بعد الوعد الأمريكي: اقتصاد الأردن تجديد الدماء أم «غسل المعدة»؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

فتح الجانب الأمريكي الباب في حالة تفاوض ووعد عمان بما لا يعد به الآخرون وهو تجنب تقليص المساعدات لأغراض المجهود الحربي في أوكرانيا.

عمان ـ «القدس العربي»: نجحت المفاوضات الأردنية مع الإدارة الأمريكية مؤخرا بتثبيت المبلغ الموسمي المتكرر لحجم المساعدات التي يوافق عليها الكونغرس والخاصة بالمملكة.

وقفت المفاوضات مجددا عند الرقم المعروف حيث يقدم الأمريكيون مليارا و650 مليون دولار.
لكن تلك المفاوضات أخفقت في الوصول إلى تفاهم مع الأمريكيين بزيادة تلك المساعدات وإيصالها إلى مليارين، حيث فتح الجانب الأمريكي الباب في حالة تفاوض ووعد عمان بما لا يعد به الآخرون وهو تجنب تقليص المساعدات لأغراض المجهود الحربي في أوكرانيا.
لكن على الهامش ينصح الجميع مجددا بالاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية وتصدر عن البنك الدولي وصندوق النقد تقييمات إيجابية لصالح الإصلاح الهيكلي الأردني فيما سبق وأمام «القدس العربي» وعدة مرات أن أصر وزير المالية الدكتور محمد العسعس على ان الوصفات الوطنية الخالصة في الإصلاح الهيكلي الاقتصادي هي الخيار الأفضل دوما بعيدا عن الاعتبارات السياسية.
خلف الستارة والكواليس يسأل الأمريكيون عن أرقام في البيانات المالية بملف اللجوء السوري لا تظهر لا في البيانات ولا الواردات ولا النفقات.
رغم ذلك يتواصل الدعم السياسي والمالي والعسكري وتتجه الحكومة الأردنية نحو تحفيز خطة جديدة للنمو الاقتصادي مع ان قناعة رئيس الوزراء الحالي الدكتور بشر الخصاونة راسخة لتلازم مسارات الإصلاح حيث من الصعب الفصل بينها مع الإقرار بمحورية الإصلاح السياسي في السياق.
في الأثناء تقول ورشة عمل استضافها الديوان الملكي الكثير وسط صخب التساؤلات، وتنتظر الحكومة صنفين من الوثائق تحت عنوان تحرير الامكانات الاقتصادية وتحديث المنظومة، حيث تخص الوثيقة الأولى ملاحظات القطاعات والمستثمرين على أمل ان تلبيها أو تدرسها الحكومة.
وفي الثانية توصيات يرى البعض انها ولدت خارج رحم الولاية العامة أصلا وقد لا ترقى إلى مستوى وثيقة مرجعية.
في كل الأحوال انتهت ورشة العمل من فعالياتها وستوضع الوثيقتان قريبا في حضن الحكومة التي استبقتهما بالإعلان عن خطة تحفيز جديدة ولجان تدرس التطوير الإداري بالإضافة إلى الاستعداد لتوحيد قانون الاستثمار ونفض الغبار عن مشكلاته المتعددة والمعقدة مع ان فاعلا سياسيا وخبيرا من وزن الدكتور ممدوح العبادي يصر وأمام «القدس العربي» على طرح سؤال مربك كلما سأل القوم عن استقطاب الاستثمار قائلا: «قبل ذلك لا بد من السؤال عن كيفية تحقيقه، فالمستثمر يريد ان يربح وعلى أي أساس نقنعه باحضار الاستثمار عندنا؟».
يقترح العبادي دوما على الحكومات إجابة هذا السؤال وتعريف المسألة قبل الخوض ببقية الاعتبارات، لكن الاستعصاء الاقتصادي الداخلي المرتبط بالكثير من المعطيات المتشابكة أصبح من المؤشرات القوية الغامضة في الايقاع الأردني سياسيا ووطنيا.
المطالبات هنا تزيد حتى في المربع الاقتصادي بعنوان الحاجة إلى طاقم حقيقي وخبير اقتصادي يتولى ثورة بيضاء تنقذ الاقتصاد الوطني.
يصر خبير وباحث مثل الدكتور أنور الخفش على ان كثرة المشاورات واللجان وتزويق الكلام بعيدا عن الحقائق والوقائع ليس هو المطلوب الآن. ويؤكد بان ما يجري للأسف حتى اللحظة في المستوى الحكومي أقرب إلى عملية غسيل المعدة بينما المطلوب تجديد الدماء برمتها.
مثل الوزير العسعس يتحدث الخفش وغيره من الشركاء الفاعلين عن شراكات حقيقية وعميقة ومعالجة جذرية لمستوى التضخم ومقاربة وطنية أفقية لها علاقة بالعبء الضريبي.
لكن يقر الخفش بان تلك عملية طويلة وعميقة ومعقدة تبدأ إذا أردنا الإنتاج والإنجاز فعلا بتشكيل فريق اقتصادي وطني قبل بقية الاعتبارات.
وهنا حصريا قد تكمن المشكلة. فالمخاوف تزيد في المستوى البيروقراطي وأحيانا في مستوى نخب تحالف البنوك مع الليبراليين الذي يسيطر على أغلب الايقاعات واقعيا كلما ترددت عبارة فريق وطني، مع ان الحاجة ملحة لمثل هذا الفريق في المطبخ الاقتصادي وان كان الجميع اعتاد على غيابه في المطبخين الإداري والسياسي.
وبالتالي يمكن الاستنتاج في الخلاصة بان مشكلات الأردن الاقتصادية المعقدة لا تزال تعالج ضمن الهواجس البيروقراطية، وفي سياق معادلة الفواتير والكلف وصعوبة تغيير العادات مع ان المسألة لا تتعلق بالأمن السياسي هنا ومع ان الجميع يعلم بان الأولوية المطلقة لجميع أطراف المنظومة الأمنية الآن والهواجس المرحلية محصورة بتلك الحزمة التي تخشى تأثير وتداعيات تدحرج الأزمة الاقتصادية وغياب مقاربات حقيقية تؤثر في معطياتها.
ولذلك يعود الخبراء من خارج الصف الرسمي مثل المستشار الاقتصادي محمد الرواشدة إلى الخطوة صفر قبل البداية المطلوبة وهو فريق قادر وخبير يبدأ ويشتبك.
ومقاربة في المستوى الأفقي الوطني لا تحل المشكلات فقط عندما تحصل على طريقة مصفوفات حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز بل تعمل في السياق الوقائي وتستعد في إطار التوقع للمشكلة قبل حصولها خصوصا وان طابع المخاوف الاقتصادية اليوم بدأ يتخذ شكلا له علاقة بسلسلة أمن الغذاء والطاقة والماء والمخزون.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية