البطالة المقنعة ليسوا في منأى عن المسؤولية.

أيمن هشام عزريل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية