الجزائر- “القدس العربي”: كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن زيارته للعاصمة الروسية موسكو في أيار/مايو المقبل، وهو نفس الشهر الذي سيسافر فيه إلى باريس بدعوة من نظيره الفرنسي. ويظهر تقارب توقيت زيارة عاصمتين مركزيتين في الصراع الدائر حاليا، رغبة الجزائر، وفق مراقبين، في تأكيد حيادها وتعاونها مع كل الأطراف.
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية، أنّ الرئيسين عبد المجيد تبون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أجريا محادثات عبر الهاتف يوم الثلاثاء، تناولا فيها سبل تعزيز العلاقات الثنائية التي تربط البلدين، ولا سيما آفاق التعاون الطاقوي. وتطرق الرئيسان أيضاً إلى الاجتماع المرتقب للجنة المختلطة الكبرى الجزائرية-الروسية، وإلى موعد زيارة الرئيس تبون إلى موسكو التي ستكون في شهر أيار/مايو المقبل.
وكانت زيارة تبون لموسكو مقررة في البداية شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكن تم تأجيلها بعد ذلك لأسباب لم يجر الإفصاح عنها. وتعود دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لنظيره الجزائري لزيارة موسكو، لشهر أيار/مايو 2022 عن طريق وزير خارجيته سيرغي لافروف الذي أدى زيارة للجزائر. وجدد بوتين في أيلول/سبتمبر الماضي، دعوته لتبون لزيارة موسكو، خلال حفل اعتماد سفراء أجانب بموسكو، موضحا أن بلاده تدعم الخط المتوازن الذي تنتهجه الجزائر في الشؤون الإقليمية والدولية، ومتعهدا بمواصلة العمل معا لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الصحراء والساحل.
وستكون زيارة تبون لموسكو مثقلة بالكثير من القضايا والملفات، أبرزها رغبة البلدين وفق ما سبق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التصريح به، في التوقيع على اتفاقية استراتيجية تعكس النوعية الجديدة للعلاقات الثنائية بين الدولتين، وتستجيب للتطور السريع للعلاقات الودية من أجل الحفاظ على مستوى عال من التفاعل.
كما تريد الجزائر دعم روسيا في طلب الانضمام لمجموعة “بريكس”، وهو طموح تسعى لبلوغه قبل السنة الجارية. وفي هذا الإطار، صرح السفير الروسي قبل فترة، أن موسكو لا تعترض على رغبة الجزائر في الانضمام إلى المجموعة، وذكر أن الرئيس عبد المجيد تبون قد راسل نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول موضوع الانضمام.
ويظل التعاون العسكري، من أكثر الملفات أهمية في العلاقات بين البلدين، فموسكو هي أهم ممون بالسلاح للجزائر منذ الاستقلال. ويتبادل البلدان زيارات رفيعة المستوى، كان أبرزها السنة الماضية استقبال رئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، مدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والتقني لفدرالية روسيا، شوغاييف ديميتري إفغينيفيتش.
واللافت أن العلاقة القوية مع موسكو خاصة في المجال العسكري، قد وضعت الجزائر بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، في مرمى الانتقادات في البرلمانات الغربية. وظهرت دعوات متتالية العام الماضي، لنواب في البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي لمعاقبة الجزائر أو مراجعة العلاقات معها، مستندة على معلومة تدعي شراء البلاد لأسلحة بقيمة 7 مليار دولار من روسيا خلال سنة 2021، وهي الصفقة التي لا أثر لها بحسب مختصين في الشأن العسكري.
وأول من أطلق هذه الدعوات، كان السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، الذي وجّه رسالة في 16 أيلول/سبتمبر الماضي، تدعو وزير خارجية بلاده، أنتوني بلينكن لفرض عقوبات على الجزائر، تلتها دعوات أخرى من 27 عضوا في الكونغرس، تدعو إلى تطبيق قانون معاداة أمريكا على الجزائر، باعتبارها بلدا داعما لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، حسب زعمهم.
وتبدو الجزائر حذرة في مواقفها إزاء الصراع الغربي الروسي، إذ لا تريد أن يتم تصنيفها بحكم علاقتها المتميزة مع موسكو مع المؤيدين لما تقوم به روسيا في أوكرانيا. كما لا ترى الجزائر بعين الرضا بعض التدخلات الروسية في المنطقة خاصة مالي، وهو جوهر الإجابة التي قدمها الرئيس تبون مع جريدة لوفيغارو الفرنسية، عندما سئل حول وجود رجال من ميليشيا فاغنر الروسية في هذه المنطقة، فرد بالقول “الأموال التي يكلفها هذا الوجود ستكون في وضع أفضل وأكثر فائدة لو ذهبت لتطوير منطقة الساحل”، في إشارة إلى عدم استساغة الجزائر وجود هذه القوات الأجنبية.
وبخصوص علاقاته مع فلاديمير بوتين، قال تبون إنه سيذهب إلى روسيا قريبًا. وأردف يقول: “أنا لا أوافق ولا أدين العملية الروسية في أوكرانيا. الجزائر بلد غير منحاز، وأريد أن أحترم هذه الفلسفة. لن يتمكن أحد من الدوران حول الجزائر. لقد وُلد بلدنا ليكون حراً. علاوة على ذلك، سيكون من الجيد أن لا تدين الأمم المتحدة عمليات الضم التي تحدث في أوروبا فقط. وماذا عن ضم إسرائيل للجولان أو قيام المغرب بضم الصحراء الغربية؟”.
وقد يكون هذا الحرص على التوازن، من أسباب رغبة تبون بزيارة باريس وموسكو في شهر واحد، باعتبارهما من أبرز عواصم الصراع الحالي، فالجزائر لا تريد التفريط في علاقاتها مع روسيا وستواصل حتما اعتمادها لسنوات أخرى على التسليح الروسي، لكنها في نفس الوقت مرتبطة بمصالح كبرى مع الدول الغربية خاصة في الضفة العليا للمتوسط، حيث باتت اليوم بعد تراجع موسكو، الممون الأول بالغاز لإيطاليا في انتظار مشاريع أخرى استراتيجية تتعلق بتصدير الكهرباء والهيدروجين الأخضر.
طبعا الجزائر ستعزز علاقاتها مع موسكو وسيكون لفرنسا والدول الغربية بحكم العلاقات الراسخة وحسن الجوار ومعاهدات الصداقة وخاصة المعاهدات الدفاعية الأخيرة مع باريس وروما اتفاقيات لشراء أسلحة برية وبحرية وجوية
الجزائر لها مواقف براغماتية مع جميع شركائها و لها استقلالية تامة و لا قوة في العالم تستطيع ان تفرض عليها سياستها انها ببساطة حرة و دات سيادة غير منقوصة و دلك مكمن قوتها
المشكل انكم ترون الجزائر هي تابع ومكمل لهاته الدول وتحتاج ان تدخل تحت جناح قوة ما، لكن الجزائر دولة براغماتية تبحث عن مصالحها فقط