بطريقة أولمرت

حجم الخط
3

أُحصي حتى لحظة كتابة هذه السطور أكثر من 1100 قتيل فلسطيني. ولا شك في أن هذا العدد سيزيد. وإن نحوا من 80 بالمئة من القتلى مدنيون؛ «غير مشاركين» ـ بحسب الاسم البائس الذي منح للبشر الذين هُشموا بالمتفجرات. إن أكثر من 220 منهم أولاد صغار، وفيهم نحو من 120 امرأة اربع منهن على الاقل حوامل.
لكننا لسنا مذنبين. فنحن أبرياء واخلاقيون كما نحن دائما لأننا لم نتعمد ولم نعلم ولم نرَ. فقد حاولنا حقا وأبلغنا سلفا. وهل «يخطر بالبال أننا…؟؟»، بالطبع لا.
إن طريقة الدفاع هذه في المجال الجنائي أوجزها ايهود اولمرت. فقد نجح مرة بعد اخرى في التخلص بها من شتى لوائح الاتهام الجنائي التي رفعت عليه. وكرر قوله مع وجه بريء وعينين معذبتين، بصوت مهين: «لكنني لم أتعمد. ولم أعلم ولم أرَ. ولم يقولوا لي. وهل يخطر بالبال أصلا أن أقترف جريمة؟؟ أأنا؟؟؟…».
وقد نجحت الطريقة الى أن كفت المحكمة عن قبولها فأدانته.
ويقع في الظن الآن أن حكومة اسرائيل تبنت «طريقة اولمرت» وبدأت استعمالها بجد في مجال سياسة الامن والدعاية: «لم نعمد ولم نعلم ولم نُرد، وهل يخطر بالبال أصلا أن نصيب مدنيين؟؟ أونحن؟؟؟…».
إنها طريقة اولمرت في احسن احوالها.
فمن المناسب لذلك أن نبين للحكومة واذرعها عددا من المبادئ الاساسية في المنطق والقانون. إن دعوى «لم أتعمد» يمكن، وإن يكن ذلك بصعوبة كبيرة، أن تبدو نصف معقولة فيما يتعلق بالاولاد القتلى الخمسة الأوائل. ومع موت الولد العاشر تبدأ تبدو جوفاء. لأن عشرة اولاد موتى ليسوا عن غفلة. إن ذلك على الأقل اهمال (والاهمال بلغة القانون يعني «عدم معرفة النتيجة وعدم الرغبة فيها ايضا»). وحينما يبلغ عدد جثث الاولاد خمسين، وتتراكم النساء الميتات، فلا شك أنه لم يعد الحديث عن اهمال. بل هو تسرع (وهذا باللغة القانونية يعني «معرفة النتيجة لكن عدم الرغبة فيها»).
وحينما يقتل الولد المئة، والمرأة الثمانون، و»غير المشارك» الثلاثمئة بقصف موجه جيدا وبقذائف مع عنوان، لا يعود التسرع كافيا بل يصبح ذلك تعمدا ونتيجة قرار. وثمرة فاسدة لأمر عسكري معلوم وإرادي يعلم جيدا أن اولادا ونساءا وشيوخا وعاجزين وأبرياء سيقتلون. ولا يعود قول «لم أتعمد» ناجحا.
ثمة ذريعة اخرى مقرونة بعمل نقاء الراحتين وهي أن حماس تختبيء بين المدنيين. وتختبئ في المستشفيات. وتستعمل الأبرياء دروعا حية. ولهذا يجوز قصف بيت لأن رجلا من حماس ضيف في احدى الشقق، ويجوز قتل عائلة كاملة لأن أحد أبنائها ضابط شرطة.
وهكذا يصبح كل بيت في اسرائيل هدفا مشروعا مثل هذا المنطق الفاسد لأنه لا يوجد بيت ليس فيه جندي. ويجوز قصف كل مقهى لأنه يوجد فيه دائما رجل أمن ما يشرب القهوة.
ويحسن أن نذكر ايضا أن هيئة القيادة العامة للجيش الاسرائيلي تقع في قلب القلب الضاج لسكان مدنيين وعلى بعد 200 متر عن مستشفى ايخيلوف. فهل يعتبر ذلك رخصة لقتل كل سكان مركز تل ابيب وكل اطباء ايخيلوف ومرضاهم لاصابة قادة الجيش المستترين بينهم؟.
إن الاصرار الاسرائيلي على اعادة استنساخ هاتين الذريعتين اصبح يبدو سخيفا وغبيا ومنافقا ومدعيا للسذاجة كذاك الفيلم القصير على الاقل الذي بدا فيه الطيار والجندية الرحيمان يقيان حياة مدنيين استهدفوا لكاميرا القصف.
ومن المثير للاهتمام أن نعلم هل يوجد فيلم أحدث ايضا. فيلم يُعلم فيه الطيار الجندية أنه لاحظ اولادا بالمنظار لكنها تجيبه هذه المرة بحسب مضمون ملصقة بلدية أور يهودا: «أُدخل في أمهم». لأنه يبدو أن هذا هو مضمون الاوامر العسكرية، بحسب النتيجة. ويصعب التطهر من هذا.

