بعد عامين و8 جولات بلا نتائج ملموسة تأجيل الجولة التاسعة من اجتماعات الدستورية السورية

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون تأجيل الجولة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، إلى أجل غير مسمى، بعد نحو عامين من بدء مسار مشاغلة الشعب السوري وتمرير مصالح الدول الإقليمية والدولية، وذلك رغم الإعلان نهاية الشهر الفائت، عن بدء التحضيرات لهذه الجولة. كما أخطر بيدرسون الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد هيئة التفاوض السورية، هادي البحرة، بتأجيل انعقاد الدورة التاسعة، وذلك تلبية لمطالب النظام السوري، ممثلا بالرئيس المشترك للجنة أحمد الكزبري.

مسار معطل ومحاولات روسية لإخراجه من مظلة الأمم المتحدة

ففي بيان أصدره مكتب المبعوث الأممي جاء فيه «يأسف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا أن عقد الدورة التاسعة للهيئة الصغيرة للجنة الدستورية التي يقودها ويملكها السوريون، بتسهيل من جانب الأمم المتحدة، المقررة في جنيف للفترة من 25 إلى 29 يوليو/ تموز 2022 لم يعد ممكنا».

إمعان في التهرب

وكشف البيان، عن إرسال بيدرسون «خطابات إلى أعضاء الهيئة المصغرة لإبلاغهم» بالتأجيل، مؤكدا «أهمية حماية جميع الأطراف المعنية في هذا الصراع للعملية السياسية من خلافاتهم في أماكن أخرى من العالم، وتشجعهم على الانخراط في دبلوماسية بناءة حول سوريا، ومواصلة التشاور مع الجميع». وكان بيدرسون أبلغ مجلس الأمن الدولي في 30 يونيو/حزيران الماضي عن بدء التحضيرات لعقد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف في 25 يوليو/تموز 2022.
وقال الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد هيئة التفاوض السورية، في بيان رسمي، إنه تسلم رسالة رسمية من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، تفيد بتأجيل انعقاد الدورة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية بسبب «إخطاره من قبل الرئيس المشترك الذي رشحته حكومة الجمهورية العربية السورية أن وفده سيكون مستعدا للمشاركة في الدورة التاسعة فقط عندما تتم تلبية ما وصفه بالطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي».
ووفقا للموقع الرسمي لهيئة التفاوض السورية فإن هذا التأجيل والتعطيل ووضع شروط مسبقة لا علاقة للسوريين بها، يثبت مجددا انفصالهم الكامل عن واقع المأساة التي يعيشها السوريون، وإمعانهم في التهرب من مستحقات تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015)، كما يثبت وضعهم المصالح الأجنبية كأولوية على مصالحنا الوطنية السورية، فهذه اللجنة شُكِلت باتفاق على اختصاصاتها والعناصر الأساسية للائحة الداخلية الخاصة بها التي نصت بشكل واضح على أن تكون بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة، كما نصت بشكل واضح على عمل اللجنة خدمة لمصالح الشعب السوري وحده، بشكل سريع ومتواصل، لتحقيق نتائج وتقدم مستمر بدون تدخل خارجي، بالتالي لا يمكن القبول بتعطيل أعمالها لأي سبب كان ولاسيما خدمة لتحقيق مطالب طرف أجنبي.
وذكر البيان «إننا نعمل في اللجنة حصريا لتحقيق مصالح ومطالب شعبنا السوري المشروعة والمحقة، دافِعُنا الأساسي هو إيقاف المأساة والمعاناة التي يعيشها كل السوريين، وتمكينهم من بناء مستقبلهم الذي استحقوه بتضحياتهم، وإعادة بناء وطننا الحر، السيد، المستقل، في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي وسيادة القانون الذي يكفل حريات المواطنين وحقوقهم ويحقق المساواة في الواجبات فيما بينهم».
