بعد توسع هجماته شمال البادية السورية: هل يهاجم تنظيم «الدولة الإسلامية» المصالح الروسية؟

منهل باريش
حجم الخط
0

تركز الهجمات باتجاه حقل توينان يشير إلى رغبة التنظيم بتهديد المصالح الروسية بشكل مباشر والمواجهة لا تعني قوات النظام فقط وانما شركات الحراسة السورية التي تعمل تحت إمرة «فاغنر».

شنت قاذفات جوية روسية عدة غارات صباح الجمعة، على مناطق يعتقد أن خلايا تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تنشط بها في ريف حمص الشرقي والرقة الجنوبي. والغارات هي الثانية من نوعها بعد تلك التي حصلت قبل يومين جنوب محافظة دير الزور شرق سوريا.
في الميدان، شهد الأسبوعان الماضيان تصاعدا في وتيرة هجمات مقاتلي تنظيم «الدولة». وفي التفاصيل، انفجرت عبوة ناسفة زرعها عناصر التنظيم بسيارة تتبع لـ«قوات سوريا الديمقراطية قسد» على طريق تل السمن-تل أبيض شرقي محافظة الرقة، وأدى الانفجار إلى مقتل عنصرين على الفورـ ونشطت خلايا التنظيم في مناطق سيطرة قوات النظام السوري و«قسد» ويلاحظ أن التنظيم أعاد نشاطه بشكل لافت في منطقة الاحتجاجات شرق الفرات في محافظة دير الزور بعد انكفائه عن النشاط واعتبار الخلاف بين مجلس دير الزور العسكري و«قسد» هو خلاف داخلي، ويبدو أن قيادة التنظيم هناك فضلت ترك الصدام يأخذ مداه وأن تراقب مجريات التطورات على الأرض وترى نتائج الخلاف ومنتهاه.
إلى ذلك، هاجم مقاتلو «الدولة» سيارة رباعية الدفع نوع بيك آب شمال بلدة السخنة وأدى الهجوم إلى مقتل عنصرين من قوات النظام، وتناقلت حسابات مقربة من التنظيم شريطا مصورا يظهر مقتل عنصرين من قوات النظام في مكانين غير بعيدين عن بعضهما يتوعد خلاله مقاتل في التنظيم قوات النظام، وقالت الحسابات التي نشرت الخبر إن الهجوم وقع يوم الثلاثاء، في بادية السخنة بريف حمص الشرقي بدون الإشارة إلى الموقع بدقة.
وتركزت أغلب هجمات خلايا التنظيم ضد قوات النظام وحلفائه في البادية السورية، وشهدت منطقة السخنة اشتباكات متكررة خلال الأيام الأخيرة، حيث شنت الخلايا الهجمات المسلحة ونصبت الكمائن لعناصر ودوريات متحركة تتبع إلى الفرقة 17 المنتشرة في دير الزور ونقطة تلاقي محافظات حمص وحماة وحلب والرقة إضافة إلى جنوبي دير الزور، وتحول الطريق بين السخنة بريف حمص الشرقي والرصافة جنوبي الرقة إلى منطقة مواجهة مستمرة حيث تكبدت قوات النظام خسائر كبيرة في صفوف عناصرها. والجدير بالذكر، أن تلك المنطقة تعرضت عشرات المرات لهجمات متفرقة منذ هزيمة التنظيم عام 2019. وفي وقت سابق كان أغلب القتلى ينتمون لـ«لواء القدس الفلسطيني» الموالي للنظام قبل ان تنتشر الفرقة 17 في جيش النظام إلى جانب ميليشيا «الدفاع الوطني»عوضا عنه في المنطقة.
وأوقع مقاتلو التنظيم حافلة مبيت تنقل عناصر من جيش النظام ومتعاونين معه، الثلاثاء، في كمين محكم أدى لمقتل عشرة من مرتبات الفرقة المذكورة أعلاه. وفي حين قال ناشطون سوريون معارضون إن الهجوم حصل بالقرب من محطة الضخ الثالثة النفطية «T3» فإن صفحات موالية قالت إن الهجوم وقع على الطريق بين تدمر-واثريا وهو طريق فرعي يقع بمنطقة ذات طبيعة جبلية وعرة وبالقرب من مكان الكمين يوجد حقل توينان للغاز، وهو الحقل الذي وضعت روسيا يدها عليه منذ العام 2021. وتقع المنطقة المستهدفة إلى الغرب من السخنة بنحو 30 كم، ما يرجح أن تكون مهمة القوة التي وقعت بالكمين هي حماية الحقول الروسية في المنطقة، وقتلت ضابطين أحدهما نقيب والآخر ملازم أول وستة آخرين عسكريين إضافة إلى مدنيين اثنين. وتناقلت صفحات مؤيدة للنظام السوري على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يعتقد أنها للمقاتلين قبل استهداف حافلتهم، التقطها القتيل رحمون حبيب شاتوري.
وفي بادية دير الزور، قتل 2 من اللواء 137 جنوب بلدة كباجب غرب دير الزور، ويتبع اللواء للفرقة 17 المنتشرة بالمنطقة الشرقية على أعقاب الانتفاضة الكردية عام 2004. ويتعرض مقطع طريق دير الزور-تدمر بين كباجب والشولا إلى هجمات متكررة تراجعت حدتها خلال السنتين الأخيرتين مقارنة بعامي 2020و 2021. كما قتل الأسبوع الماضي عنصر في الفرقة الرابعة-قوات خاصة التي يقودها اللواء ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري، برصاص مسلحين يستقلون دراجة نارية في قرية الدوير التابعة لبلدة الصالحية في ريف دير الزور الشرقي.
وتعرضت الفرقة الرابعة إلى عدد كبير من الكمائن منذ سيطرة قوات النظام والميليشات الإيرانية على المنطقة، ومنها الكمين الذي جرى نهاية عام 2020 عند تقاطع الشولا وخلف مقتل نحو 50 عنصرا من عناصر الفرقة الرابعة بعد استهداف رتل يضم حافلات مبيت تضم العشرات من ضباط الفرقة وجنودها. وتعرض الرتل لهجوم بقواذف «الار بي جي» والرشاشات الثقيلة، أحرق خلاله عناصر التنظيم عددا من الآليات وحافلة مبيت فيما تمكنت باقي الحافلات من الوصول إلى دير الزور واستمرت الاشتباكات قرابة الثلاث ساعات قبل أن تصل تعزيزات قوات النظام من دير الزور للمنطقة يومها.
من جهة أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه وثق 26 هجوما لتنظيم «الدولة الإسلامية» ضد مواقع قوات النظام السوري والميليشيات التابعة له والموالية لإيران في غربي وشرق الفرات التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد. وأضاف المرصد أن الهجمات أسفرت عن مقتل وجرح ما يزيد عن 100 عنصر من الأطراف الثلاثة. وأشار المرصد إلى أن 11 هجوما تركز بمناطق سيطرة «قسد» شرق الفرات، وتسببت الهجمات بمقتل 4 عسكريين فقط، توزعت الهجمات بمعدل 9 في دير الزور و2 في الحسكة.
في سياق منفصل، وتزامنا مع التوترات في المنطقة، عززت الميليشيات الإيرانية مواقعها في محيط منطقة الـ55 والتي تتمركز بها القاعدة العسكرية لـ«التحالف الدولي لمحاربة داعش» واستقدمت تعزيزات عسكرية إلى منطقة جبال العليانية القريبة من منطقة النفوذ الأمريكي.
وأفاد مصدر محلي في بلدة خنيفيس جنوبي تدمر لـ«القدس العربي» أن رتلا عسكريا كبيرا يضم شاحنات مغلقة وسيارات دفع ربعي تحمل رشاشات ثقيلة توجه نحو جبال العليانية ودعمت النقاط المتقدمة بين العليانية وطريق الـ45 المتوجه إلى حمص والمتفرع من الطريق الدولي الواصل بين بغداد ودمشق.
من الواضح، أن تنظيم «الدولة» ما زال يحافظ على الجيوب الأساسية في البادية السورية من أجل الانطلاق بهجماته، وعلى الرغم من تراجع حدة الهجمات على طريق دير الزور-تدمر انطلاقا من جبل البشري كما كان يحدث سابقا إلا أن نشاطه في شرق الجبل لم يتراجع إطلاقا، ويلاحظ أن تراجع الهجوم على ذلك المحور أتى بعد أن فضل الحرس الثوري الإيراني سحب عناصر ميليشيا «زينبيون» الشيعية الباكستانية، و«فاطميون» الشيعية الأفغانية من محاور الجبل ونشرها على التلال المرتفعة في المنطقة الواقعة إلى الغرب من اللواء 137 غرب مدينة دير الزور، في قصيبة وتل الطريفاوي والمزرعة وصولا إلى الفصيات ووادي العين.
إن تركز الهجمات باتجاه حقل توينان وجواره يشير إلى رغبة لدى التنظيم بتهديد المصالح الروسية بشكل مباشر وبالطبع فإن تلك المواجهة لا تعني الاشتباك مع قوات النظام فقط وانما شركات الحراسة السورية الخاصة الموالية لموسكو والتي تعمل مباشرة تحت إمرة شركة «فاغنر».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية