لندن- “القدس العربي”:
بعد النيجر، تستعد تشاد لمطالبة القوات الأمريكية بمغادرة البلاد في أقرب وقت، وهو تطور ملحوظ في رؤية الدول الأفريقية للقوات الغربية التي لم تحقق أي تقدم في مكافحة الإرهاب، بل فاقمت من وجوده. ويسيطر قلق على واشنطن مخافة تسرب روسيا إلى منطقة المغرب العربي.
وخلال الشهر الماضي، كانت النيجر قد طلبت رسميا من القوات الأمريكية الرحيل عن البلاد، واعتبرت وجودها غير شرعي وألغت الاتفاقية التي كان معمولا بها في هذا الشأن، وقامت بتجميد رخص الطلعات الجوية بالدرون والطائرات المروحية. وعمليا، بدأ البنتاغون يوم 19 أبريل الجاري بسحب 1100 من جنوده الذين كانوا في النيجر.
وخلال هذه الأيام، تنضم تشاد مبدئيا إلى النيجر. ورغم عدم فسخ تشاد رسميا اتفاقية التعاون العسكري التي تخوّل البنتاغون التحرك العسكري في مناطق البلاد لمواجهة الجماعات المسلحة، إلا أنها طلبت من القوات الأمريكية تجميد العمليات العسكرية. وهذا يعد مقدمة لطلب الرحيل عن البلاد في المدى القريب.
وكتبت جريدة لوموند أمس الاثنين عن وجود ضغط كبير على القوات الأمريكية في تشاد. كما أوردت “بلومبيرغ” منذ أيام بأن تشاد هي من القواعد الرئيسية للقوات الأمريكية وأصبح وجودها مهددا. وتعتبر تشاد دولة محورية للقوات الأمريكية لموقعها الجغرافي كرابط بين شمال أفريقيا في جانبها الشرقي، ودول أفريقيا الوسطى والشرقية.
وبدأت أوروبا والولايات المتحدة تدرك أنها فقدت منطقة الساحل لصالح روسيا والصين وتركيا، وتنسب ذلك إلى البروباغاندا التي تقوم بها هذه الدول. بينما تؤكد دول مثل النيجر وبوركينا فاسو بأن الحضور العسكري الغربي أجّج وفاقم من الإرهاب، ولم يجلب معه استثمارات وتنمية وفرص العمل.
وبدأ البنتاغون يجد صعوبات كبيرة في وجود دول تستقبل قواته العسكرية ضمن ما يعرف بقوات “أفريكوم”، ويرى بقلق كبير تقدم دول أخرى ولاسيما روسيا. وخلال جلسة مثيرة في مجلس الشيوخ مؤخرا حول التواجد الروسي في أفريقيا والتراجع الأمريكي، قال الجنرال لانغلي رئيس القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا أمام لجنة الدفاع بالمجلس، إن روسيا تحاول “استعادة السيطرة على وسط أفريقيا ومنطقة الساحل بوتيرة متسارعة، وهي على وشك الاستيلاء على عدد من الدول بفضل التضليل الذي تنشره عبر ليبيا، ونفوذها في جميع أنحاء المغرب العربي. هذه هي الخاصرة الجنوبية لحلف الناتو”.
ويستطرد موضحا حول نقطة رئيسية وحساسة بقوله: “يجب أن نكون قادرين على ضمان وصولنا ونفوذنا والحفاظ عليه في جميع أنحاء المغرب العربي، من المغرب إلى ليبيا”.
ويستدل من تصريحات هذا الجنرال، القلق الكبير للبنتاغون من توسع النفوذ الروسي نحو منطقة المغرب العربي التي تعتبر الحلقة المباشرة للأمن الأوروبي والغربي عموما جنوب البحر الأبيض المتوسط. وإذا كان النفوذ الروسي قويا في الجزائر، فقد بدأت روسيا تغازل ليبيا وتونس، ويعتبر المغرب حليفا رئيسيا للغرب، بينما تعمل الدول الغربية على ضمان بقاء موريتانيا بعيدا عن النفوذ الروسي والصيني.