وجاء قرار تشكيل اللجنة الدستورية ضمن مخرجات مؤتمر الحوار السوري، الذي انعقد في مدينة سوتشي الروسية في نهاية يناير/كانون الثاني/ 2018، برعاية تركيا وروسيا وإيران.
وللبحث في أسباب هذا القرار، وتداعياته، رأى الباحث لدى مركز مشارق ومغارب، عباس شريفة، أن توقف أعمال اللجنة الدستورية يأتي ضمن أوراق الضغط التي تتخذها روسيا تجاه الغرب والولايات المتحدة والتهديد بنقل مباحثات اللجنة الدستورية من جنيف إلى عواصم تم اقتراحها من المبعوث الروسي لافرنتيف. وكان المسؤول الروسي اقترح في 16 يونيو /حزيران/ 2022 نقل مباحثات جنيف، إلى كل من مسقط وأبو ظبي والجزائر.
ويعكس موقف روسيا إزاء نقل اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف الاستياء من ردود الأفعال الأوروبية المتلاحقة ضد موسكو في أعقاب غزو أوكرانيا، وفق ما قال المتحدث لـ «القدس العربي» الذي اعتبر أن من ضمنها «تقييد حركة الدبلوماسيين الروس وطردهم من دول متعددة، لكن هذا لا ينفي وجود دوافع أخرى تتمثل بمحاولة روسيا دفع الولايات المتحدة للموافقة على منح حوافز أخرى للنظام السوري في ملفين أساسيين وهي الانتقال من سياسة التعافي المبكر المحدودة بمشاريع إصلاح البنية التحتية بخمسة ملايين دولار، إلى صندوق الائتمان المفتوح لحد عشرين مليون دولار للمشروع والمطالبة بإصلاح سد تشرين لحل أزمة الكهرباء عند النظام ودفع الولايات المتحدة للإفراج عن رؤوس أموال النظام المحجوزة في دول الخليج».
وكثيرا ما يسأل السوريون: من المسؤول عن تعطيل المسار الدستوري؟ وماهي الحلول البديلة؟ ثم وقفة وسؤال: ماذا إذا تعطل هذا المسار أو ألغي أساسا؟ وهل سوريا في حاجة فعلا للجنة الدستورية؟ وعلى ضوء ما تقدم أبدى الباحث عباس شريفة، اعتقاده أن المسألة لن يختلف حالها عندما كانت تعقد جلسات اللجنة الدستورية، عن الوضع بعدما تعطلت فهي «في كلا الحالتين بحكم العاطلة، وهي جلسات فارغة المحتوى»، أما «أزمة المعارضة تكمن في المشاركة في اللجنة الدستورية وليس في تعطلها» وعليه فإن وفد المعارضة السورية ليس مطالب بحلول لأزمات يفتعلها النظام، وفق رأيه. وأضاف «لا أعتقد أن الأزمة السورية هي أزمة دستور لكن يبدو أن المسار أصبح مسار مشاغلة ومناسبة لتمرير مصالح الدول الفاعلة». وعن الحلول والبدائل، أبدى شريفة اعتقاده أن البديل هو ذهاب الحالة في سوريا إلى المزيد من التوتر العسكري أو التجميد والبناء حسب ما جاء في خطة الباحث الأمريكي تشارلزستر من إيقاف الأعمال الحربية والشروع بإعادة الإعمار في كل منطقة على حدا من قبل حلفائها.
المسؤول عن تعطيل المسار السياسي برمته هو «روسيا بشكل أساسي والولايات المتحدة التي تتماهى مع الغطرسة الروسية وتستجيب لضغوطاتها كما في مسألة تمديد دخول المساعدات الأممية لستة شهور فقط، نزولا عند الرأي الروسي» وفق رأي المتحدث.

أهداف روسيا

المعارض السوري أيمن عبد النور اعتبر أن تأجيل موعد اجتماع اللجنة الدستورية يأتي في إطار المحاولات الرمية لإخراجها من مظلة الأمم المتحدة.
واعتبر مدير موقع «كلنا شركاء»، أيمن عبد النور، أن «روسيا تعمل على سحب اجتماعات اللجنة الدستورية من مظلة الأمم المتحدة في جنيف، وتتخذ طريقة تعامل السلطات السويسرية مع المبعوث الروسي لسوريا الكسندر لافرنتييف كشخص عادي وليس كدبلوماسي رفيع، كحجة لها». واقترحت أماكن أخرى بدلا من جنيف مثل إسطنبول، استانة، دبي، وهي أماكن لا تضم مراكز أو مكاتب إقليمية للأمم المتحدة، وأرسلت هذه الاقتراحات للدول المعنية.
و«ردت تركيا على المطالب الروسية باقتراح مدن مختلفة تتوفر فيها مظلة الأمم المتحدة من مثل نيروبي، فيينا، لاهاي، وذلك رغبة في إبقاء الاجتماعات تحت مظلة الأمم المتحدة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية