بعد ظاهرة البيبية وطمس “وسط-يسار”: من يقود الديمقراطية في إسرائيل سوى الأقلية العربية؟

حجم الخط
0

الحكومة الخامسة والثلاثين أقلعت، ويمكننا القول باختصار: إن الأحزاب الديمقراطية قد تفككت. وسط الليكود تحول إلى سيرك. عمير بيرتس دفن “حزب العمل”. وغانتس عقد صفقة مع قائمة المجهولين لديه: سلطة مقابل فترة نجاح قصيرة. لم يعد هنالك وسط – يسار. نجح نتنياهو في ضمه إلى ائتلاف الأصوات الذين ليس بينهم أي علاقة، باستثناء تسويات وديماغوجيا، الميزة الرئيسية للشعبوية: أصحاب مصالح متعارضة يرتبطون معاً بواسطة “خطر”. لقد دخلت شعبويتنا إلى الفضاء الفارغ لمجتمع سياسي متفكك.

رائدها والمبشر بها كان مناحم بيغن الذي خرج من قبيلته وتوجه لجماهير، حاولت حركة العمل تدجينهم من أجل الاحتفاظ باحتكارها للسلطة. هكذا وبدون علاقة ما بين المنتمين لحركة “اتسل” وبين المغاربة، ولدت روح (شعب إسرائيل). اتحدت “حيروت” (راشقو الحجارة على الكنيست) مع الليبراليين، وهو حزب برجوازي أصله من وسط أوروبا، وشكلت في 1969 كتلة “جاحل”.

في 1977 وبإدراكه لما تريده أغودات يسرائيل أكثر من أي شيء آخر (وجود عالم المدارس الدينية) فقد بنى بيغن العلاقة ما بين أنقاض دولة الرفاه وبين دولة الرفاه الحريدية الصغيرة. هذا كلف أقل من المخصصات التقاعدية لجهاز الأمن. بموازاة ذلك، جرف ديفد ليفي من حصلوا على القرروض السكنية في مشروع “ابنِ بيتك”. تحالف الأسباط الشعبوي أنزل علينا “الكثير من مستوطنات ألون موريه”، وتضخماً فظيعاً، وحرباً طويلة في لبنان.

لقد نجح اليمين في حل دولة الرفاه سنة 1985 مع حزب العمل، الذي شارك أيضاً في تدمير الهستدروت. إن طريق نتنياهو إلى الرأسمالية المتوحشة فتحت، وبمساعدة المستوطنين. من اهتم بالفقراء هي الأحزاب القطاعية، بما في ذلك أفيغدور ليبرمان، كان هذا هو دورهم، منذ سنوات التسعينيات. لحسن حظنا، من حين لآخر اهتم الحريديون بنا أيضاً (مثلاً معالجة الأسنان مجاناً حتى سن 18، مشاركة التأمين المكمل في العلاج الخاص. أجل، ليتسمان)، بيد أن نتنياهو فعل كل ما لم يتجرأ بيغن على فعله: أن يدمر بقايا إسرائيل “القديمة”، والثقافة، ووسائل الإعلام، والأمن، والقضاء.

لقد كان لليسار الصهيوني شعبويته الخاصة. تبجح بـ “الحربجية” حتى حرب لبنان، وفي نهاية سنوات التسعينيات بدأ إيهود باراك بحملته الشعبوية “شعب واحد، تجنيد واحد”، التي استهدفت الفصل ما بين الشرقيين والحريديين وربط “رجال الاحتياط من كل طبقات الشعب”. ولكن عندما خطب عن “فجر يوم جديد” هتف الشعبويون من اليسار “تماماً بدون شاس”. من ينوحون الآن ويولولون إزاء المسار الذي قامت به “شاس” والحريديون، يذكّرون بالصراعات ضد مخصصات الأطفال، وبالتجنيد والاستهزاء بالحاخام عوفاديا سنة 2000. وبقينا مع “وسط – يسار”. هوية إثنية (أشكنازية) مع تعالي “قيمي”.

لماذا يكرر الوسط فشله؟ نظراً لأنه لا توجد لأعضائه مصلحة حقيقية في الفوز. يفضلون أن يكونوا تحت نتنياهو، وليس هنالك فروق كبيرة بينهم وبين اليمين، بالنسبة للاحتلال، أو بالنسبة لمحاربة إيران. غانتس كان عازف القيثارة الأخير الذي أغرق الأطفال في النهر. لقد سبقه عديدون بمن فيهم يئير لبيد. كلهم انضموا في وقت من الأوقات لبيبي. هذه المرة توجه الغرقى للمحكمة العليا التي ردت عليهم: لا تعرفون السباحة وتأتون إلينا؟

لقد كتب علينا أن نرى طبقة وسطى تبحث عن عازفي قيثارة ذوي وجوه تلفزيونية وجنرالات، من أجل أن تعيد لنفسها “دولتنا”، إلى أن يأتي الغرق الأخير. أو الاستيقاظ: الأقلية العربية هي الوحيدة التي تعتبر الديمقراطية الإسرائيلية هي مصلحتها الحقيقية. ليس لديها احتمالية للعيش برفاه إذا لم يتم احتساب أصواتها. الديمقراطية وحدها تحسب حساباً للإنسان، ولكن هذا لم يحبه غانتس الذي تمت تصفيته.. فالشعبوية أسهل. أما استمرار النضال من أجل الديمقراطية فسيقوده العرب وحلفاؤهم.

بقلماسحق ليئور

 هآرتس 13/5/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية