بعد تردي قيمة الجنيه: أغلبية المصريين باتوا من محدودي الدخل… والمطلوب زيادة الدعم لا إلغاؤه

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : أسفر الهجوم الكبير من قبل «حزب الله» على الكيان الصهيوني عن تفاؤل حذر من قبل أولئك الذين يضعون فلسطين نصب أعينهم، ويأملون في دعم حقيقي يخفف العبء عن جبهة غزة وأهلها، الذين يواجهون منذ قرابة العام إبادة مكتملة الأركان، لم يسبق لشعب آخر أن واجهها. وأعربت مصر عن بالغ قلقها من جراء التصعيد الجاري على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، داعيةً إلى تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر في المنطقة، والعمل على إقرار التهدئة واحتواء التصعيد.
وحذرت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان. وشددت على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته وتجنيبه مخاطر انزلاق المنطقة إلى حالة عدم استقرار شاملة، وأن التطورات الخطيرة والمتسارعة، التي تشهدها منطقة جنوب لبنان تعد مؤشرا واضحا على ما سبق أن حذرت منه مصر من مخاطر التصعيد غير المسؤول في المنطقة، على خلفية تطورات أزمة قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع.
وأعادت مصر التأكيد على حتمية الوقف الشامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب الجارية في قطاع غزة، لتجنيب الإقليم المزيد من عوامل عدم الاستقرار والصراعات وتهديد السلم والأمن الدوليين. وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنّه منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تريد إسرائيل جر حزب الله إلى مواجهة مسلحة كبيرة، مردفا أن قيادات عسكرية إسرائيلية صرحت منذ عدة أيام بضرورة نقل المجهود الحربي الإسرائيلي من الجنوب في قطاع غزة إلى الشمال المتمثل في حزب الله، فضلا عن وجود تصريح آخر يوضح أن إسرائيل تريد عودة الإسرائيليين، الذين تركوا منازلهم وعددهم حوالي 80 ألف إسرائيلي، وأن تنفذ العودة بالطرق الدبلوماسية، وإذا فشلت يتم اتباع وسائل أخرى لتنفيذ ذلك.
وقال “هريدي” إن العمليات العسكرية لـ«حزب الله» رد متوقع على اغتيال فؤاد شكر الشهر الماضي، موضحا أن الهجمات الإسرائيلية أو اللبنانية جاءت متزامنة مع بدء محادثات القاهرة الخاصة بالهدنة، ما قد يعرقل هذه المفاوضات. وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التصريح بشأن عودة الإسرائيليين إلى منازلهم في شمال إسرائيل يعد إشارة إلى شن هجوم عسكري كبير على «حزب الله»، لافتا إلى أن وزير الخارجية الأمريكي وصف المفاوضات، التي تجري اليوم بشأن الاتفاق على وقف الحرب، بأنّها قد تكون آخر فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ومن أخبار الحوادث: شهدت مدرسة الأحياء الرسمية المتميزة – لغات، شمال مدينة الغردقة، جريمة بشعة، نفذها مدرس معار لإحدى الدول العربية حين قتل طليقته، مستخدما آلة حادة، وذلك بسبب خلافات أسرية على الولاية التعليمية. وسقطت الضحية داخل أسوار المدرسة، وكانت قد توجهت لها لتقديم أوراق طفلتها. وتحفظ أولياء الأمور على القاتل لحين وصول الشرطة.
وفي محافظة الجيزة كلفت النيابة العامة الأجهزة الأمنية بالتحري وجمع المعلومات بشأن جريمة شروع في قتل وقعت في دائرة قسم شرطة أكتوبر، إذ اعتدى نجل عضو في مجلس الشيوخ على أحد الأشخاص. وكان قسم شرطة أكتوبر تلقى بلاغا يفيد بتعرض أحد الأشخاص لإطلاق نار من قبل مجهولين، كانوا يستقلون سيارة ملاكي، وذلك أثناء وجوده أمام منزله لتقديم الطعام للكلاب الضالة، وقد أسفرت الحادثة عن إصابته ونقله في حالة حرجة إلى المستشفى.

صمودهم فخرنا

تكررت مشاهد الدم والدخان والركام، التي نراها في العدوان الحالي على غزة، في كل حروب إسرائيل السابقة على القطاع، بما يجعل ما يجري مع طوفان الأقصى، في نظر أغلب أهل غزة، بحسب الدكتور عمار علي حسن في “الوطن”، ليس أكثر من جرعة مكثفة جداً، في اتساعها وعمقها وطول مدتها، لكنها لا تختلف عن سابقاتها في تكتيكات الجيش الإسرائيلي وتصرفاته المفرطة في التوحش.
وتابع الكاتب: لا أتحدث هنا عن تكيف الفلسطينيين عموماً، والغزاويين خصوصاً، مع العذاب والهوان المتعمد، إنما عن قدرتهم الفائقة والعجيبة على إدراك مرامي الاحتلال وأهدافه جرَّاء ما يصر على فعله بانتظام، ويتأكد كل يوم أنه استراتيجية ثابتة له، معروضة في كتاب مفتوح، ولا تتغير بتبدل الحكومات في تل أبيب، وكذلك عن قدرتهم على تفريغ هذا الفعل من معناه، وإحباط أهدافه، وعلى رأسها إخماد الصوت الفلسطيني إلى الأبد، عملاً بالافتراض الخاطئ، الذي بنت عليه إسرائيل وجودها في هذا المكان، وهو «أن اليهود شعب بلا أرض، جاؤوا إلى أرض بلا شعب».
وقد أدرك المدنيون الفلسطينيون أن استهدافهم يرمي إلى كشف ظهر المقاومة، وكسر إرادتها، بإظهارها وكأنها غير معنية بما يجري لحاضنتها الشعبية، أو يرمي إلى دفع هذه الحاضنة إلى الكفر بالمقاومين، وربما إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال التمرد عليهم، أو حتى خيانتهم. فهناك تصور يطبقه الجيش الإسرائيلي منذ حرب 2006 ضد حزب الله يقوم على الإفراط في إيذاء المدنيين للضغط على المقاومين. وقد رأينا في الأيام الأخيرة مسؤولين أمريكيين يدعون المقاومة الفلسطينية إلى الاستسلام إنقاذاً للمدنيين، وتلقفت بعض الأصوات والأقلام المتساوقة مع الاحتلال هذه الدعوة، وراحت تكررها، وتُلح في طلبها.

بطيب نفس

ورغم الأذى الشديد للمدنيين في غزة فإن أغلبهم يتفهمون التراكمات الطويلة، التي سبقت ما جرى يوم السابع من أكتوبر 2023، ويرون أنها تشكل مقدمات كان لابد أن تدفع إلى النتيجة التي جرت، ولا ينظرون إلى الأمر، منبت الصلة بما سبقه، كما يفعل بعض المتعجلين أو المغرضين. وهناك سبب انتبه له الدكتور عمار علي حسن يتعلق بما تبديه المقاومة من بسالة، وما تسطره من نجاح مبهر في ميدان القتال، جعل الناس يؤمنون بمسلكها، ويشدون على يدها، ويرابطون حولها، كي تثبت وتقاتل وترد العدوان خاسراً. فمنذ معركة الكرامة عام 1970 والفلسطينيون لم يحققوا نصراً على الجيش الإسرائيلى، يتجاوز مجرد التحدي والتصدي. وكثيرون منهم يؤمنون بأن الخسارة الاستراتيجية، التي تُمنى بها إسرائيل حالياً ستكون نقطة تحول كبرى في الصراع، ودفعة قوية نحو تحقيق دولة فلسطينية مستقلة طال انتظارها، ودفعت من أجلها أثماناً باهظة.
وقال إن المدنيين في غزة والضفة الغربية، على السواء، يعرفون حجم التضحيات، التي تبذلها المقاومة، بالعرق والدم، ويؤمنون بإخلاصها لقضية بلادهم، ومن ثم فإن المروءة تفرض عليهم أن يتحملوا الأذى معها، لاسيما أنهم يعولون عليها في الثأر لهم، والأهم أنها تقربهم من نيل حقوقهم المهضومة. ومن أسباب صمود المدنيين الفلسطينيين أيضاً أنهم يتابعون جيداً كيف قادت تضحياتهم الكبرى إلى إعادة قضيتهم على الساحة الدولية، بعد أن كانت إسرائيل قد نجحت في أن تهيل عليها أكواماً من التراب، وتُخرجها من المعادلات السياسية في المنطقة، بالانتقال من قاعدة «الأرض مقابل السلام» إلى «السلام مقابل السلام». وهناك سبب آخر يبدو مهماً جداً، بمعيار النفسية الفلسطينية، وهو أنها المرة الأولى التي يرى فيها الفلسطينيون إسرائيليين يضطرون إلى ترك بيوتهم والإقامة في خيام لاجئين، بسبب ضربات المقاومة، ليذوقوا بعض ما يفعلونه بالشعب الفلسطيني، منذ خمسة وسبعين عاماً. ورغم اختلاف الحالتين فإن الفلسطينيين يرضيهم، الآن على الأقل، أن يمس القوم قرح طالما مسهم سنوات طويلة.

انفرط عقدنا

يفضح الموقف في غزة مبادئ العالم تجاه قضايا الحق والعدل، خاصة العالم الغربي، الذي تتزعمه أمريكا. إذ ترك العالم إسرائيل تدمر غزة عدة مرات، لدرجة أن رفع الركام وإعادة بناء غزة يتطلب 15 عاما على الأقل، فضلا عما جرى للبشر من قتل وتشريد وتجويع. المسألة من وجهة نظر رفعت رشاد في “الوطن” لا تنفصل عن أغراض الغرب بقيادة أمريكا لفرض التوسع الصهيوني والتهامه أراض عربية أخرى، حتى تتحقق إسرائيل الكبرى، التي تملك المساحة الكافية لتأسيس دولة كبرى، أو ربما في يوم ما دولة عظمى، حسب ما يفكرون ويخططون.
وقال إن التمعن في أبعاد الأهداف الأمريكية، التي تعدها استراتيجية ثابتة تعمل على تحقيقها في المنطقة العربية، يدرك أن المخططات الغربية تسعى إلى إعادة رسم خريطة المنطقة العربية، بعد إدماجها فيما يسمى الشرق الأوسط، الذي أعيد تسميته عدة مرات، سمي في إحداها بالكبير ومرة أخرى سمي بالحديث. وأضاف أن أمريكا وحلفاءها يتلاعبون بالخرائط والجغرافيا السياسية، كما يشاؤون، فالأوضاع العالمية في صالحهم وميزان القوى العسكري والسياسي الدولي الحالي يضع هذه الجبهة في موقع القوة المتفوقة، التي تأخذ زمام المبادرة كيف ما تشاء. تعيد أمريكا توسيع حدود الشرق الأوسط ليشمل حلفاء جدد لها في منطقة القرن الإفريقي، وكذلك في مناطق آسيوية، مثل باكستان وغيرها، وهو ما يجعل المنطقة مشاعا، وهدفها الأصلي والنهائي إعادة تطبيق نسخة محدثة من اتفاقية سايكس بيكو، التي تم على إثرها تقسيم العالم العربي إلى دول بدلا من أن يكون دولة وأمة واحدة.
وقال إن الخطط تهدف إلى تقسيم المنطقة المترامية الأطراف إلى دويلات، حتى لا تكون هناك دولة أكبر من إسرائيل، رأس حربة الاستعمار. وكانت بداية تطبيق النسخة الثانية من سايكس بيكو حرب عاصفة الصحراء وغزو العراق وتفتيته، وهي حرب فارقة في تاريخ المنطقة، لإحكام السيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية على الوطن العربي والأمة الإسلامية. وأهم وأول الأهداف تصفية القضية الفلسطينية لصالح الصهيونية وإسرائيل الكبرى. وقال علينا أن ندرك ما يدور حولنا وما يدبر لنا وأن نواجه ما يحدث بوحدتنا وبالسعي لإفشال هذه المخططات الاستعمارية في وجهها المحدث.

منتهى الوقاحة

الخداع والتواطؤ الأمريكي بلغ، بل تجاوز، من وجهة نظر أحمد عادل هاشم حد الوقاحة.. وزير الخارجية الأمريكي يعلن أن مصر وقطر تعملان على تفسير البنود الغامضة في المقترح الأمريكي (إسرائيلي في حقيقته) لتتفهمها حماس وتوافق على الاتفاق، كما وافقت عليه إسرائيل.. الجواب يظهر من عنوانه كما تقول الأمثال، وعليه فإن كلمة الغموض التي “وقعت” من لسان بلينكن دليل قاطع بحسب الكاتب في “المشهد” على الفخ المنصوب للمقاومة وفلسطين ومصر. فالتاريخ القريب يقول إن مجلس الأمن أصدر قرارا يحمل الرقم 242 في أعقاب حرب 67، ينص في ديباجته العربية على “انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير”. بينما حذفت أداة التعريف “الـ” من كلمة “الأراضي” في النص الإنجليزي، لتصبح الديباجة “انسحاب إسرائيل من أراض محتلة” لتتذرع إسرائيل بالصيغة المكتوبة باللغة الإنجليزية وتتنصل من تنفيذ قرار مجلس الأمن، تحت حجة أن الأخير لم ينص على الانسحاب من كل الأراضي، إنما من أراض لم يحددها القرار. ألف ولام، استندت عليهما إسرائيل في رفض الانسحاب من الأراضي المصرية والفلسطينية والسورية والأردنية، بحجة ما وصفته حينها بالصيغة الغامضة للقرار، فما بالنا والاقتراح الأمريكي لوقف القتل في غزة وإبرام صفقة التبادل وإدخال المساعدات لغزة ينعته وزير خارجيتهم بالغامض، ويطلب من العرب، الذين لا يملكون من الأمر شيئا، أن يفكوا طلاسم الغموض لحماس لكي تقبل بما تريده إسرائيل وأمريكا.. وقال وصلنا إلى مستوى الضغط على المقاومة لخلع ملابسها الداخلية، ولن تتوقف عجلة القتل والتشريد.

الانسحاب هو الحل

دعوة بلينكن لمصر وقطر من أجل تفسير البنود المهينة، التي وصفها بالغامضة، يراها أحمد عادل هاشم إهانة في حد ذاتها لمصر وقطر، واستهانة بالذاكرة العربية، التي تتعامل معها الإدارة الأمريكية باعتبارها ذاكرة أسماك وليس ذاكرة بشر وشعوب، تدفع من دماء أطفالها وشبابها ونسائها وشيوخها فاتورة تواطؤ النظام العربي واصطفافه إلى جانب المكر والخداع الصهيوني منذ العام 1948 وحتى الآن.. وقال إن الذاكرة الجماعية للشعوب العربية لم ولن تنسى سياسة اللف والدوران الإسرائيلية حول كل الاتفاقات والتعهدات التي تبرمها مع العرب، بدءا من القرار 242 مرورا باتفاقات أوسلو، التي حولها نتينياهو إلى أوراق “تواليت” يمسح بها يديه المخضبة بدمائنا، ويذهب إلى واشنطن ليصافح هؤلاء الذين يتاجرون بالأوطان.. وعلى مصر وقطر أن يتذكرا أن اليمين الصهيوني الحاكم في تل أبيب أعلن رفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية، وقطع عهدا أمام ناخبيه بتصفية المقاومة الفلسطينية.. فعلى ماذا التفاوض، ولماذا تتحمل مصر وقطر مسؤولية فك الغموض؟
أما تفسير غموض الاتفاق الأمريكي فاعتبر الكاتب في “المشهد”، أنه ليس مسؤولية الوسطاء، لأنه باختصار أشبه بالسير على حبل مشدود، يمسك طرفيه الصهاينة.. وقال إن بلينكن “يستعبط” ويريد منا أن “نتعابط” ونسايره. وانتهى الكاتب إلى أنه لا سبيل لإعادة تصحيح المسار ودعما للقضية الفلسطينية وشعبها، الذي يعاني حرب الإبادة، إلا بالانسحاب من المفاوضات، قائلاً أكرر وأعيد.. الانسحاب من المفاوضات أجدى وأنفع وأكرم.

احتلال قصير

“أمريكا ترفض احتلالا إسرائيليا طويل الأمد لغزة”.. حينما قرأ عماد الدين هذا التصريح منسوبا إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ظنه تصريحا مفبركا، تابع الكاتب في “الشروق”: كلام بلينكن لا ينتمي إلى المنطق والعقل، بل يمكن أن يدخل في باب الصحافة الساخرة أو الكوميديا السوداء ويكشف للمرة المليون أن الولايات المتحدة هي إسرائيل ولا فرق كبيرا بينهما، وأي ساذج يتعامل معها باعتبارها وسيطا نزيها أو شبه نزيه، فعليه أن يتحمل نتيجة سذاجته، ولا يلوم إلا نفسه حينما يستيقظ متأخرا جدا ليكتشف أن الولايات المتحدة كانت تقوم بمهمة تخدير للفلسطينيين والعرب حتى تكمل إسرائيل مهمة تدمير غزة، وبعدها تستدير للضفة الغربية وجنوب لبنان وأخيرا للبرنامج النووي الإيراني.
وقال إن كلام بلينكن المأساوي في الدوحة، قد يشعر البعض بالراحة لأن الدولة الكبرى في العالم تطمئننا بأن الاحتلال الإسرائيلي لغزة سيكون قصيرا وليس طويلا، وعلينا أن نصدقه، ولا نقلق. لكن بلينكن لم يشرح معنى كلامه حتى تكتمل سعادتنا، فالطبيعي أن يكمل ويقول لنا التعريفات الأمريكية لهذا المصطلح، وماذا يعني بالاحتلال القصير، وهل يقصد به شهرا أو سنة أو عقدا أو قرنا؟! المعنى الوحيد الذي فهمته من كلام بلينكن أن بلاده تؤيد احتلال إسرائيل لغزة، لكن الخلاف فقط على المدة والوقت الذي يستغرقه ذلك. لا يمكن لوم بلينكن بالمرة ليس فقط على تصريحه الكوميدي، أو على مجمل تصريحاته منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر الماضي، والسبب أنه كان واضحا من البداية حين زار إسرائيل بعد ساعات من عملية “طوفان الأقصى”، قال بلينكن يومها “لم آت إلى إسرائيل باعتباري وزيرا لخارجية أمريكا فقط، بل جئت باعتباري يهوديا”.. اللوم فقط على من صدق أن بلينكن أو غيره من المسؤولين الأمريكان يمكن أن يكون وسيطا نزيها وعادلا.
قبل سنوات والكلام لعماد الدين حسين كانت السياسة الأمريكية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي خصوصا في شقه الفلسطيني تحاول أن تخفي انحيازها الفج بغلالة رقيقة مزيفة من الموضوعية والتصريحات الإعلامية، التي لا تغني ولا تسمن من جوع، من قبيل أنها لا تزال تتمسك بحل الدولتين، رغم أنها على أرض الواقع استخدمت الفيتو في مجلس الأمن أكثر من مرة لإجهاض أي قيام للدولة الفلسطينية، وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية. نعلم جميعا أنه منذ بداية العدوان فإن الولايات المتحدة فتحت كل مخازن أسلحتها وخزائن أموالها لإسرائيل، بل أرسلت حاملات الطائرات والسفن النووية وأنظمة الدفاع الجوي المتعددة إلى المنطقة لحماية إسرائيل من أي طرف يحاول أن يهاجمها أو يدعم الفلسطينيين.
في أوائل شهر تموز/يوليو الماضي اقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروع اتفاق لوقف إطلاق النار وافقت عليه إسرائيل ظنا أن حماس سوف ترفضه، وكان شاهدا على ذلك وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأمريكية، خلال زيارته للقاهرة، لكن واشنطن وتل أبيب فوجئتا بأن حماس تقبل الاتفاق، لأنه ينص على انسحاب إسرائيل من غزة ووقف إطلاق النار، فسحب نتنياهو موافقته، بل أرسل جيشه إلى رفح واحتل معبرها ومحورها، ولم تجرؤ واشنطن على أن تعارضه، رغم أنها طوال شهور مضت كانت تقول إنها تعارض ذلك وترفضه، وبعدها ثبت لنا أنها كانت تخدر الفلسطينيين والعرب. أما الآن فإن المقترح الأمريكي الذي تقول واشنطن إن إسرائيل وافقت عليه، هو في الحقيقة مقترح إسرائيلي يثبت الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة ويرسخه، وهو ما ينبغي على المقاومة الفلسطينية أن ترفضه مادام لا يتضمن انسحاب الاحتلال من القطاع ومن محوري نتساريم وفيلادلفيا.

رويداً رويداً

لا يتوقع كرم جبر أن تقوم إيران بضرب إسرائيل رداً على اغتيال إسماعيل هنية، وأن يقتصر الثأر على تصريحات ساخنة بدأت تدريجياً في الهدوء، فإيران كما أخبرنا الكاتب في “الأخبار” غير مهمومة كثيرا بما يحدث في غزة، وأمريكا تريد إيران شوكة في ظهر دول المنطقة، وإسرائيل تستخدم فزاعة إيران لابتزاز أمريكا، والمصالح أكبر بكثير من مخاطر الضربة. والتصريحات الإيرانية انتقلت إلى “مرحلة الصبر الطويل”، مثلما قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني منذ يومين إن فترة انتظار رد إيران على إسرائيل قد تكون طويلة.
كيف تكون لإيران القدرة على الرد بينما تثير عملية اغتيال هنية شكوكاً حول الأوضاع الأمنية والاستخباراتية لديها؟ فالصمت الشديد وعدم صدور بيان رسمي حتى الآن يكشف ملابسات الحادث، ويزيح الغموض عن كيفية الوصول إلى غرفة نومه في مقر إقامته في منطقة عسكرية، إذ ليس لإيران جبهة حدودية مع إسرائيل، ولن تسمح لها دول الجوار أن تستخدم أراضيها في حرب بالوكالة، ولن تتيح الدول الكبرى لحزب الله أكثر من ألعاب الأسلحة ولا يسبب مأساة جديدة للبنان، ولم يكن لإيران تاريخياً أي دور عسكري في الصراع العربي الإسرائيلي، ولم تطلق صاروخاً تجاه إسرائيل.
وقال إيران تعلم جيداً أن الرد على إسرائيل يلقى نفس مصير تمثيلية المسيرات والصواريخ في أبريل الماضي، التي سببت لها حرجاً وانتقادات شديدة، ولم يتغير شيء في معادلة القوة على أرض الواقع، يتيح لها أن تحقق نتائج أفضل من ذلك، ولا تستطيع أن تخترق الجدار الحديدي للدفاعات الإسرائيلية المدعومة بمساعدات عسكرية غربية هائلة لإسرائيل.

السودان المنسي

ما يحدث في السودان الأخ الشقيق، كما يصفه فاروق جويدة، كارثة تاريخية والجميع يتفرج.. تسأل عن عقلاء الشعب الطيب الواعي، ولا تجد لهم صوتا.. وتسأل عن الأشقاء والجيران، ولا حياة لمن تنادي.. وتسأل عن المجتمع الدولي، الكل ينتظر نصيبه من الغنيمة ما بين الذهب والبترول والأرض والمياه.. عشرات المؤتمرات لم تصل إلى نتيجة، كان آخرها في جنيف، وقبله جدة والإمارات والقاهرة.. ومازالت الدماء تتدفق، ومازال الهاربون من الموت يخرجون حشودا إلى الحبشة، ومصر تحتضن الملايين منهم.. المعارك لا تهدأ، والدمار يلحق بكل شيء، والجوع يعصف بأرواح الملايين..
ويتساءل الكاتب في “الأهرام”: أليس في السودان رجل يوقف هذا النزيف؟ أين النخبة السودانية لكي تقف أمام صراع لا نهاية له، وحرب لا غالب فيها ولا مغلوب؟ وكيف ترك العالم العربي أحد أوطانه يُستباح أمام رغبات محمومة في السلطة؟ وأين جامعة الدول العربية؟ إن ما يحدث في السودان جريمة تهدد حياة شعبه وتدمر مستقبله، وللأسف، أن الأسلحة التي تدمر البيوت كان ينبغي أن تحميها.. لعن الله جنون القوة. السودان من أغنى الدول العربية وأكبرها مساحة، ويستطيع أن يُطعم العالم العربي كله. وحرام أن تضيع كل هذه الثروة أمام صراع لا يجدي، وحرب خسر فيها الجميع..
وقال إن مسؤولية إنقاذ السودان واجب عربي يجب أن تشارك فيه كل الشعوب العربية، لأن كارثة السودان سوف تترك آثارها على كل الشعوب العربية ولن ينجو منها أحد..

لحسن الحظ

ينتشر الكلام الآن عن فيروس غامض آخر، مما قد يتسبب في جائحة قد تواجهنا جميعا، يسمى جدري القرود. تحول الجدري المائي إلى أربعة أمراض مختلفة في السنوات الاخيرة، كما أوضح الدكتور مصطفى محمود في “الوفد”.. المجموعة الأصلية الأولى ظهرت في وسط إفريقيا والفئة الثانية في غرب إفريقيا، وعرفناها منذ سبعينيات القرن العشرين. ثم هناك نسخة «ب» من كل منهما تم تطويرها مؤخرا وتنتقل عن طريق الاتصال الجنسي.
وقال إن المجموعة الأولى تسبب حاليا أكبر قدر من القلق، وقد تكون على وشك التسبب في جائحة. ولحسن الحظ، لم تكن السلالة الأولى من الفيروس المسبب للمرض قاتلة كما كان يخشى البعض. حتى عام 1980، كان أغلب البالغين قد نجوا من الجدري أو تلقوا التطعيم، وبالتالي كانوا محصنين ضده. وعندما وصلت إليهم سلسلة انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان توقفت، ثم قضينا على الجدري وتوقفنا عن التطعيم ضده. وبحلول عام 2010، زادت حالات الإصابة بفيروس الجدري في جمهورية الكونغو الديمقراطية بمقدار عشرين ضعفا، وكانت جميعها تقريبا بين أشخاص ولدوا بعد عام 1980. وتعني المزيد من الحالات المزيد من الفرص للفيروسات للتكيف والانتقال بكفاءة أكبر، والتغلب على الفيروسات الأخرى إلى الإنسان التالي. في عام 2016، فعل فيروس من النوع الثاني في نيجيريا ذلك على وجه التحديد، وبدأ ينتشر جنسيا، في الغالب بين الرجال. مع عدم الحاجة إلى حاملين حيوانيين، كان قادرا على الانتشار عالميا. ولاحظ الأطباء النيجيريون مرضا جديدا سيئا، ولكن لم يتم إطلاق أي إنذارات رسمية حتى ظهرت حالة في لندن في عام 2022، واكتشف العلماء ما حدث من خلال تحليل الطفرات التي تدل على أن الفيروس لا يصيب إلا البشر.

قد يأكلون القوارض

استخدمت الدول الغنية لقاح الجدري المخزن ضد الإرهاب البيولوجي. لم تحصل الدول الفقيرة على أي لقاح، لكن الناس أصبحوا محصنين أيضا من خلال العدوى. انخفضت الحالات بشكل حاد بحلول يناير 2023، على الرغم من أن الفيروس لم يتم القضاء عليه. وقارن الدكتور مصطفى محمود بين السلالة الأولى، التي تنتشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث قفزت من أقل من 6000 حالة معروفة في عام 2022 إلى أكثر من 16000 حالة حتى الآن هذا العام. ويخشى الخبراء أن تجبر الحرب والفقر المتزايد المزيد من الناس على أكل القوارض. ولكن مع وجود عدد قليل جدا من الأشخاص في جمهورية الكونغو الديمقراطية الآن في سن كافية لتلقي التطعيم ضد الجدري، يمكن للفيروس أن ينتشر إلى المزيد من الناس قبل الوصول إلى طريق مسدود. ولا تزال سلاسل العدوى في معظم أنحاء جمهورية الكونغو الديمقراطية تبدأ بالحيوانات، لكنها تقضي الآن وقتا أطول في البشر.
في أواخر العام الماضي، بدأت منطقة جنوب شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي كانت خالية من فيروس إم بي أوكس، في اكتشاف الفيروس بين العاملات في مجال الجنس. وقد انتشر الفيروس من النوع الأول بين البشر منذ سبتمبر 2023. والآن تتزايد حالات الإصابة به بشكل أسرع من الفيروس القديم من النوع الأول في بقية أنحاء البلاد، ويغزو بلدانا جديدة. ولحسن الحظ، ليس هذا الفيروس خطيرا كما يخشى البعض. فقد قتلت المجموعة الأولى 5% من المصابين به في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخاصة الأطفال. لكن البيانات تُظهِر أن المجموعة الأولى تقتل حوالي 0.6% فقط. ولا يعرف الخبراء ما إذا كان هذا الفيروس قادرا على الانتشار في شبكات الاتصال بين الجنسين بنفس الطريقة التي انتشر بها الفيروس الثاني بين الرجال، ولكننا قد نعرف ذلك قريبا.

ساحل لا يمثلنا

تملك مصر ساحلا شماليا طوله ألف كيلو متر، وهو يبدأ من رفح المصرية في أبعد نقطة شرقا، وينتهي عند السلوم في أقصى الغرب. ومع ذلك جرى ويجري اختزال هذا الساحل كله في مسافة لا تكاد تزيد على المائة كيلو متر، وهي المسافة التي أبدعت الذائقة الشعبية عندما أطلقت عليها بحسب سليمان جودة في “المصري اليوم” اسم الساحل الشرير.. إنها تمتد من حدود مارينا الغربية إلى ما بعد الضبعة بقليل. وعندما يكتمل مشروع رأس الحكمة سوف ينضم مع المشروعات المحيطة به إلى الساحل الشرير، الذي سيكون عندها قد تمدد غربا، وسيكون قد أضاف إلى مساحته الحالية مساحة أخرى، وستكون صفة الشر التي ألصقها به المصريون مصاحبة له في امتداده وتمدده في اتجاه الغرب، وربما تكون المساحة المضافة في المستقبل أكثر شرا من المساحة الأولى!.
وليس الشر هنا بمعناه الديني، كما يرى الكاتب، أي أنه ليس الشر الذي يقابله الخير في تعريف الأديان، ولكنه الشر بالمعنى الاقتصادي، ولابد أنها تسمية عجيبة، وأنها تأليفة مصرية غريبة لم يسبقنا إليها شعب من الشعوب.. فالشر والخير بقيا دائما في النطاق الديني لا يفارقانه، ولم يحدث من قبل أن جرى تصنيف ساحل من بين سواحل الدنيا على أنه ساحل شرير، ولا جرى في المقابل تصنيف ساحل على أنه ساحل طيب.. ولكنها مصر أم العجائب كما هي أم الدنيا. وكأن هذا فقط هو ساحل المحروسة على البحر المتوسط، مع أن هذا الساحل الشرير بمساحته ومسافته لا يشكل أكثر من خمس طول الساحل كله بامتداده بين رفح والسلوم. ورغم أن المسافة من الكيلو 21 غرب الإسكندرية إلى حدود مارينا الشرقية تضم العشرات، وربما المئات من القرى السياحية على الشاطئ، إلا أنها قرى لا ذكر لها، ولا سيرة لها في أي كلام عن ليالي الصيف، فكأنها غير موجودة، أو كأن الذين يذهبون لقضاء الصيف فيها لا يمثلون أهمية في نظر الذين ينقلون للناس ما يشهده الساحل في لياليه الصاخبة أو حتى الهادئة!. ليس من الصالح العام في شيء أن ينقسم الساحل نفسه بين ساحل طيب وآخر شرير، وليس من الصالح العام في شيء أن يتم اختزال ألف كيلو متر في مائتين.
بعد أن صار الدكتور مصطفى مدبولي يهتم بالحديث مع عموم المصريين والتواصل معهم بشكل أسبوعي الآن، انتهز عبد القادر شهيب الفرصة وهمس في أذن دولته بأن يهتم، وهو يتحدث إليهم، بأن يبدو حريصا على حل المشكلات التي تؤرقهم كثيرا الآن.. وفي مقدمتها كما أوضح الكاتب في “فيتو”.. مشكلتهم مع ارتفاع الأسعار سواء الذي يتم بمعرفة الحكومة أو يتم بمعرفة التجار، وأن لا يظهر حريصا فقط على حل مشكلة الحكومة المتمثلة في زيادة أعبائها، بعد زيادة الدعم المدرج في الموازنة الخاص بالمنتجات البترولية والكهرباء. فإن الحكومة هي أحد عناصر الدولة الأساسية الثلاثة والمتمثلة في الأرض والشعب مع الحكومة، ولا يستقيم اعتبار الحكومة مرادفا للدولة، والأهم حل مشاكل الدولة، ويعني بالتبعية حل مشاكل الشعب.. وهذا هو دور الحكومة التي تدير شؤون البلاد نيابة عن الشعب، وبتكليف من نوابه، الذين منحوها الثقة.. وبهذا المعنى يجب عدم اختصار مشكلة الدعم في العبء، الذي تتحمله الحكومة وموازنتها، وإنما هذا الدعم الذي تقرر التخلص منه بات يمثل مشكلة للناس، من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة منهم، خاصة وأنهم يدفعون ثمنا لسياسات اقتصادية أفضت إلى انخفاض قيمة الجنيه، وما ترتب عليه من زيادة الدعم في الموازنة حسابيا.
وقال إن أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة يمثلون الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب المصري، الذي يعد أهم عناصر الدولة المصرية، وهؤلاء يتطلعون إلى أن يكونوا محور اهتمام حكومتهم ورئيسها، خاصة وهو يتحدث لهم الآن، وأن تستأثر مشاكلهم بالاهتمام الأكبر منه.

إصلاح متعثر

قضية إصلاح التعليم غير مرتبطة فقط بالنوايا والرؤية، إنما أيضا، وفق رأي عمرو الشوبكي، بامتلاك القدرة على تنفيذ هذه الرؤية إن وجدت، وترجمة النوايا إلى خطط قابلة للتنفيذ. فمشكلة أداء كثير من وزراء التعليم في مصر، بحسب الكاتب في “المصري اليوم”، أنهم لا يمتلكون أدوات حقيقية لتطوير المنظومة التعليمية؛ ولذا اعتادوا أن يتركوا المشاكل الحقيقية، التي تواجه التعليم بلا حلول ناجعة؛ من نقص في أعداد المعلمين والمدارس وتكدس الفصول ومشكلات مناهج التعليم، ويركزوا على البصمة أو على إلغاء مواد يجب ألا تلغى، والتمسك بأخرى تحتاج لتطوير.
وقال إن القرار المفاجئ جاء من الوزير الحالي دون نقاش مع الخبراء والمتخصصين، وتضمن إلغاء بعض المواد من مقررات الثانوي أدبي مثل الفلسفة «أم العلوم» وعلم النفس، وهو توجه من الصعب أن نجده في أي بلد آخر في العالم، وتوازى معه صدور قرار آخر بإخراج اللغة الثانية من المجموع، في وقت يسعى فيه العالم كله لدفع تلاميذه لتعلم لغة ثانية وثالثة.. وأيضا شطب الجيولوجيا، التي كانت إحدى المواد الأساسية التي تفتح ذهن الطلاب لآفاق واسعة، فيها تداخل بين العلوم الطبيعية وتاريخ الكون وتطوره، وتعد من المواد الأساسية في كل بلاد الدنيا المتقدمة أو الراغبة في التقدم. ثم جاء نشر «المصري اليوم» الأسبوع الماضي لتقرير عن تفاصيل عودة الامتحانات لتلاميذ الصف الثالث الابتدائي، ليفتح ذلك نقاشا جديدا بشأن العملية التعليمية، فقد قرر وزير التعليم اعتماد نظام التقييم على أساس مخرجات المواد الدراسية المطورة في الصفوف من الثالث إلى السادس الابتدائي، من خلال امتحان نهاية الفصل: 60 درجة، المهام الأدائية 10 درجات وكراسة الواجب 5 درجات وكراسة الأنشطة 5 درجات والتقييم الأسبوعي 5 درجات والشهري 10 درجات والمواظبة والسلوك 5 درجات. ولنا أن نتصور كيف سيطبق هذا القرار شديد التعقيد في المدارس الحكومية، في ظل نقص أعداد المعلمين، وفي ظل أن تقييم الطالب على ضوء «أعمال السنة» عادة ما يكون غير موضوعي وتحكمه المجاملات ويحصل فيه الطالب، الذي يأخذ دروسا خصوصية على أرقام مرتفعة في أعمال السنة، وهو لن يكون حال الطالب غير القادر على أخذ الدروس الخصوصية.
وقال يجب مواجهة مشكلات التعليم الحقيقية وأزمات التعليم الحكومي عن طريق اتخاذ سلسلة من الإجراءات، تبدأ بحوار بين الخبراء والمتخصصين يتعلق بتطوير المناهج، لا استسهال قرار الإلغاء والشطب لبعضها.

بعجر السخيف

في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان أسامة الغزالي حرب مواظبا في طفولته على قراءة مجلة «سمير» التي كانت تصدرها دار الهلال برئاسة تحرير المربية الفاضلة نتيلة راشد، وكذلك كان يفعل صديقه الأعز منذ الطفولة د. أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية. وتابع الكاتب في “الأهرام”: كانت تضحكنا كثيرا شخصية «بعجر السخيف» الذي يتفنن في العكننة على الآخرين.. تذكرت هذه الواقعة وأنا أهم بكتابة هذه الكلمات عن دعوة كريمة تلقيتها مؤخرا من أحد الأصدقاء الأعزاء لزيارته في إحدى «قرى» الساحل الشمالي، التي درج الإعلام أخيرا على تسميتها «الساحل الشرير»، بينما أقيم أنا حاليا في إحدى قرى الساحل الطيب (ولو أنني أفضل تسميتهما الساحل المفتري والساحل الغلبان!)…. ماعلينا! لقد أحجمت عن تلبية تلك الدعوة الكريمة، لأنني لم أشأ أن أكون مثل بعجر السخيف! فأنا رافض تماما تماما من حيث المبدأ فكرة قرى الساحل الشمالي، وأقسم بالله أنني لا أذهب إليه في قرية الصحفيين إلا امتثالا لأمر زوجتي الحبيبة، التي بنت بيتنا فيها على يديها حرفيا، هربا من حر القاهرة.
وقال إن هذه القرى «157 قرية!» تحتل أحد أجمل شواطئ جنوب البحر المتوسط، من الإسكندرية إلى مطروح والعلمين، يمتلكها بضعة آلاف من المصريين الأثرياء، ولكن أيها السادة.. هذا الشاطئ ملك لأكثر من مائة مليون مصري، ويفترض أن يستثمر لمصلحتهم جميعا. هل تعلمون أن تونس «12.5» مليون ساكن فيها 850 فندقا في سوسة وجربة ونابل.. وهل تعلمون أن المغرب «بعدد سكان يزيد قليلا على ثلث سكان مصر» فيها ما يزيد على 4700 فندقا، منها 378 من فئة خمسة نجوم..؟ تضخ عوائدها في الاقتصاد التونسي والمغربي؟
وتساءل هل نقوم نحن، ويا للعجب ونحن بلد سياحي بامتياز، بأكل البطة التي تبيض ذهبا..؟ هل هناك إرادة، لدى نخبتنا الموقرة لتصحيح هذا الوضع غير العادل وغير الاقتصادي.. وختم بالقول هذا سؤال يطرحه، لا مؤاخذة، السيد بعجر السخيف!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية