الناصرة – ‘القدس العربي’: عبّر بطريرك القدس للاتين فؤاد الطوال عن قلقه البالغ من تنامي موجة أعمال التطرف والإرهاب التي تطال العرب في إسرائيل داعيا حكومتها لوضع حد لها لأنها آفة تمسّ بالديمقراطية التي تنسبها إسرائيل لنفسها بل تسيء بشكل كبير إلى صورتها هي أيضا في العالم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده البطريرك في حيفا أمس قال فيه إن مجموعة من عبارات الإدانة والاستنكار صدرت عن بعض القادة الإسرائيليين، إلا أننا لم نسمع سوى عن عدد قليل من الاعتقالات. وتابع’ كما يُقال، فإنه ‘يكفي لانتصار الشر، أن لا يفعل الرجال الأخيار شيئا’. وأوضح البطريرك أنه في هذه المرحلة، أضحت أعمال التخريب المستمرة تُسَمِّمُ الأجواء العامة، مشيرا لأجواء التعايش والتعاون، وخاصة خلال هذين الأسبوعين الأخيرين الذين يسبقان زيارة قداسة البابا فرانسيس. وتابع في الوقت نفسه، فإننا نشعر بالتشجيع إزاء الدعوة التي وجهتها وزيرة العدل، تسيبي ليفني، إلى عقد اجتماع طاريء لمكافحة هذه الأعمال التخريبية التي لا معنى لها. وكذلك فإن وزير الدفاع موشيه يعلون، كان قد وصف أيضاً، في عام 2014، هجمات المستوطنين بأنها ‘إرهاب صريح’ و أنه ‘لن يتهاون مع ذلك أبداً’. نأمل أن لا تبقى المسألة فقط مسألة تسجيلات صوتية ومناقشات حول مائدة مستديرة. وسنبقى في ريبة إلى أن نرى هذه الكلمات تتحول إلى أفعال حقيقية.
وأشار أنه إلى جانب ذلك، تكونت العديد من الأسئلة المتعلقة بهذه الأوضاع: فمن يقف وراء هذا العنف؟ أهي هجمات متفرقة يقوم بها فقط بعض الأفراد؟ ومن الذي زودهم بهذه التربية السيئة؟ وكيف حدث أنه لم يتم محاكمة أحد من الجناة؟’
واستذكر البطريرك طوال ما قاله كارمي جيلون، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي (الشاباك) بأنّ رئيس الجهاز الحالي، يورام كوهين، ‘لا يأخذ على محمل الجدّ، الأعمال التخريبية التي قام بها مؤخراً يهودٌ متشددون ضد ممتلكات تعود إلى الفلسطينيين أو العرب المقيمين في اسرائيل’، وأنه ‘لا يستثمر ما يكفي من الموارد لوقف أعمال التخريب، بل إنه يُقَلِّل من شأن خطورة هذه الأنشطة.’ ثم أردف قائلاً بأنه، ‘وعلى ما يبدو، فإن هذا الشأن لا يُشكل أولوية بالنسبة إليه.’ وإذا كان الأمر كذلك ، فنحن بدورنا نتسائل: لماذا؟.
ومن المعروف أن الشرطة الإسرائيلية قد أقامت وحدات خاصة لمتابعة مثل هذه الحالات، كما وأن الحكومة قد وصفت الجماعات المسؤولة بأنها ‘جمعيات غير مشروعة’، مما يعطي السلطات صلاحيات واسعة في التصدي لها. ونظراً إلى عدم ملاحقة المخربين، فإننا نتساءل عن ماهية الأولويات التي تضعها الحكومة كي تصل إلى جوهر هذه المشكلة؟.
إن معالجة هذه القضية المحزنة لا يمكن أن يقتصر فقط على بُعدي ‘القانون والنظام’. بل يجب التساؤل عن نوعية التربية التي نقدمها لأطفالنا؟ فماذا يتعلمون عن أولئك الذين يختلفون عنهم في الدين أو الجنسية أو الهوية العرقية؟ وما الذي يتم تَعَلُّمُه في تلك الأوساط، التي يَخرُج منها شبانٌ يرتكبون أفعال الكراهية؟ وما هو تأثير الخطاب الرسمي على التربية، وهو خطاب يُصِرُّ على تَصَوُّرِ الدولةِ، دولةً لمجموعة واحدة من الناس؟.
وديع عواودة