هشام السيد هو ببساطة مأساة إسرائيلية كاملة. مستحيل أن يكون هناك شخص أكثر ضعفاً منه في المجتمع الإسرائيلي. أولاً، انفصام الشخصية، وهو مرض نفسي معرفي، بحجم يحدد حياة الشخص. كان السيد يجد صعوبة في التصرف بشكل كامل حتى لو كان أشكنازياً من “رمات هشارون”، أما هو فـ”لا”. هو بدوي من النقب. وبدو النقب يعتبرون أعداء ومخربين هنا، وجمهور قادة الرأي في اليمين يدعون إلى شن حرب استقلال جديدة ضدهم، ليس أقل من ذلك، من أجل السيطرة على النقب. يُعرضون بأنهم مجرمون عنيفون ومتمردون ضد سيادة اليهود. كثيرون في المجتمع الإسرائيلي يعتقدون أن بدو النقب لا يجب أن يكونوا مواطنين إسرائيليين. بالنسبة لهم، السيد متماه مع الإخوان المسلمين ومع حماس.
لكن عندما اجتاز السيد الجدار إلى غزة قبل سبع سنوات، لم يتم استقباله بأذرع مفتوحة كأخ في السلاح. وينظر إليه الإسرائيليون على أنه حمساوي. ولكن حماس لا تراه إلا مواطناً إسرائيلياً. في الفيلم الذي نشر، ظهر السيد نائماً على السرير ومربوطاً بأسطوانة أوكسجين ويتابع بعينيه شخصاً آخر في الغرفة. وضعت على وسادته بطاقة هويته الزرقاء مفتوحة، رمز سيادة إسرائيل في النقب، الذي يفرح الكثير من اليهود بسحبه من السيد، وهي ترمز إلى أهميته بالنسبة لحماس. هكذا تبين أن السيد مرفوض من المجتمع بشكل عام، لكونه مصاباً بالانفصام، ومرفوض في دولة اليهود ومرفوض لدى حماس.
في مقابلة تلفزيونية، توجه والده شعبان إلى سجانيه باللغة العربية وطلب منهم إطلاق سراح ابنه. وكأن المجتمع الإسرائيلي في هذا الموقف أوضح له: هذا بينك وبينهم، دورنا ليس معكم. في محادثة باللغة العبرية، تجنب إظهار أي تعبير عن غضبه من الدولة، ولم يطرح أي طلبات، ولم يشتك، ولم يقدم مواعظ، ولم يضرب على الطاولة. جميع مشاعر الأحقية أخذها آباء الجنود الأموات الذين ما زالت جثامينهم محتجزة في غزة، ولم يبق لشعبان شيء. العنصرية التي تمارس ضده من قبل المؤسسات التي تعالج قضيته وعائلته، حاول أن يفسرها، بحسن نية، بأنها بيروقراطية.
يبدو أن حماس بحق وبصراحة لا تفهم المجتمع الإسرائيلي. معظم اليهود لم يشعروا بشيء عند رؤية السيد. فهو عندهم، لا حق له في أن يكون إسرائيلياً، والدولة لا تدين له بشيء. هم لن يوافقوا على إعطاء أي شيء من البرودة في يوم دافئ مقابله. حتى إن بعضهم شعروا بالاشمئزاز وتمنوا له الموت. إذا كان منصور عباس، الذي يعترف بالدولة اليهودية والذي يؤيد بيبي، يسمونه “مؤيداً للإرهاب” فأي وصف حسب رأيكم، سيعطونه لعائلة السيد؟ توجه إسرائيل الآن هو تفوق اليهود، وليس توجه الشفقة تجاه شخص متعب نفسياً وبدوي من النقب. لذلك، يجب على حماس أن تفهم بأنها تمسك المجتمع الإسرائيلي في وقت غير جيد، بالضبط مثلما يخطط البيبيون لإرسال باقي البدو إلى غزة.
أثناء الانتظار، سيتم إرسال بضع مئات الآلاف من الآخرين إليكم قريباً. لا يوجد لإسرائيل دموع لتذرفها على هشام.
بقلم: روغل الفر
هآرتس 29/6/2022