هآرتس 30/7/2014

ب. ميخائيل

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جهاد:

    دائما اساتل نفسي سؤال
    كيف يستطيع قائد الطائرة الذى يرى النساء والمدنيين العاجزين يقتلهم بقذائف رهيبة ويحرقهم حرق ثم يعود لبيته ويصافح زوجته ويحتضن ابناءه كيف يستطيع النوم؟؟؟؟
    كيف يستطيع الراحة
    ؟؟؟؟؟؟
    قاتل الاطفال على شاطىء البحر وقتلهم بقذيفتين قذسفة اولى هرب الاطفال ثم راءهم وتاكد انهم اطفال يلعبون بائسون فقراء خرجوا من بيوتهم ضائقين من الحرب وحماس والقرف ومع ذلك قتلوهم بدم بارد وحولولهم الى رماد
    كيف يستطيعون النوم والراحة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    دائما اسال نفسى ولا اجد جوابا
    هل هم ليسوا بشر؟؟ هل هم وحوش وظلمة وقتلة الى هذه الدرجة
    وسؤال اخر
    اين العدل فى هذه الدنيا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    اسئلة بلا جواب

  2. يقول د. حسين السلع - فيلدلفيا:

    علمتم كافة طياريكم وجنودكم أن يقتلوا ويقتلوا ولا يرمش لهم جفن
    علمتموهم الشوفينية والقتل والشعب الذي لا يقهر وهو فئران
    علمتموهم قتل الانسانية وتدعون الانسانية
    علمتموهم النوم بعد كل قتل جماعي للمدنيين، فهل سيستفيقون يوما ويقولوا يا ويلنا منهم!! ما ذا تتوقعون من الضحية الاستسلام أم المقاومة؟ ماذا تتوقعون من الضحية السكوت أم الصياح؟ الله أكبر عليكم وعلى جيوشكم وعلى شعبكم وأطفالكم ونساؤكم ورؤسائكم فأنتم تبثون السموم في كل اسرائيل وفي العالم وسيرتد لكم زعافا يقتلكم كما قتلتمونا…
    انتظروا وانا منتظرون: أليس فيكم رجل رشيد؟
    تريدون العيش معنا فأهلا وسهلا في دولة فلسطين التي تتسع للجميع وليس لكم فقط، هنا بيت القصيد اعترفوا بنا مساوين لكم وستجدون احضاننا واسعة لكم… أما اقصاء الاخر وتهجيره وقتله ونفيه وعدم الاعتراف به لن يؤتي الا نفي وتشريد وقتل لكم… اعتبروا يا قتلة الاطفال في المدارس وفي الشوارع وفي المنازل… فماذا تنتظرون الا المعاملة بالمثل؟؟؟

  3. يقول محمد غزه:

    دير ياسين وبحر البقر وغزه وكثير من الجرائم التي ارتكبتها القوات الاسرائيليه ضد المدنين , وكل الاجوبه من القياده الاسرائيليه لا نعلم , بالخطاء , المقاومه تختبئ بين السكان , 360 ك م م ومن اين نسطيع ان نقاوم حصاركم الظالم ومن اين نستيطع ان ندافع عن انفسنا انتم لا تريدون سلام ولا تريدون الحياه لنا فماذا تتوقعون منا جيل 67 قام بالانتفاضه . 2008 قاوم 2012 وجيل 2014 ماذا تنتظرون منه فالقبه الحديديه لن تحميكم ولا نتانياهو ولا بينت اذا كنتم تريدون الحياه في هذه المنطقه فلا مفر من سلام عادل يعيش الكل فيه بسلام اما قتل الاطفال وتدمير البيوت فلن ياتيكم بالهدوء وسيدفع اولادكم ونسائكم ثمنه كما ندفعه الان .
    يؤسفني ان اري في القرن 21 اناس يقفون ويطالبون بالمقصله لاطفال غزه .
    انتم تلجئون للمخابئ من صواريخ بسيطه تخيلو لو ان صاروخ من صواريخكم سقط في تل ابيب اطنان المتفجرات التي سقطت علينا تذكرنا بهيرشيما
    ان كل من يراهن منكم علي كسر اراده شعبنا في التحرر والعيش الكريم سيخسر هذا الرهان نحن نذهب الي النوم ولا نعرف اذا سيكون هناك غدا ولا نخاف الموت فالموت حق اما انتم فعكسنا تماما هذه حسب قادتكم حرب انفاق فماذا غدا .

إشترك في قائمتنا البريدية