بعد المواجهة السياسية والاقتصادية مع الغرب.. دول البريكس نحو تصنيف جديد للجامعات عالميا

حسين مجدوبي
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

تصدرت الجامعات الأمريكية التصنيف العالمي الجديد في الترتيب مؤشر “شنغهاي”، غير أن دول البريكس وبزعامة الصين تريد آليات جديدة لتصنيف جامعاتها بعيدة عن الجامعات الأمريكية والآليات المعمول بها حاليا في التصنيف.

وصدر مؤشر شنغهاي الثلاثاء من الأسبوع الجاري، حيث أكد هيمنة الجامعات الأمريكية والأنجلوسكسونية عموما على التصنيف العالمي للجامعات، واحتلت هارفارد المركز الأول للسنة 22 على التوالي ثم تليها ستانفورد وفي المركز الثالث معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ثم جامعة كامبردج البريطانية وبعدها بيركلي في كاليفورنيا.

ومنذ سنة 2003، يعتمد تصنيف شنغهاي في الاعتبار ستة معايير، بما فيها عدد ميداليات نوبل وفيلدز (التي توصف بـ”نوبل الرياضيات”) بين طلاب الدراسات العليا والأساتذة، وعدد الباحثين الأكثر استشهاداً بهم في تخصصاتهم أو عدد المنشورات في مجلتي “ساينس” و”نيت”. وتستند المعايير بشكل أساسي إلى البحث.

ويخلق تصنيف الجامعات تحفظا كبيرا في الأوساط العلمية بسبب الفارق بين الجامعات، بحكم أن الجامعات الأنجلوسكسونية قديمة وتمتلك ميزانيات تفوق بعض الدول الصغيرة، في حين تسعى بعض الدول الخاصة التي حصلت على استقلالها خلال الخمسين سنة الأخيرة إلى بناء جامعات.

ورغم أن مؤشر شنغهاي هو صيني وإن كان تابعا للقطاع الخاص، إلا أنه يعتمد آليات غربية في تصنيفات بريطانية وأمريكية. وهذا جعل الصين ترفض مقارنة جامعاتها بالأمريكية. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أدلى بتصريح في هذا الشأن يوم 25 نيسان/إبريل 2022.  ومباشرة، انسحبت ثلاث جامعات من هذا التصنيف بحجب معطيات البحث العلمي وهي جامعة الشعب وجامعة لانزهو وجامعة نانجين، رغم أنها ضمن 150 الأوائل عالميا. وانتقلت حكومة بكين إلى وضع إستراتيجية جديدة تتجلى في تصنيف جديد للجامعات وفق تصور مجموعة دول البريكس وهي الصين وروسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل.

انتقلت حكومة بكين إلى وضع إستراتيجية جديدة تتجلى في تصنيف جديد للجامعات وفق تصور مجموعة دول البريكس.

وعمليا، اجتمع وزراء التعليم في دول البريكس يوم 17 تموز/يوليوز الماضي في جنوب إفريقيا، واتفقوا على تصنيف جديد للجامعات يقوم على معطيات الواقع والموضوعية. وتعتبر روسيا من المدافعين عن تصنيف جديد للجامعات، وكان نائب وزير التعليم الروسي كونستانتين موغيليفسكي قد صرح لسبوتنيك  “تواجه الجامعات الروسية قيودًا على مشاركتها في التصنيفات الدولية الحالية لأسباب سياسية. لا توجد جامعة محصنة ضد مثل هذه الأعمال من قبل الدول الغربية. هذا هو السبب في أن المجتمع التعليمي العالمي يجب أن ينشئ تصنيفًا جديدًا، بناءً على بيانات موضوعية ويتمتع بثقة عالمية”.

وضمن توصيات اجتماع وزراء التعليم في جنوب إفريقيا الاعتماد على “المؤشرات النوعية” التي ستأخذ في الاعتبار “خصوصيات أنظمة التعليم في دول البريكس”، ثم تحديد إطار تنظيمي مشترك للاعتراف بالشهادات، وذلك من أجل إزالة الحواجز الإدارية أمام التعليم المستمر والاعتراف بالشواهد.

نائب وزير التعليم الروسي: “تواجه الجامعات الروسية قيودًا على مشاركتها في التصنيفات الدولية الحالية لأسباب سياسية. لا توجد جامعة محصنة ضد مثل هذه الأعمال من قبل الدول الغربية. لهذا على المجتمع التعليمي العالمي إنشاء تصنيف جديد، بناءً على بيانات موضوعية ويتمتع بثقة عالمية”.

ومن ضمن الانتقادات التي يتم توجيهها إلى التصنيف الحالي نجد:

في المقام الأول، الاعتماد على نشر المقالات في مجلتين أساسيتين وهما   Nature و Science، الأولى بريطانية والثانية أمريكية. ولا يمكن تهميش المقالات التي تنشر في باقي المجلات العلمية، ومنها مجلات وطنية مرموقة. وتبين في بعض الأحيان الزبونية التي تتحكم في المجلتين لصالح جامعات غربية أو باحثين معينين، بل حتى جودة بعض الأعمال المنشورة.

ومن المفارقات، تجاوزت الصين الولايات المتحدة لتصبح أكبر مساهم بحثي في مجلّات علوم الطبيعة، وذلك بحسب مؤشر “Nature” للسنة الماضية، الذي يتتبع البيانات الخاصة بانتماءات المؤلفين في 82 مجلة عالية الجودة. ووجد المؤشر البحثي أنّ المؤلفين المنتسبين إلى المؤسسات الصينية هم أكثر إنتاجاً من نظرائهم الأميركيين في العلوم الفيزيائية والكيمياء والأرض وعلوم البيئة. ونشر المعهد الوطني الياباني لسياسة العلوم والتكنولوجيا يوم 9 آب/أغسطس الماضي أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة في نشر الأبحاث العلمية، وتحتل الولايات المتحدة المركز الثاني ثم ألمانيا المركز الثالث. وهنا يتم طرح التساؤل: كيف يمكن تجاهل هذا المعطى العلمي؟

في المقام الثاني، التقدم الحاصل في مجال البحث العلمي يحقق في دول مثل الصين وروسيا تقدما مذهلا، مما يؤكد المستوى الرفيع للمتخرجين من جامعاتها. وضمن الأمثلة الكثيرة: كيف تخطو الصين نحو الجيل السادس 6G في شبكة الإنترنت، في حين يعاني الغرب في تعميم الجيل الخامس. كما نجحت روسيا في تطوير محركات مثل محركات صواريخ فرط صوتية، بينما فشل الغرب في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية