تواجه قبرص التي تمر بازمة مالية خطيرة انتقادات عدة بين تبييض الاموال والتعتيم المالي وتضخم القطاع المصرفي. لكن واذا كانت المنظمات غير الحكومية تصنف هذه الجزيرة ضمن الملاذات الضريبية منذ زمن الا ان المؤسسات الدولية كانت حتى الان اكثر تسامحا.ولا تتردد منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي في توجيه انتقادات قاسية للتدهور الاقتصادي في قبرص وتبرران بالتالي تدخلهما لانقاذ هذه الدولة العضو في الاتحاد النقدي الاوروبي.واشار وزير المالية الفرنسي بيار موسكوفيسي الى ‘تضخم وافراط في الكرم في القطاع المالي القبرصي’ الذي بات على ‘شفير الافلاس’ مما يجعل منها ‘حالة خاصة في منطقة اليورو’.واضاف موسكوفيسي ان النظام المصرفي يشكل ‘سبعة اضعاف اجمال الناتج الداخلي للبلاد’ اذ تتراوح الفوائد على الودائع بين ‘5’ و6′ على الاقل سنويا’، بينما يملك غير المقيمين القسم الاكبر من هذه الودائع، مشير الى ‘المصالح الروسية’.وفي الواقع، فان ودائع غير المقيمين في قبرص بلغت في اواخر ايلول/سبتمبر 2012 20 مليار يورو من اصل 52,2 مليار يورو، بحسب دراسة لمعهد المالية الدولية.واورد المعهد ايضا ارقام المصرف المركزي الاوروبي مشيرا الى ان 85′ من ودائع غير المقيمين مصدرها دول خارج الاتحاد الاوروبي، اذ ذكرت مصادر عدة روسيا واوكرانيا وحتى لبنان.وتشتبه بعض الدول وفي طليعتها المانيا بان قبرص تغض النظر عن عمليات تبييض اموال، ومن المتوقع صدور نتيجة مراجعة مالية طالب بها الاوروبيون.وبات وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله يصنف قبرص ضمن الدول ‘التي تفرض اقل نسبة ضريبة’ وحيث فيها ‘الرقابة غير صارمة’ وهذا لا يبتعد كثيرا عن تعريف الملاذ الضريبي.وكل هذه الانتقادات تتفق مع تحليل مجموعة ‘تاكس جاستيس نتوورك’ الذي يضم منظمات غير حكومية.وفي تنصيف المجموعة الاخير ل’للسرية المالية’، تحتل قبرص المرتبة ال20 بين 71 دولة. وذلك بسبب عدم تطبيق السرية المصرفية بشكل صارم وحيث التعاون لا يزال جزئيا حول تبييض الاموال الناجمة عن الجرائم.واوضحت ماتيلد دوبريه من منظمة ‘سي سي اف ديه- تير سوليدير’ لفرانس برس ‘بالنسبة الينا لا تزال قبرص ملاذا ضريبيا لا يعتمد الشفافية، وهي من بين المناطق القاتمة في منطقة اليورو’.ومع ذلك، فان المنظمات الدولية والتي تنتمي اليها دول تنتقد اليوم الاقتصاد القبرصي، غضت النظر عن كل هذه الممارسات.فقد سمح لقبرص بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي في العام 2004 وباعتماد العملة الموحدة في 2008.ولا تصنف مجموعة العمل المالي (غافي) المكلفة مكافحة تبييض الاموال قبرص على قائمتها السوداء ولو ان الخبراء اشاروا في تقرير التقييم الاخير الصادر في اواخر 2011 الى ان القوانين التي من شانها فرض ضوابط لا تزال غير مطبقة بشكل كاف كما ان الملاحقات القضائية او الادانات محدودة.من جهتها، لم تنتقد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تنسق المكافحة على صعيد المؤسسات للملاذات الضريبية قبرص في القوائم التي نشرتها في العام 2009 والسبب هو ان الجزيرة وقعت عددا كافيا من المعاهدات المالية مع دول اخرى.ومنذ ذلك التاريخ يستعرض منتدى مالي دولي مختلف المناطق في العالم. واصدر في نيسان/ابريل اول تقرير حول الاطار التشريعي في قبرص اشار فيه الى العديد من مواضع الخلل.ومن بين التوصيات الاساسية للتقرير ‘واهمها تعلق بالمعلومات حول الحسابات’ والتي تعتبر غير كافية، بحسب اندرو اورباخ مسؤول في المنتدى الذي ترعاه منظمة التنمية والتعاون في اوروبا لفرانس برس ‘انه جانب من الواضح ان على قبرص ان تعمل على تحسينه’.وفي التقرير، انتقد الخبراء اضطرار الادارة المالية القبرصية عندما تطلب معلومات من احد الموعدين بناء على طلب من دول ثالثة الى ان تذكر اسم الدولة مما يمكن ان يهدد التحقيق المعني.وبدا المنتدى الدولي في كانون الاول/ديسمير باجراء مراجعة جديدة للممارسات المالية في قبرص من المتوقع ان تصدر نتيجته بحلول اواخر السنة.qec