بعد صلاة جمعة «منظمة»: هل يخطط الأردن لأول انتخابات برلمانية مع بروتوكول «التباعد الاجتماعي»؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان- «القدس العربي»: لا أحد يعلم بصورة محددة الدافع الحكومي وراء الإعلان عن تفكيك منظومة الحجر والإغلاق في الأردن مساء الخميس، بالتزامن مع السماح بصلاة الجمعة، وإعلان حظر شامل ليوم أمس الجمعة في الوقت نفسه.
استمعت «القدس العربي» لعدة تعليقات من شخصيات مسؤولة وأحياناً وزارية في الأردن تحاول فهم السبب الذي دفع في اتجاه تفويت يوم الجمعة، بالتوازي مع إعلان تفكيك الحظر اعتباراً من السبت، في إجراء لم يكن مفهوماً حتى اللحظة، وإن كان يؤشر إلى أن حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز تتفاعل مع الأمور بـ»القطعة والتقسيط».
حصل ذلك وسط تفاعل في سيكلوجيا التساؤل الساخر على المنصات وبعد إعلان «مصفوفة» تفكيك الحظر واستئناف الحياة العامة بنسبة تقارب من 85% من القطاعات وتعليق العمل ببعض القطاعات إلى المستوى اللاحق، وعلى أساس أن الأردن وبائياً الآن – كما أفاد الرزاز – في منطقة «الخطر المعتدل».

«مصفوفات الرزاز»… هل تتصرف الحكومة و«كأنها تقرأ من كتاب»؟

في الوقت نفسه، أثيرت تساؤلات كبيرة بعنوان إصرار الرزاز على استعمال برنامج «مصفوفات» في إدارة المشهد بين الحين والآخر، مع العلم مسبقاً بأن منهجية المصفوفات تخص الإدارة الداخلية لمقر رئاسة الوزراء ولوائح تعليمات المشاريع والبرامج، ومن الصعب تقديمها للرأي العام باعتبارها «منتجات أو مشاريع» بحد ذاتها.
ولوحظ هنا عدة مرات بأن سلسلة مصفوفات كان قد أعلنها الرزاز في الماضي على أساس «أكاديمي» كانت قد أعلنت ثم تعطلت ولم يسأل عنها أحد، وسط انطباع الخبراء بأن الحكومة تتصرف في المشكلات و«كأنها تقرأ من كتاب» وليس على أساس التفاعل مع الواقع الاجتماعي.
لكن الحكومة حققت نجاحاً لا يمكن إنكاره في مواجهة فيروس كورونا، والمطلوب منها اليوم مواجهة المعركة الأكثر شراسة وصعوبة، وهي «عودة الحياة إلى طبيعتها»، والأهم احتواء الآثار الاقتصادية المعقدة الناتجة عن إغلاقات الفيروس، وبعد كل ذلك بالتزامن مع الاصطدام باستحقاقات مشروع الضم الإسرائيلي الجديد.
في كل حال، لا يتسع الوقت للاسترسال في الحسابات السياسية الإقليمية المعقدة، لأن المطلوب كبير ومعقد وسريع في المساحة الاقتصادية بالنسبة إلى حكومة الرزاز، حيث إنها تحت المجهر تماماً هذه الأيام وسط سلسلة سيناريوهات تبدأ من تعديل وزاري موسع وتنتهي باحتمالات الرحيل على طريقة «الموت المفاجئ»، فيما يترقب الجميع سلسلة تغييرات وتبديلات في الهرم القيادي بعدة مؤسسات فاعلة وسيادية في البلاد.
بالتزامن، من المرجح أن خيار «إجراء الانتخابات» لهذا العام في طريقه للحسم المباشر بعيداً عن الجدل والأجندات، فقد جددت هيئة الانتخابات تأكيدها على جاهزيتها الكبيرة لإجراء الانتخابات ضمن سياسات الوقاية الصحية والتباعد الاجتماعي وأقصى الحسابات الصحية، متى أمر صاحب القرار «الملك» بذلك. ويبدو أن هيئة الانتخابات لديها اليوم برامج مفصلة لإجراء انتخابات تحت إشراف «وقائي» وبأحدث التقنيات حتى مع وجود الفيروس لاحقاً أو تطوراته.
وتلك خطوة تعني الدخول في الاستحقاق الانتخابي، حيث قرار -على الأرجح- بإجراء الانتخابات في كل حال، وما تبقى تحديد توقيتها بدقة وبقاء البرلمان الحالي منعقداً، لكن «دون دورة»، وبصيغة ترسم مصير بقاء الحكومة الحالية أو رحيلها والسقف الزمني. وما يفكر به اليوم خبراء العملية الانتخابية هو الإجابة الفنية على السؤال الآتي: بعد النجاح بتنظيم أول صلاة جمعة في البلاد بناء على منهجية «التباعد الاجتماعي».. كيف تجري الانتخابات العامة بالسياق نفسه؟
وهنا رسمت لوحة من صنف مختلف في اليوم الأخير للحظر نهار أمس الجمعة، حيث سمح للناس بالصلاة في المساجد مشياً على الأقدام، وجرت عملية تعقيم شديدة لمقرات المساجد، ونظم الأمر بوجود 32 ألف رجل شرطة انتشروا وسط المصلين وفي محيط المساجد للإشراف على الالتزام بتعليمات «التباعد الاجتماعي».
شوهد رجال الأمن يصلون مع الجمهور ويقدمون المياه الباردة ويتعاملون برفق مع من حضر للمساجد، حيث الصلاة الجماعية الأولى التي تقام علناً في نظام «التباعد الاجتماعي».
وهو سياق يظهر تشكل كيمياء أساسية مهمة بين المواطنين والأجهزة الأمنية طوال أيام الظروف الصعبة في مواجهة الفيروس، مع أنها كيمياء غائبة عن المستوى الحكومي والبيروقراطي، حيث امتدت الصلوات أمس بعد غياب لثلاثة أشهر إلى الأرصفة والشوارع، لكن بهدوء والتزام شعبي اضطر مدير الأمن العام الجنرال حسين حواتمة للإشادة به علناً.
صحيح أن نسبة الالتزام عموماً بالجزء الغربي من العاصمة عمان هي الأعلى خلافاً لما يجري في المحافظات، لكن الصحيح سياسياً أيضاً أن الشارع الأردني «يتجاوب» مع السلطات بصورة أفضل إذا ما كانت خطوات الحكومة مفهومة وسليمة وخالية من الارتجال والتخبط والعشوائية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية