عمان – «القدس العربي»: رغم مرور اليوم الخامس على قمة العقبة الأمنية وصدور سلسلة تصريحات مثيرة للجدل ضد مقررات القمة نفسها من الجانب الإسرائيلي، فإن الصمت يخيم على مسؤولي الحكومة الأردنية فيما يرتفع صخب صوت الشارع مندداً بتلك القمة ومتحركاً مرة جديدة نحو أقصى مساحات التضامن مع الشعب الفلسطيني في رسائل تجددت في الاتجاه المعاكس للصمت الرسمي.
بعد خمسة أيام من انعقاد اجتماع أثار الجدل في الشارع الأردني، لم تعلق الحكومة رسمياً على أي من الإجراءات والتصريحات الإسرائيلية في موقف اعتبرته بعض الأوساط السياسية مربكاً أو يؤشر على الارتباك.
عملياً، باستثناء ظهور إعلامي مكرر للوزير الأسبق وعضو مجلس الأعيان محمد مومني، ولاحقاً مقال توضيحي عمومي لرئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني، لا يوجد خطوط دفاع نخبوية برزت باسم الخط الرسمي للتوضيح أو للاشتباك مع حزمة من البيانات المنددة.
مفاجأة قمة العقبة
المقاربة بخصوص قمة العقبة بدت “مفاجئة” حتى بالنسبة للسياسيين الذين يميلون للاشتباك دفاعاً عن الخط الرسمي، إما بسبب عدم وجود “تغذية ملائمة” من جهة وزارة الخارجية لهذه النخب، أو لأن القاعدة التي سبق أن أشار لها عدة مرات وأمام “القدس العربي” السياسي البارز طاهر المصري هي التي تتصدر المشهد، حيث “لا أحد يتشاور مع أحد” في الملفات المهمة، وحيث يجمع سياسيون على أنهم “لا يعلمون ما الذي يجري”.
لوحظ في الأثناء بأن الحكومة لم تدافع عن استضافة القمة ولم تشرحها رسمياً، والأهم لم تصدر بيانات من الناطق الرسمي أو من وزارة الخارجية تجيب على السؤال الذي يطرحه كثيرون في الشارع اليوم بعنوان “ما هي الخطوة التالية؟”.
زاد معدل طرح السؤال مع احتجاب وغياب وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي تعرض لحملة نقدية شرسة رغم أنه تغيب لأسباب “صحية” خلال اليومين الماضيين واضطرارية، حسب مصدر تواصل معه.
الخطوة التالية قد تكون “الانتظار فقط”، بمعنى معرفة ما الذي يخططه أو يريده الطاقم الأمريكي المتحرك الذي أنتج خطة قمة العقبة كخطوة تمهيدية تساعد في التأهل لمسار “مؤتمر النقب 2″، الأمر الذي يفسر أردنياً على الأقل ترك السلطات الرسمية الميكروفون لوزراء اليمين الإسرائيلي على أساس أن العالم، حسب ما قاله المومني لـ”القدس العربي” جدير بأن يعرف اليوم من الذي يعيق ماذا. يسأل ناشط شاب أمام “القدس العربي” في ندوة مصغرة مغلقة عقدت في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان: هل من المهم أن ننتظر الخطوة التالية مما يسمى المجتمع الدولي؟
ثم يجيب الناشط نفسه مقترحاً على المتحدثين في الندوة تجاوز الولايات المتحدة والمنظمات الدولية وكل الكون، والتركيز على قرار الشعب الفلسطيني ومساره حصرياً، وهو “شرعنة الكفاح المسلح”.
يلتقط الدكتور مروان المعشر مفارقة المداخلة هنا ليلاحظ بصيغة عابرة بأن المجتمع الدولي تجاهل لعقود حقوق الإنسان الفلسطيني ولا يردع المعتدي الإسرائيلي حتى حشر الإنسان- الضحية هنا في زاوية الاشتباك والمقاومة وخيار “الكفاح المسلح”.
بالمقابل، لا تجيب الحكومة على سؤال “ما هي الخطوة التالية؟”، فيتطوع للإجابة الملتقى الوطني الأردني لدعم المقاومة ومقاومة التطبيع، عبر الدعوة إلى ما سماه بيان جديد صدر الخميس باسم الملتقى لحشد الشعب الأردني بكل قواه في إطار التنديد بالتطبيع وقمة العقبة والتضامن مع الشعب الفلسطيني.
في جدول أعمال المعارضة الحزبية التي يقودها التيار الإسلامي دعوة لتنظيم مسيرة شعبية حاشدة بعد صلاة ظهر الجمعة، واقتراح آخر مثير بدعوة جميع ممثلي القوى النقابية والحزبية والشعبية والسياسية إلى اجتماع حاشد وتنسيقي في مقر حزب جبهة العمل الإسلامي تقرر أن يعقد يوم السابع من آذار وفي إطار قمة لنخب المعارضة بضيافة التيار الإسلامي، رداً على اجتماع شرم الشيخ المقرر في اليوم نفسه باعتباره النسخة الثانية من اجتماع العقبة. لم تعرف بعد صيغة الضمانات التي يقدمها الأمريكيون خلف الستارة للأردن ومصر.
صمت ووجوم
ولم يعرف بعد ما الذي تغير أو يمكن أن يتغير خلال الأيام الأربعة المقبلة قبل تكرار اجتماع العقبة في شرم الشيخ، حيث الصمت والوجوم الرسمي الأردني بات واضحاً لكل الأطراف، وحيث الميكروفون اليوم في الشارع الأردني فقط مع المعارضة التي تندد بالاجتماعات بنسختيها وتتحدث عما سمّته بياناتها بقمة الإحراج التطبيعي، حيث تعامل العدو بازدراء واحتقار مع هدية مجانية قدمت له في العقبة.
المناخ الشعبي الأردني مشحون تماماً، والصمت الرسمي يرافقه، ولا إجابات بعد عن الأسئلة الدبلوماسية الحائرة، لكن الحركة الإسلامية أعلنت أمس الأول عن سلسلة وقفات تضامنية مع المقاومة الفلسطينية حصراً، ومع بلدة حوارة التي دخلت وبقوة في قاموس كل الحوارات والسجالات الأردنية خلال الأسبوع الماضي عبر سلسلة تحشدات حول المساجد بعد صلاة العشاء. وما يبدو عليه الأمر حتى مساء الخميس، هو أن الشارع الأردني يتهيأ لواحدة من أسخن مسارات التضامن والتفاعل مع ما يجري في فلسطين المحتلة فيما الميكروفونات وزعت بين وزراء اليمين غربي النهر وقادة التحريك الشعبي المعارضين شرقي النهر.