بعد «المطرقة» الرسمية: لماذا «عاقبت» ثلاث شرائح في المجتمع الأردني «الإخوان» في الانتخابات؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – «القدس العربي»: يمكن القول وببساطة سياسية، أن ثلاث شرائح على الأقل في المجتمع الأردني «عاقبت» الحركة الإسلامية لأسباب متنوعة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة المثيرة للجدل، والتي تثير الآن تجاذبات ونقاشات حادة تحت إطار التقييم والمراجعة، لمعرفة ما حصل وكيف ولماذا، حتى داخل أطر جماعة الإخوان المسلمين.
بوضوح شديد، لم تقنع الجملة التكتيكية التي كان عنوانها العريض مقاطعة الانتخابات بالنسبة لقطاع المعلمين، وهو أضخم القطاعات في البلاد، باتخاذ قرار مشاركة أو حتى بالتخفيف من المقاطعة لمساعدة الثقل الوحيد في الساحة الشعبية والسياسية الذي ساند نقابة المعلمين في مطلبها الحراكي الشهير، وهو التيار الإسلامي.
شغف شريحة المعلمين بالتأكيد على رسالة المقاطعة للانتخابات كان أكبر بكثير من كل المبادرات والحوارات التي جرت برعاية الإسلاميين أو غيرهم لإقناع شرائح المعلمين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، فانتهى الأمر بأقل انتخابات في نسبة المشاركة منذ عام 1989. هنا حصرياً طالب المعلمون شركاءهم في التيار الإسلامي بالانضمام إليهم بالمقاطعة والانتباه لمطب إضفاء شرعية على تلك الانتخابات من خلال المشاركة.
وخالفت لجان التحضير توصية المعلمين، فعاقبوا بدورهم من ترشح ومن انتخب، حتى أن بعض المعلمين الحراكيين من اللون الإسلامي خسروا الانتخابات. وبكل حال، وبالقياس والمقاربة، وحتى بعد تأثيرات الفايروس كورونا على نسبة الاقتراع، والمطرقة الرسمية التي استهدفت قوائم الإصلاح الوطني الإسلامية، وجدت بعض قوائم الإسلامين أيضاً الفرصة مواتية لمعاقبة قيادتها بالامتناع عن التصويت في بعض الدوائر الانتخابية، حيث حالة شبه عصيان على مستوى الأفراد في التنظيم في أكثر من موقعة تستوجب التأمل والتحقق الآن.
ولم يكن الأمر هنا يقتصر على الامتناع عن المشاركة في العرس الانتخابي الوطني، بل بالعمل بالحد الأدنى من الفعالية والنشاط من قبل بعض مفاتيح وخبراء العمل الانتخابي في شارع الإسلاميين النشط.
إضافة إلى ذلك، الغاضبون و«الحردانون» من الانتخابات الماضية برزت اتجاهاتهم في الأثناء، خصوصاً بعد فرض بعض أسماء المرشحين عليهم فامتنعوا عن العمل ضمن أنماط التورية السياسية. ويبدو أن المثال الأكبر على ذلك ما حصل في الدائرة الثانية في عمان العاصمة، حيث خسرت الكتلة التي يترأسها أحد أهم حلفاء قوائم الإصلاح، وهو الخبير في لعبة البرلمان والتشريع الدكتور عبد الله العكايلة.وثمة تجاذبات بين بعض أركان وقادة التيار الإسلامي ظهرت في تقنين جرعات الحماسة للعمل الانتخابي هنا أو هناك.

خزان الأصوات انخفض من 170 ألف إلى نحو 80 ألفاً

وثمة شريحة ثالثة من التيارات الإسلامية ومن المسيحيين والأقليات عاقبت، للمرة الثالثة، قوائم الإصلاح بسبب الإصرار على اختيار مرشحين من الأقليات يناسبون اللجان في التيار الإسلامي ودون حوارات مع العائلات والشارع الذي يمثل هؤلاء المرشحين من الأقليات، حيث تكتيك متكلس في هذه الزاوية امتنع عن إقامة حوار مع أصوات الشركاء وإفراز مرشحين عبر إجماعات هذه الأصوات قبل اعتمادهم لدعمهم. تلك شرائح في المجتمع يعتقد في التقييم النهائي بأنها عاقبت قوائم الإصلاح الوطني، والتي حصلت على 10 مقاعد بشق الأنفس من 130 مقعداً وخسرت مقاعدها مع قيادات بارزة جداً، من بينها ديمة طهبوب، وحياة المسيمي، وآخرون.
انضمت هذه العقابات الثلاثة إلى عناصر كورونا والتوقيت المتأخر ومطرقة السلطات الرسمية التي تستهدف الإسلاميين وتسعى إلى تقليص فرصهم، الأمر الذي أدى إلى النتائج التي يعرفها الجميع. في الأثناء، رصدت أخطاء منهجية في التكتيك، من بينها تمكين بعض المرشحين الكبار من حجب الأصوات من خارج التنظيم عن زملاء لهم. وهو أمر أدى إلى فقدان 3 مقاعد على الأقل، وكذلك الإصرار على مرشحين بعينهم عن مقعدي الشركس والمسيحيين في ثالثة عمان، وهو ما أدى في النتيجة إلى فقدان مقعد كانت تمثله إحدى أبرز الظواهر الانتخابية والتشريعية، وهي الدكتورة طهبوب.
من بين أخطاء التكتيك على الأرجح السماح بترشيح قائمتين في محافظة البلقاء، مما أدى إلى عدم النجاح بأي مقعد والإصرار على عدم تنظيف الساحة من خلافات وانقسامات سابقة في محافظة إربد شمالي البلاد، وثمن ذلك كان مقعداً أو اثنين على الأقل في برلمان 2020.
فوجئ الجميع بفقدان الإسلاميين لمقعدهم في محافظة جرش، وعدم التمكن من تمرير لاعبة بارزة شعبياً مثل الدكتور هدى العتوم، مجدداً، والسبب هنا حصرياً قد يكون عزوف مخيم سوف للاجئين الفلسطينيين بصورة شاملة عن الانتخابات، بعد التدخل الذي حصل لمنع ممثل المخيم محمد هديب من تشكيل قائمة انتخابية، وهو ما أقر به هديب نفسه لـ«القدس العربي» عندما تحدث عن إعاقات وصعوبات وضغوط واجهها عند تشكيل قائمة.
وفي كل حال، يحتاج الإسلاميون الآن إلى وقفة شمولية أكثر في قراءة ما حصل. ويبدو أن هذه الوقفة ستحصل، مع أن عدد المقاعد يحقق شرط الوجود والتواجد وامتصاص الضغط الرسمي.
لكن الأهم في الختام هو السؤال التالي: لماذا انخفضت أعداد الكتلة التصويتية للإسلاميين من 170 ألف صوت في انتخابات عام 2016 إلى 80 ألفاً تقريباً في انتخابات 2020.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية