طائرة مساعدات أولى أقلعت صباح أمس من السعودية وهبطت في مدينة حلب شمال سوريا. من المهم الانتباه إلى التفاصيل: السعودية، مثل معظم الدول العربية، سعت لاستغلال كارثة الهزة الأرضية في سوريا كي تتصالح مع بشار الأسد وتعيده إلى حضن الأمة العربية. لكن الأسد الذي يعتمد على الدعم الإيراني وعلى توصيات سياسية من روسيا، لم يسارع للوقوع عائداً إلى الحضن.
كان الزائر الأجنبي الأول إلى المناطق المتفجرة في مدينة حلب هو قائد “فيلق القدس” الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني وليس الرئيس السوري. وتكبد قاآني عناء التقاط صور له مع قادة قوة الإنقاذ المحلية، داس على حطام المباني بل وداعب رأسي طفلين أنقذا من اللظى. في ذاك الوقت، رفعت زين ابنة الـ 19، ابنة الرئيس السوري بلاغاً على إنستغرام يدعو سكان سوريا وطواقم الإنقاذ الدولية “للانتباه لمن تساعدون، والامتناع عن مد اليد لسكان المناطق غير المرغوب فيها”. في نظرة جانبية، نرى كيف قسمت الكارثة بين سكان سوريا موالي النظام في دمشق وبين “الخونة”. استغرق الرئيس الأسد وعقيلته أسماء خمسة أيام (!) للوصول إلى مدينة حلب. نوع من الحل الوسط بين محافظة إدلب المنبوذة في نظر الحكم وبين المناطق المنكوبة. وتكشف الصور بشار الأسد وهو يغدق بابتسامات غريبة. أصر الأسد على الحديث، ليس واضحاً لماذا، عن المساعدة الإيرانية وعن الدعم الروسي. لم يهتم حتى ولا مرة واحدة، حتى في زيارة الغداة بمنطقة اللاذقية شمالي سوريا إذا كان أبناء المكان يحتاجون إلى مساعدة. وخرج واحد من حاشيته أيضاً ليعلن أمام الكاميرات بأنه “في اللحظة التي وصلتَ فيها، فخامة الرئيس، انتهت الكارثة”. لكن سلسلة الابتسامات أثارت غضباً هائلاً بين عشرات آلاف المتصفحين في المواقع الاجتماعية. رفع أحدهم كاريكاتيراً لاذعاً كتب أسفله “من تسبب بضرر أكبر… جرائم الأسد وعصاباته، أم الهزة الأرضية؟”.
من بين عشرة معابر حدود أقيمت بين سوريا وجيرانها في لبنان وتركيا والعراق والأردن، فتح ثلاثة فقط في اليومين الأخيرين. الأول، باب سلامة، الذي استخدم لإعادة مئة ألف جثة لمواطنين سوريين قتلوا في الزلزال. المعبر الثاني، باب الهوى الذي خصص لنقل العتاد.
رغم التصريحات، منظمات الإغاثة الدولية الكبرى لا تساعد في إرسال الطائرات إلى سوريا. فقد أثبتت التجربة أنهم يسرقون العتاد في مطار دمشق الدولي. وإضافة إلى ذلك، فإنه رغم حجم الكارثة الكبيرة في سوريا حتى أكثر مما في تركيا، بسبب نقص الطواقم الطبية الدولية والمستشفيات التي أغلقت في صالح تحويلها إلى ملاجئ لم يستيقظ العالم إلا في اليومين الأخيرين. الجزائر بعثت بطائرة، وليبيا في أعقابها. من القنيطرة التي في هضبة الجولان خرجت ست شاحنات مع بطانيات، منتجات غذائية وملابس وألعاب للأطفال. ثلاث شاحنات إلى حلب وثلاث أخرى إلى محافظة إدلب. الأسد بدأ يفهم بأن العالم، بما فيه الدول العربية، تستخف به.
لا يزال من الصعب أن نتخيل حجم الكارثة في تركيا وفي سوريا. لكن يتبلور فرق بارز: الحكم والمعارضة في تركيا متحدون حول الكارثة. أما في سوريا المنقسمة فالكارثة الرهيبة يتيمة. بعد آلاف المبأني التي انهارت في إدلب، حماة واللاذقية والتي كان يسكن فيها حتى الآن أربعة ملايين مواطن سوري لا يوجد من يحرص على مواصلة المعالجة. متطوعو “الخوذات البيضاء” أنهوا منذ الآن توزيع مخزون البطانيات، والحظ المتعثر يواصل ملاحقة عشرات آلاف الناجين باعجوبة من الهزة الأرضية.
بقلم: سمدار بيري
يديعوت أحرونوت 15/2/2023