الناصرة- “القدس العربي”: تؤكد جمعية حقوقية إسرائيلية عن بعض أوجه التمييز العنصري في إسرائيل ضد المواطنين العرب خاصة بكل ما يتعلق بنسبة مشاركتهم في وظائف مرموقة داخل صناعة القرارات فيها.
وقدمت “سيكوي”- الجمعية العربية اليهودية لدعم المساواة والشراكة في البلاد، ورقة سياسات حول صورة الوضع والعوائق التي تحول دون تمثيل ملائم للمواطنين العرب في القطاع العام وفي الوزارات والمؤسسات التابعة له بشكل خاص. ويتبيّن منها أنه بعد 20 عامًا على سن “قانون التمثيل الملائم” في القطاع العام أن 2.13% من الموظفين في الوزارات والمؤسسات الإسرائيلية ذات الصلة التابعة له، هم عربا، في حين أن نسبة الموظفين العرب في المناصب الإدارية الرفيعة لا تتعدى 4%، وإذا استثني جهاز الصحة الحكومي تصل نسبة التمثيل العامّة لـ7.7% فقط، أي أقل من الهدف الذي حددته الحكومة سابقًا (10%) وبعيد كل البعد عن النسبة السكانية للمجتمع العربي الفلسطيني في البلاد (18%) كما وتبيّن المعطيات تمثيلاً منخفضًا للنساء العربيات مقارنة بالنساء بشكل عام.
وتشير معطيات الجمعية الحقوقية الإسرائيلية إلى أن الأغلبية العظمى من الموظفين العرب في الوزارات والمؤسسات التابعة للقطاع العام موجودون في درجة الدخول، بينما تتسم الدرجات العليا بتمثيل منقوص. ومن بين 22 وزارة حققت ثلاث وزارات فقط هدف التمثيل العام للمواطنين العرب: وزارة الصحة، وزارة الداخلية ووزارة العمل والرفاه. وتشدد سيكوي في ورقة السياسات المذكورة أن تمثيل الموظفين العرب في المؤسسات الحكومية لا يمكن اعتباره شأنًا مدنيًا بحتًا ومنقطعًا عن السياق القومي والتاريخي والاجتماعي للأقلية القومية الأصلانية في البلاد، ولا يمكن فصل هذا التمثيل عن علاقات القوة والثقة بين الأقلية الأصلانية ومؤسسات الدولة ومع مجتمع الأغلبية اليهودية فيها. مؤكدة أن هذه الاعتبارات والعلاقات تشّكل عائقا بنيويًا عميقًا تحول دون التمثيل الجوهري للمواطنين العرب في المؤسسات الحكومية.
موضحة أنه مع هذا فإن الدولة هي المشغل الأكبر وهناك أهمية مبدئية وفعلية بإشراك العرب في مؤسساتها ناهيك عن حق المساواة في التشغيل وفي تقسيم الموارد والمساواة بين المواطنين”. بالتالي تستعرض أيضا ورقة السياسات أسباب بقاء التمثيل العربي في القطاع العام منخفضة كمًا ونوعًا بالرغم من وجود قانون يلزم بضمان هذا التمثيل منذ أكثر من 20 عاما منها: العائق الجغرافي، عدم وجود سياسة وبرامج لحفظ وترقية الموظّفين العرب مقارنةً بالشريحة السكانيّة العامّة، انعدام الإعلانات الرقميّة للمناقصات والوظائف بشكل ملائم، تفضيل خريجي قوات الجيش والشرطة في بعض الوظائف العالية.
“سيكوي” التي تتحاشى الإشارة لـ”التمييز العنصري” بوضوح كسبب في تكريس هذه الحالة تقدم في ورقة السياسات أيضا توصيات عينية ومطالب لتغيير السياسات المتبعة من قبل الحكومات التي من شأنها أن تساهم برفع التمثيل العربي منها: زيادة في إتاحة العمل عن بُعد للموظفين الذين يقطنون بعيدًا عن الوزارة كذلك إتاحة العمل من مكاتب قريبة لمكان سكناهم.
كما أوصت الجمعية بالمصادقة على هدف مرحلي للتمثيل لا تقل نسبته عن 18%، بالإضافة إلى وضع أهداف عينية بكل درجات الوظائف والوزارات، وأيًضا زيادة تمثيل النساء العربيات وتوصيات أخرى مثل: ترجمة المواد الإعلانية والمناقصات، دورات مهنية، معارض وورشات توظيف بالبلدات العربية بالتنسيق مع السلطات المحلية، ملائمات لغويّة ثقافيّة واجتماعية في التأهيل المهني وغيرها.
والتمثيل الملائم برأي “سيكوي” هو حق أساس للمواطنين العرب في الدولة، من هنا، تقع على عاتق السلطة التنفيذية مسؤولية ضمان إعطاء هذا الحق للمواطنين العرب على نحو متكافئ وقابل للتحقيق.
ويقول المحامي وسيم حصري مركز مشروع التمثيل الملائم في جمعية سيكوي بهذا المضمار: “العوائق والتوصيات في هذه الورقة تتطرق للقطاع العام كوحدة واحدة. مع هذا، نحن ندرك أن علاقة المجتمع العربي مع الوزارات والمؤسسات التابعة لها مركبة ومتباينة ومتغيرة وفقا للأسباب التاريخية والمرحلية، لهذا نحن نرى أنه لا يمكن تبني هذه التوصيات بشكل جارف وتطبيقها على كل الوزارات والمؤسسات التابعة لها، وأنه يجب التطرق لهذه الاعتبارات عند تبني توصيات هذه الورقة. منوها أنه إضافة إلى حق التشغيل وتقسيم الموارد بشكل متساوي بين المواطنين، فإن وجود المواطنين العرب في مركز اتخاذ القرار المهني في الوزارات، من شأنه ملائمة الخدمات للمواطنين العرب وإزالة العوائق التي تحول دون المساواة في مجالات كثيرة: المواصلات، التخطيط والبناء، والتوزيع العادل للميزانيات وغيرها”.