بعد مقال “نيويورك تايمز” اللاذع.. لإسرائيل: أنصتي لآخر رؤساء أمريكا الصهاينة

حجم الخط
0

 مقال توماس فريدمان الذي نشر في “نيويورك تايمز” أمس، هو من أكثر المقالات قسوة وإثارة للقلق التي صدرت مؤخراً. هو قاس ومثير للقلق بسبب الكاتب: يهودي صهيوني، محب لإسرائيل وصاحب عمود رأي عظيم النفوذ. هو قاس ومثير للقلق بسبب المنصة: الصحيفة الأهم في العالم، التي توضع كل صباح على طاولة أصحاب القرار في واشنطن وباقي أطراف المعمورة. وهو أساساً قاس ومثير للقلق بسبب الرسالة: النص كله ضوء تحذير لا يمكن الخطأ فيه حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إذا لم تصحُ إسرائيل وتعود إلى نفسها.

عنوان المقال وإن كان يقول إن الإدارة في واشنطن تراجع العلاقات مع إسرائيل، لكن لا يمكن أن نفهم من النص نفسه بأن الحديث يدور بالفعل عن خطوة عملية تجري منذ الآن. هذا أمر مهم: ثمة فجوة كبيرة بين بطاقة صفراء وبطاقة حمراء. ومع مراعاة علاقات فريدمان بالإدارة الديمقراطية بعامة والرئيس جو بايدن بخاصة، يمكن الافتراض بأنه عبر القلب. حتى لو لم تزل الأمور جارية عملياً، فمجرد حديث واشنطن عنها علناً أمر خطر قاس لإسرائيل في كل جانب محتمل، سواء كان أمنياً أو سياسياً أو اقتصادياً.

فتح مؤامرة صمت

من لا يفهم أهمية الولايات المتحدة مع وجود إسرائيل لا يفهم شيئاً. لسوء الحظ، هذا هو وضع الاعتقاد لدى غير قليل من وزراء الحكومة والنواب، وإلا فمن الصعب أن نشرح الضرر الذي يلحقونه في جملة تصريحات تقوض القاعدة اليومية في العلاقات الأهم التي لدى إسرائيل. في الأيام العادية، كان رئيس الوزراء نتنياهو سيوقفهم أو يمنعهم من الحديث، لكنها ليست أياماً عادية، ونتنياهو أسير في حكومة متطرفة تجره وتجر الدولة كلها نحو شفا الهوة.

قد تحافظ إسرائيل على وجودها بدون الولايات المتحدة، لكنه سيكون وجوداً آخر تماماً. وهذه ليست فقط الـ 165 مليار دولار بالتراكم التي حصلت عليها إسرائيل كمساعدة أمنية استمراراً لاتفاق السلام مع مصر، بل جملة المنصات الأمنية الجوية وغيرها التي تضع الجيش الإسرائيلي خطوة وأحياناً أكثر، قبل كل دولة أخرى في المنطقة، وتعظم الدرع وتبعد الحرب. كما أن هذا هو الفيتو الدائم في مجلس الأمن في الأمم المتحدة الذي يمنع المقاطعات والعقوبات والإجراءات القضائية في الساحة الدولية. وفوق هذا وذاك، فهذا هو فهم كل دولة، صديقة ومعادية، بأن 330 مليون زائر أمريكي يقفون خلف الـ 10 مليون إسرائيلي، يساعدونهم في كل أزمة وضائقة.

ولو هذا لغرقت إسرائيل في حروب زائدة أخرى، ولا تحظى باتفاقات سلام وتطبيع منشودة (بما في ذلك الخليج). وبدون هذا، ما كانت لتتمتع بأرباح اقتصادية ضخمة أطلقت اقتصادها إلى الأمام. واستمراراً لذلك، الاستثمارات المستقبلية بالتكنولوجيا وغيرها هي من المشاريع التي تستهدف التعبير عن العلاقة الخاصة التي بين الدولتين، التي لا تعتمد فقط على ضرورتهما المتبادلة في منطقة غنية بالمخاطر والتهديدات، بل أساساً على مصالحهما المشتركة.

الإصلاح ليس متأخراً

يمكن الادعاء حتى الغد بأن التشريع في الكنيست لا يلغي الديمقراطية في إسرائيل. هذا لا يهم: حكومة إسرائيل، بأفعالها وبخططها، تبث شيئاً آخر. يكفي الإنصات لأولئك الذين يدعون إلى حرق القرى، وإقالة القضاة، واعتقال المتظاهرين بالجملة. وهذه في نظر الأمريكيين ليست ديمقراطية، أما في اللعبة غير المتساوية التي تجري بين واشنطن والقدس فالأمريكيون هم الذين يقررون القوانين.

من هنا لاحقاً، قد تدفع إسرائيل الثمن. لا يبدأ هذا بالأمن؛ فأوجه التعاون والصفقات ستستمر، لكن الحميمية والثقة سيتقلصان تدريجياً. وسيكون الاقتصاد هو أسرع من سيدفع الثمن: استثمارات ستختفي، ومراكز تطوير ستغلق، وشركات أمريكية ستبحث (بتشجيع الإدارة) عن أسواق جديدة وأقل خطورة.

ربما ننهي النقاش بتمنيات النجاح للأمريكيين. على أي حال، سيكون في حكومة إسرائيل من سيفعل هذا. يجب أن نتوقع تصرفاً آخر من أولئك الوزراء الذين لا يزالون قادرين على وضع المصلحة الوطنية لإسرائيل قبل مصلحتهم السياسية. ويدركون بأنه من المجدي الإنصات للأصوات التي تأتي من الصديقة الأفضل والأكثر إخلاصاً لإسرائيل حيال المخاطر الأمنية الفورية والتهديد بانهيار اقتصادي وإمكانية الانهيار السياسي. بايدن، الرئيس الأمريكي الصهيوني الأخير، قال هذا بصوته وروحه تحوم بين كلمات فريدمان. ليس متأخراً بعد الإنصات والإصلاح، قبل أن يكون الضرر اللاحق هداماً ولا رجعة عنه.

 يوآف ليمور

  إسرائيل اليوم 13/7/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية