الخرطوم: بعد 30 عاما من حكم الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، تتوجه أنظار السودانيين نحو الحالة المعيشية ومدى إسهام تغيير نظام الحكم بالبلاد، في قلب الموازنة الاقتصادية.
خلال حكم البشير، سار الاقتصاد السوداني في طرق وعرة، كانت الأزمات المعيشية أبرز ملامحه، وإهمال كامل للقطاعات الإنتاجية التي لم تستطع الحكومة السابقة تسخير الموارد الطبيعية الهائلة في البلاد.
ويملك السودان مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان (الفدان = 4200 متر مربع) صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون فدانا.
في الشق الحيواني، يتمتع السودان بـ102 مليون رأس من الماشية، متحركة في مراعي طبيعية، تُقدر مساحتها بـ118 مليون فدان، فضلا عن معدل أمطار سنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب.
إلا أن الموارد ظلت غير مستغلة طيلة تعاقب الحكومات السابقة على السودان، خلال 63 عاما هي عمر استقلال البلاد من الاحتلال الإنكليزي في 1956.
غير أنه وبعد تغيير نظام الحكم عقب إعلان قيادة الجيش السوداني، الخميس الماضي، عزل واعتقال الرئيس عمر البشير، بدأ الشارع السوداني يبحث عن سيناريوهات الاقتصاد القومي خلال المرحلة المقبلة.
عدد من الموجهات والمؤشرات يضعها خبراء اقتصاد سودانيون للمرحلة الاقتصادية المقبلة، تتمثل في ضرورة الإسراع بملء الفراغ التنفيذي بعد إعلان المجلس العسكري الانتقالي بحل الحكومة المركزية والولائية.
يؤكد الخبير الاقتصادي، علي عبد الرازق أن المرحلة الانتقالية المقبلة، تتطلب جهوداً حثيثة من الحكومة في المجال الاقتصادي.
وأشار عبد الرازق إلى أهمية السعي لتوفير متطلبات البيئة الاستثمارية لا سيما بعد أن توفر الغطاء القانوني لعملية جذب الاستثمارات وتحديد الخارطة الاستثمارية.
وطالب بالعمل على بناء استراتيجية واضحة المعالم، تعمل على خلق التوافق الانسجام والتناسق، بين إجراءات السياسة المالية والنقدية، فضلا على توفير متطلبات النهوض بالقطاع الزراعي والصناعي باعتبارهما قاطرة النمو.
إلا أن أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين، محمد الناير، يرى أن السباق مع الزمن مهم، مما يتطلب من المجلس العسكري سرعة تعيين حكومة كفاءات للقطاع الاقتصادي، دون النظر إلى الانتماءات الحزبية.
وأوضح أن الفترة المقبلة لا بد أن تعمل الحكومة التي يعتزم المجلس العسكري تشكيلها، على حل الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد في سنواته الأخيرة، “في مقدمتها شح السيولة في الأوراق النقدية، وتوفير السلع الأساسية للمواطن”.
وأشار الناير إلى ضرورة استعادة الثقة المفقودة بين عملاء المصارف والمصارف التجارية، التي تفاقمت بعد أزمة شح الأوراق النقدية التي دخلت عامها الثاني.
وأقرت حكومة البشير السابقة قرارات بتحجيم الكتلة النقدية في الأسواق السودانية منذ بداية 2018، في محاولة منها للسيطرة على أسعار صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار.
وقال الناير: “ثمة مؤشرات إيجابية يجب استغلالها في الفترة الراهنة، تتمثل في مدى قبول عملاء المصارف في إيداع أموالهم مرة أخرى لدى المصارف التجارية”.
لكنه رجح احتمالية لجوء السودان إلى تبديل عملته حال وجد الإمكانية اللازمة لذلك، حتى يستطيع جذب أكبر حجم من الكتلة النقدية إلى داخل النظام المصرفي.
وفي وقت سابق، أعلنت الرياض وأبوظبي تقديم حزمة من المساعدات الإنسانية، تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية للسودان، بعد تأيدهما لاختيارات الشعب السوداني. (الأناضول)