بعد “كورونا دبي”.. متى تصغي إسرائيل إلى “المهنية الطبية” بعيداً عن السياسيين ومعركة الانتخابات؟

حجم الخط
1

أنا مع تمديد الإغلاق الذي لم يتخذ القرار بمصيره حتى كتابة هذه السطور. المعطيات التي لدى وزارة الصحة تفيد بأن الإغلاق في الأسابيع الأخيرة احترم جزئياً فقط، وعدد المرضى الحرجين يواصل الارتفاع. نحو 6.500 مصاب شخصوا الجمعة الماضي، وبقي معدل الفحوصات الإيجابية 9 في المئة. في إسرائيل اليوم نحو 70 ألف مريض كورونا نشط، معظمهم في بلدات متدينة وعربية. وهذه الحقيقة لم تمنع الجدال في تمديد الإغلاق أن يتحول من خلاف مهني إلى خلاف سياسي.

حين نظرنا قبل أقل من سنة إلى الصور الصادمة من إيطاليا عن قوافل سيارات الإسعاف التي تقف على مداخل المستشفيات صلينا ألا يحصل هذا عندنا، ولكننا أخطأنا. ما حصل في إيطاليا وفي دول أخرى يحصل عندنا أيضاً. المستشفيات لا تصمد أمام الضغط، والمرضى يضطرون للانتظار داخل سيارات الإسعاف أربع ساعات إلى أن يتم استيعابهم في أقسام كورونا. وعندما تتحدث عناوين الصحف بأننا أمام واقع متعذر، وتحذر المستشفيات من الخطر على حياة مرضى كورونا، فهذا دليل على أننا وصلنا إلى الخط الأحمر.

قرأت مقابلة مع البروفيسور درور ميفوراخ، مدير دائرة كورونا في المركز الطبي هداسا عين كارم في القدس، ولم أنس جملة واحدة، ومما قال: “قوتنا محدودة، ولا يمكننا أن نوفر لكل واحد سرير عناية مكثفة مثلما طمحنا. نقرر من يستحق أكثر”. عندما يكون هذا هو الوضع، فنحن ملزمون بإغلاق كامل ومتشدد.

في الأيام الأخيرة توفيت مريضة كبيرة في السن من دار عجزة في القدس، كانت تعاني من قصر تنفس، في سيارة الإسعاف؛ لأن “المستشفيات لم توافق على استقبالها”، حسب ما نشر. كافح الطاقم الطبي في سيارة الإسعاف في سبيل حياتها وأجرى لها محاولات إنعاش، ولكن تدهور وضعها وفقدت روحها في سيارة الإسعاف.

موقف وزارة الصحة الذي يقول إنه يجب تمديد الإغلاق بأسبوع، بدون استثناءات، هو الموقف الصحيح الذي يجب تبنيه. أما الأقوال التي يطلقها رئيس الوزراء البديل ووزير الدفاع بيني غانتس – الذي يطلب ربط تمديد الإغلاق بالتعهد باستراتيجية الخروج منه أو السماح بفتح طفيف للإغلاق – هو في نظري ليس أكثر من أقوال سياسية تستهدف مساعدته في معركة الانتخابات. كما أن تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو بفتح قاعات الثقافة في غضون أسبوعين، هي في نظري قول يستهدف إرضاء جمهور الناخبين، بعد تصريحات مشابهة أطلقها رون خولدائي. ما نحتاجه هو أن نقبل رأي الجهات المهنية في وزارة الصحة، بدون اعتبارات سياسية وبدون اعتبارات انتخابات.

حتى الأسابيع الأخيرة، سار الكفاح ضد كورونا بشكل هاوٍ. وأصبحت إسرائيل مستوردة الوباء من خلال المسافرين الذين وصلوا من دبي ومن دول مصابة بكورونا. وبينما اضطر المسافرون في دول أوروبية للدخول في الحجر دون شكوى، نرى في إسرائيل احتجاج العائدين من الخارج بعلو، بل وحاول بعضهم الفرار من الفنادق التي طلب منهم البقاء فيها. وزارة الصحة على وعي بأنها فشلت في محاولة فرض الحجر بالوسائل القائمة، وتدرس اقتراحاً جديداً في أن من يعود من الخارج ينقل إلى الفندق وبعد أن يحصل على نتائج فحص كورونا السلبي، يرسل إلى بيته مع سوار إلكتروني يراقبه. هذا اقتراح ممتاز سيسمح لوزارة الصحة بأن تتابع الوضع الصحي للوافدين من الخارج بنجاعة، ولكن ثمة شك بإمكانية تنفيذه، لأن هناك من سيرفع التماسات إلى العليا ضد الاقتراح بدعوى أنه يخرق حقوق الفرد. كما أن الاقتراح بزيادة الغرامات لمن يخرق القانون لا ينسجم مع مغازلة الأحزاب الدينية؛ مما يترك انطباعاً بأن ما يهم السياسيين هو الكرسي أكثر مما تهمه صحتنا.

بقلمموشيه نستلباوم

 معاريف 1/2/2021

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ABUELABED:

    طالما من يمثل الشعب الفلسطينى ضعيف ولا حول له ولا قوة لن تغيير اسرائيل من سياستها . الضعيف لا صوت له.

إشترك في قائمتنا البريدية