ما من شيء أكثر رهبة من الموت، ولا أشد إيلاما من مشهد الجنائز وشواهد القبور، هنالك يُهزم الإنسان ويشعر بحقيقته الفانية، ويدرك حجم الدنيا التي تراق من أجلها الدماء.
لكن الموت ليس كله شأناً واحداً، فعندما يلقى الحبيب حتفه على فراشه، لا يتساوى مع الذي انتهى عمره في الغربة، والذي يموت بعد طول مرض يوطّئ في حس أحبابه لموته، غير الذي يأخذه موت الفجاءة، والذي يموت بغير نقطة دم، غير الذي يُذبح من الوريد إلى الوريد.
أخالُ أن كل بيتٍ داهمه نبأ ذبح الطالبة المصرية نيرة أشرف، أمام أبواب الجامعة على يد عاشقها، أصاب سكانه الفزع والحزن، جراء هذه الجريمة البشعة التي هزت الأفئدة، وفاقم من هذه الأحزان تكرار سيناريو يكاد يكون مشابها في بعض أجزائه، إذ لقت الفتاة الأردنية إيمان أرشيد الطالبة في جامعة العلوم التطبيقية بالأردن، مصرعها رميا بالرصاص على يد مجهول، حتى كتابة هذه السطور لم يُلق القبض عليه، ولم تُدلِ الجهات الأمنية بأية تفاصيل عن هويته. ولست بصدد الاستغراق في تصوير بشاعة الحدث وإثارة الأشجان، إنما أود أن أنتقل من نطاق كونها وقائع أعيان، إلى حيز التأثير وتعلق مثل هذه الحوادث بالشأن العام والنطاق المجتمعي البيئي، والمسؤولية الاجتماعية عن مثل هذه الحوادث. سأتجاوز ردود الأفعال التي أطلّت برأسها في مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يعبر عن نبض ووعي الشارع العربي والإسلامي، والمعالجات السطحية والعقيمة لهذه المأساة، فهذه عادتنا دائما في قضايا الرأي العام، لكن أكثر ما جذب انتباهي، هو الذهاب بهذه القضية إلى مدى بعيد، حيث تم التعامل من قبل الكثيرين، خاصة النساء، مع مقتل الفتاة المصرية ثم الأردنية، على أنه أحد مظاهر الاستبداد ضد المرأة، وأحد التوجهات السلوكية لفكرة المجتمع الذكوري، وتم دمجه في الخطاب النسوي، وحتى المطالبة بالقصاص من القتلة، جاءت في ثوب ضرورة الانتصار للمرأة المستهدفة. وحقيقة الأمر، هذا التوجه لا يخلو من محاولة استغلال فئوية لآلام الناس ووقائعهم، كما لا يخلو من توجهات نفسية سلبية، تدفع صاحبها إلى اتخاذ أي موقف عدائي مع الفراغ، فقط يريد هتافاً، يريد صراخاً، يريد تحدياً، يريد التحمّس لشيء ما.
إن الواقع المرير الذي تحياه مجتمعاتنا يلفظ هذا التوجه، فالحوادث الدموية وجرائم القتل البشعة تطال الناس بمختلف أنواعهم وأعمارهم، ومنذ أشهر، كانت هناك جريمة في مصر هزت الرأي العام، عندما أقدم شاب يتعاطى المخدرات، على ذبح رجل في ذروة النهار أمام المارة، وفصل رأسه عن جسده وسار بها وسط الناس. كم سمعنا عن حوادث قتل كان الجاني فيها امرأة، ذبحت زوجها، أو قطعت أوصاله، أو وضعت له السم، فجرائم القتل التي تملأ الآفاق ليس الضحية فيها دائما امرأة، فلم هذا الصياح؟ القضية قضية دماء صارت هينة، صار التفكير في إزهاق الروح أحد البدائل المطروحة في مواجهة أي مشكلة، انعدمت بشكل كبير قدسية الدماء، هناك جرأة غير معهودة في مسألة القتل، وغدا القتل لأتفه وأحطّ الأسباب، ويدخل ضمن ذلك حوادث الانتحار، التي صارت خبرا يوميا عاديا نقرأ عنه ونطالعه في الصحافة الإلكترونية، أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
الشباب يضيعون، والحكومات العربية أهملتهم وأسهمت في ضياعهم، وإذا استمرت الأوضاع، فربما نشهد مزيدا من الهزات الاجتماعية
لقد ارتفعت معدلات حوادث القتل بصورة مخيفة، خاصة بين الشباب، فمن المسؤول عن ذلك الانحدار الخلقي والسلوكي لدى الشباب؟ كيف وصل ذلك الشاب الذي قتل الطالبة المصرية وذبحها كالدجاجة على مرأى الناس، الذين لم يحركوا ساكنا، وتلك طامة كبرى أيضا ليس هذا مجال مناقشتها، ما الذي صوّر له أن يجهز على فتاة لأنها تركته كحل أوحد، ما الذي هوّن الأمر عليه لهذه الدرجة.
فتشوا عن الدراما التي هونت مناظر الدم والذبح، وأعمال البلطجة وإشهار الأسلحة في أي مشكلة، من دون وجود رقابة حازمة تتصدى للعفن الفني الذي يأتي على ثقافة وقيم وتقاليد وأعراف المجتمع، ويحول أبناءه إلى همج لا يتكلمون إلا بلغة السلاح، حتى لو كانوا متعلمين وجامعيين. فتشوا عن إهمال الحكومات للشباب، وتهميش دورهم إلا في ما يتطلبه الظهور الإعلامي الذي يخدم السلطة، صعوبات في التعليم والعمل، وهوة سحيقة بين التعليم الجامعي وسوق العمل، حتى انسدت الآفاق أمام الشباب، عدم توفير فرص عمل مناسبة للشباب، فأصبحوا أسارى البطالة والفراغ.
فتشوا عن المخدرات التي تغرق بلاد أمتنا، وعدم الأخذ على يد الذين يدخلونها إلى البلاد للمتاجرة بحياة الشباب، وتحويلهم إلى مجموعات من المغيبين، لا يفكرون في العواقب، وليس لديهم عقل سليم واعٍ يدرك المخاطر، وكل ذلك بفعل المخدرات التي يتعاظم انتشارها بشكل مخيف، ولم تلق اهتماما أمنيا بما يوازي معشار التركيز على مكافحة التطرف والإرهاب، مع أنها لا تقل خطرا عنه، فماذا ينتظر من شباب غابت عقولهم، ليس أسهل عليهم من القتل وسفك الدماء، فتأثير المخدرات على الجهاز العصبي واتجاهات التفكير معروف. من المسؤول عن ثقافة هؤلاء الشباب الضحلة، من المسؤول عن الخواء الروحي والعقلي الذي أصبح سمة طبيعية في شباب الجيل إلا من رحم الله؟ ذلك الخواء الذي يجعل الشباب يتمحور حول مفردة حياتية، فإذا أحب لم يكن في حياته سوى الحب، وإذا عادى لم يكن في حياته سوى العداء والكره، وإذا مارس لونا من ألوان الترفيه وهبه حياته ووقته، وأهمل وعطّل كل شيء ذا أهمية.
الشباب يضيعون، والحكومات العربية أهملتهم وأسهمت في ضياعهم، وإذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فربما نشهد مزيدا من الهزات الاجتماعية التي تعصف بالمجتمعات، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
سيطرة الطغاة على البلدان , تتطلب السيطرة على الإنسان !
وليس ببناء الإنسان !! ولا حول ولا قوة الا بالله
المسؤول هو : التكنولوجيا الحديثة عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي التي تنخر نخرا في أوصال الاخلاق الحميدة و تدمرها عن بكرة ابيها ( مرض سرطان الاخلاق و الضمير) ، و أولها تطبيق التيك توك و الذي أعتبره اقوي اسلحة الدمار الشامل (Tsar Bombs) المضادة للأخلاق ، و يتبعه اليوتيوب ، و الأفلام و المسلسلات الهابطة ، و غيرها ، ما يحدث الان ما هو إلا نقطة في بحر ، و القادم شديد السوء وأسوأ
تحية للسيدة احسان وللجميع
اسباب القتل النساء في مجتمعاتنا كثيرة وقد يكون اولها ثقافتنا العامة ونظرتنا للمراة فلا بد من الاعتراف ان الثقافة الدينية والقبلية اسست لمثل هكذا حوادث بالاضافة للقوانين التي تحمي الرجل عن قتل اخته او زوجته او بنت عمه باسم الشرف وكذلك حماية الرجل قانونيا عند الاغتصاب بالقبول بتزويجه الضحية كما في بعض بلداننا ولو تحدثنا عن العراق كبلد وفي اغلب مناطقه لا يمكن ان تختار المراة شريك حياتها فهناك عرف قبلي يسمى بالنهي ومعناه ان ابن العم عندما ينهي على بنت عمه فلا يستطيع اي شخص اخر الزواج منها الا بموافقته ان هو لا يريد الزواج بها وهناك ما يسمى الفصلية وهي المراة التي تعطى لعشيرة اخرى كجزاء عن قتل اخيها لاحد ابناءهم فالاحرى بالحكومات ان تسن قوانين رادعة لمثل هذه الامور ومن ثم يتم النظر بالاسباب الاخرى كالدراما التي ممكن ان تعطي نتائج عكسية
القانون المحمي وفوق الجميع ومطبق على الجميع، والقضاء العادل النزيه والبوليس المتزن الشديد الحازم (دون تعسف وتشنج وتخبط وعشوائية وتطاول) متقصيٍ للحقيقة والحق، اليقظ المسؤول…الخ عوامل أساسية. الشعوب تحتاج عامة للتربية والتعليم ومناهج وإذاعات جدية، وتربية خاصة في تقدير ووزن وقياس وإحصاء وحفظ حقوق الجميع: الحرمات الدماء (الروح والجسد) الأموال والممتلكات! فإذا تربى الشعب على ذلك وانعدمت المخدرات والمهيجات والمعدِّلات الفيزيولوحية الجسدية والروحية والمسوغات ففي ذلك خير. يبقى أن نتخلص من(تعاضد القرابة ووقوفهم وراء المعتدي والتبرؤ من سلوكيات تمس القانون). ليشعر كل أنه وحده وأصابع الاتهام واللوم تصيبه من القريب والبعيد (أنا ما ورائي أحد عند الاعتداء!). وعندما يعامل كما يحب أن يتعامل معه ويصبر على أذى ما استطاع وإن لم يستطع فلا يجب أن يُغرِّم الغير ويكلفهم حياتهم وأموالهم بسبب كلمة أو مصف مركبة أو زامور أو لعبة دمية أو شعور عابر أو علامة في مدرسة أو طرد من وظيفة. وفي نفس الوقت يحب أن يكون هناك رقابة ومسؤولية وتفتيش وردع على مستويات. أي يجب تحسس واستشعار الوجدان العام والتوتر والتهور السلوكي ونزعات التعدي والاعتداء والانفلات ومعالجتها قبل حصول كوارث.
نعم مشكورة صاحبة المقال لانها وضعت يدها على احد اهم اسباب ظاهرة العنف ڤي المجتمعات العربية ،و هو اهمال مسؤولي تلك الدول لهذا الشباب و عدم العناية به و الاستجابة لمتطلباته في الدراسة و الشغل و السكن..الخ ،و عندما لا يلتفت لهذا الشباب ،فانه يصبح خطرا داهما على الفرد و المجتمع،نسال الله العفو و العافية.
المسئول عن قتل نيرة بعد القاتل طبعا مؤسسات مختلفة في مصر اظهرت ان القتل شئ عادي منها السيسي و معه الجيش و الشرطة الذين قتلوا الاف المصريين لانهم اعترضوا على اغتصاب السيسي للحكم والقضاء الذي حكم بإعدام اكثر من 500 معارض لاغتصاب السيسي للحكم في جلسة واحدة و الاعلام و سمعنا محمد الباز و احمد موسى يحرضون على القتل المعارضين علنا ثم جعل البلطجي القاتل بطلا في الافلام و قدوة للشباب فبعد أن يكون اذية الغير ترفضه النفس نشاهد تكرارا و مرارا القتل يحدث امامنا حتى نعتاده و يسهل علينا فعله