بالنسبة لي مثلما لكثيرين من رفاقي، يعدّ هذا اليوم عيداً. بدأت ساعة التوقف اليوم، وبدأ العد التنازلي لنهاية وباء كورونا. وإذا لم يقع حدث غير متوقع، مثلما يحصل غير مرة في الأمراض الفيروسية، سينتهي المرض في غضون أربعة حتى ستة أشهر مع تطعيم معظم سكان إسرائيل. ولكن مثل السفر الطويل والمتعب في طريق مليء بالعوائق، لا يجب أن تتملكنا اللامبالاة ونخاطر في حادثة طرق في الكيلومتر الأخير قبل الوصول إلى البيت.
التطعيمات هي بلا شك التكنولوجيا الطبية التي أثرت بالشكل الأكثر أهمية على مدى العمر في المئة سنة الأخيرة. فالتطعيمات تنقذ كل سنة حياة 3 ملايين شخص وتمنع المرض والعجز عن ملايين كثيرين آخرين. منذ نشوب الوباء كان واضحاً أن التطعيم وحده سيكون الجواب المطلق على انتشاره. غير أن تطوير التطعيم مسيرة باهظة الثمن، معقدة وطويلة. لم يحلم أحد منا، نحن الأطباء والعلماء، أننا سنحظى بالتطعيم -بعد سنة- بملايين الحقن التي ستمنع 95 في المئة من الإصابة الخطيرة.
ولكن ما لا يصدق حصل بالفعل، وقفزة الطريق التي نشهدها رائعة حقاً. حتى قبل بضع سنوات كانت حاجة إلى عشر سنوات بالمتوسط لتطوير لقاح جديد. ولكن أزمات السارس وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير في العقد السابق، والخوف من وباء فتاك وواسع للأنفلونزا، رفع الخطر الكامن في الوباء الجديد إلى الوعي الجمعي وإلى مقدمة الساحة العلمية، وخصص مقدرات كثيرة لجمع القدرة لتطوير سريع للقاح المضاد.
لقد نمت هذه القدرات وتطورت بانتظام في أثناء العقد الأخير، وهي – مثل استثمار مقدرات غير مسبوق في أثناء 2020 في سياقات موازية من التنمية والتجربة والإنتاج – أتاحت الجهد الدولي الذي نهايته لقاح متاح اليوم لجمهور إسرائيل. من المهم التشديد على أن إجراءات الرقابة الدارجة لكل تطعيم جديد لم تلغَ ولم توفر رغم العملية السريعة، بل نفذت بشكل متوازٍ في ظل أخذ مخاطر اقتصادية كبيرة، ولا سيما لشركات الإنتاج التي لم تنجح في الوصول إلى خط النهاية.
قرأت، بعمق، تقارير التجارب العلمية التي نفذتها شركتا فايزر وموديرنا. وأنصت للاستماع العلني الذي أجري في الـ FDA الأمريكية وارتاح عقلي – التطعيمات ناجعة للغاية، وليس هناك الآن أي دليل على مشكلة أمان للسكان الذين أصيبوا (التطعيم لم يفحص على الأطفال والنساء الحوامل، ولهذا لن يعطى لهم). الخطر النظري لظهور أعراض جانبية جديدة بعد أشهر أو سنين من التطعيم يحسمه -من ناحيتي- الخطر في العين من المرض المنتشر الآن بوتيرة متصاعدة في العالم وفي إسرائيل أيضاً، وعليه فإني سأختار أن أتطعم وسأتطعم منذ اليوم، وسأفعل كل شيء كي يختار أبناء عائلتي في مجموعات الخطر أن يتطعموا في أقرب وقت ممكن، وأؤمن بأن معظم مواطني إسرائيل سيفعلون الشيء ذاته فيعيدون بذلك الأمل في الحياة الطبيعية بلا قيود من جانب وبلا مرض من جانب آخر. الأمل عظيم ولكن علينا الحذر وتجنب اللامبالاة. فالمرض ينتشر الآن في أوروبا والولايات المتحدة حيث باتت معدلات الوفيات أعلى بعشرة أضعاف بل وبعشرين ضعفاً عنها في إسرائيل. ففي بلجيكيا، وهي دولة مشابهة بحجمها لإسرائيل، سجل هذا الشهر 200 فأكثر وفاة في اليوم. وبدأ المرض عندنا بانتشار سريع وقد يتسبب بموجة شتاء فتاكة مثل باقي دول الغرب. ينبغي لنا أن نوقف التفشي الآن، ونأخذ مسؤولية شخصية في ظل الحرص على الكمامة والتباعد وتهوية الفضاءات المغلقة وأن نطبق توصيات الخبراء بتصميم وسرعة. إن الجهد لمنع المرض سيكون مركباً، وستكون الأشهر القادمة اختباراً قاسياً – لا تستسلموا للتعب، لا تغفوا على المقود في الكيلومتر الأخير قبل البيت.
بقلم: البروفيسور ران بليتسر
رئيس منظومة الحداثة في “كلاليت” ورئيس كابينت الخبراء درع إسرائيل
إسرائيل اليوم 20/12/2020