الرباط ـ «القدس العربي»: أعراض زكام، إسهال واحتقان في الأنف وفقدان لحاستي الشم والذوق، ليست هذه أعراض الإصابة بفيروس “كورونا” أو بإحدى سلالاتها المتحوِّرة، إنما هي أعراض اشتكى منها عدد من المغاربة بعد تلقِّيهم الجرعة الثانية من اللقاح (التطعيم).
“أخذتُ الجرعة الأولى من التطعيم دون أي متاعب باستثناء ألم يُحيط وخز الحقنة، إلا أني أصبت بوعكة صحية شديدة عقب الجرعة الثانية من اللقاح ألزمتني الفراش مدة أسبوع”، هكذا تحدثت “مي الزوهرة” لـ “القدس العربي” وهي البالغة من العمر 71 عاما.
عانت السيدة المغربية، من حمى مرتفعة وأصيبت بالدُّوار وصعوبة في النّظر. تتابع “الخالة الزوهرة” حديثها بالقول، ” أصبت بعياء شديد وتعب وآلام في المفاصل بعد ساعات قليلة من تلقي الجرعة الثانية، ولم أستطع القيام من الفراش في صباح اليوم التالي، كنت متعبة جدا ولا أقوَ على رفع رأسي”.
المرأة السبعينية ليست الوحيدة التي باغتتها أعراض مزعجة عقب موعد اللقاح، نوال، تبلغ من العمر 42 سنة مصابة بمرض السكري، أكدت لـ “القدس العربي” إصابتها بالإسهال والرغبة في القيء بالإضافة إلى الزكام وفقدان حاسَّتي الشم والتذوق وآلام مُبرحة في الرأس “الشقيقة””.
“انتابني ألم خفيف على جانبي رأسي، لم أُعِر الأمر اهتماما بالغا، لكن الآلام كانت تزداد، أصبتُ بصداع نصفي، وبعدها هاجمني الزكام ولم أعد قادرة على الشَّم أو التَّذوق مع صعوبة في النوم، لم أعلم إن كنت أصبت قبل اللقاح بفيروس “كورونا” أم أنها أعراض مُرافقة للقاح”.
على غرار جميع الأدوية والمنتجات الصحية، يمكن أن يسبب لقاح فيروس كورونا، آثارًا جانبية لدى بعض الأشخاص، وأظهرت التجارب السريرية التي أجريت على هذا اللقاح، أنه من الممكن أن تظهر، في الأيام الأولى بعد التطعيم، آثار خفيفة إلى معتدلة على المستفيدين من التطعيم، والتي تختفي تلقائيًا، متمثلة في أعراض موضعية كالإحساس بالألم في موضع الحقن مع التورم أو الاحمرار، إلى جانب حمى وتوعك وآلام في العضلات والمفاصل.
وزارة الصحة في المغرب، ومن أجل مراقبة هذه الأعراض والتخلص منها في الوقت المناسب، قامت بإحداث منصة إلكترونية “يقظة لقاح”، تُتيح التتبع عن بعد لسلامة اللقاح على المستفيد منه، عبر التبليغ عن أي أعراض جانبية، وذلك بعد تلقي الجرعة الأولى و/ أو الثانية من اللقاح، حيث ستسمح للمستفيدين بالاتصال المستمر مع الأطباء في أقرب محطة تلقيحهم.
بالنسبة للبروفيسور خالد فتحي، فمن الطبيعي أن هذه اللقاحات، ما بين “سينوفارم” المعتمد على فيروس مقتول و”أسترازنيكا” المعتمد على الناقل الفيروسي، ستُثير أعراضا قد تُحيل على فيروس “كورونا” بشكل خفيف على اعتبار أن إدخال الفيروس المقتول أو مادته الوراثية إلى جسم الإنسان يعمل على تحفيز المناعة.
ويرى الأستاذ في كلية الطب في جامعة محمد الخامس في الرباط، خلال حديثه لـ “القدس العربي”، أنه من العادي أن تظهر بعض الأعراض التي تُذكّر بفيروس “كورونا” لكن بشكل لطيف، كالحمى البسيطة وما يسمى متلازمة شبيه الزكام، مؤكدا أن مجموع هذه الأعراض تدل على أن الجسم يتفاعل بطريقة إيجابية مع اللقاح.
ولفت البروفيسور إلى ما اعتبره “التداعيات النفسية” بسبب الجائحة، وأن عددا من الأعراض كفقدان الشم والذوق لا تعدو كونها وَهم بالإصابة بأعراض “كورونا”، موضحا أنّ المغاربة قضوا عاما كاملا يختبئون من الفيروس.
وتابع “حين يتوجَّه المواطن للتلقيح فهو يعلم مسبقا أن ما سيدخل جسده هو فيروس كورونا مقتول، ما قد يدفع لظهور أعراض شبيهة بالإصابة بـ”كوفيد 19″، تكون نفسية أكثر من أي شيء آخر”.
منذ أُسبوعين، أثار لقاح “أسترازنيكا” الجدل بعد أن علقت دول أوروبية عدة برامجها التطعيمية المرتكزة عليه بسبب مخاوف من تسببه بتجلط الدم، لاحقا، قالت وكالة الأدوية الأوروبية إنه ينبغي إضافة الحساسية الشديدة إلى الآثار الجانبية المحتملة للقاح فيروس كورونا الذي تنتجه “أسترازينيكا” بعد اكتشاف صلات محتملة بعدد من الحالات في بريطانيا.
في المغرب، جرى تسجيل حالات قليلة من الحساسية المُفرطة التي تمّ التعامل معها على مستوى مراكز التطعيم المعدَّة سلَفا للتعامل مع مثل هذه الحوادث الفجائية والتي يمكن أن تقع في الدقائق الأولى بعد التطعيم.
بعد ذلك، أصدرت المملكة المتحدة بيانا أكدت فيه أن اللقاح “آمن وفعال”. وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس الحكومة بوريس جونسون للصحافيين “قلنا بوضوح إنه آمن وفعال.. وعندما يُطلب من الناس التقدم لتلقيه، يجب أن يفعلوا ذلك بثقة”.
وفي ألمانيا، قال كبار مسؤولي الصحة إن لقاح أسترازينيكا آمن، ويمكن لألمانيا مواصلة استخدامه. وقال وزير الصحة الألماني “كل ما نعلمه حتى الآن يشير إلى أن فوائد اللقاح حتى بعد كل حالة فردية مسجلة أكبر بكثير من المخاطر”.
قررت الحكومة المغربية تمديد فترة العمل بالإجراءات الاحترازية لمدة أسبوعين إضافيين، وذلك ابتداء من مساء أمس الثلاثاء. وأفاد بيان في الموضوع أن هذا القرار يأتي تبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية بضرورة الاستمرار في الإجراءات اللازمة لمواجهة تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19 .كما يأتي القرار، على إثر تطور هذا الوباء على الصعيد العالمي وذلك بظهور سلالات جديدة من هذا الفيروس، وفي إطار الجهود المتواصلة لتطويق رقعة انتشار الوباء والحد من انعكاساته السلبية.
وفي مدينة الداخلة أقصى جنوب المغرب، أعلن عن إصابة حوالي 40 شخصا أصيبوا بالسلالة المتحورة من فيروس كورونا المستجد المكتشفة مؤخرا بالمملكة المتحدة.
وأفادت المديرة الجهوية للصحة في الداخلة وادي الذهب، سليمة صعصع، أول أمس الاثنين أن منظومة الرصد الوبائي سجلت هاته الحالات في إطار تفعيل المخطط الوطني لليقظة والتصدي لوباء كوفيد-19.
وأضافت أن “الحالة الصحية لجميع الحالات مستقرة ولا تدعو للقلق، حيث توجد قيد العزل الصحي، ويتم التعامل معها ومع مخالطيها وفقا للبروتوكول الصحي الجاري به العمل في المغرب. وتحدثت في تصريح صحفي أوردته وكالة الأنباء المغربية عن اعتماد مجموعة من الإجراءات والتدابير على مستوى جهة الداخلة – وادي الذهب للكشف المبكر وحصر أية حالات للسلالة المتحورة، كما تم تحيين تدابير التكفل بالحالات تماشيا مع الوضع الوبائي المغربي والعالمي.
أما في ما يخص سير عملية التطعيم، فقد بلغ عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من اللقاح في المغرب 4 ملايين و302 ألفا و897 شخصا. بينما وصل عدد المستفيدات والمستفيدين من الجرعة الثانية من التطعيم إلى 3 ملايين و455 ألفا و603 أشخاص.
على صعيد مستجدات الحالة الوبائية في المغرب، أعلن مساء أول أمس الاثنين، عن تسجيل 97 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد و233 حالة شفاء، و9 حالات وفاة خلال 24 ساعة الماضية، وبذلك رفعت الحصيلة الجديدة العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في المغرب إلى 494 ألفا و756 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/ مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 482 ألف و585 حالة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 8807 حالة. أما مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج حاليا فهو 3364 حالة. وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال 24 ساعة 29 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 428 حالة، في حين بلغ معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لـ(كوفيد-19) 13.5 في المئة.