ما يحدث في غزة، يحدث لي كُلَّ ليلة؛ أشعر أني أختنق تحت أنقاض مبنى، أين اليد التي تمتد لي وتنتشلي من حجارتها اثقيلنا؟
يحدث لي ما يحدث في غزة؛ تعضّ لحمي الطائرات، تعض أقدس ما أعرف… تعض أبي وأمي، وأبنتي التي في القماط.
تعضهم كالضباع.
الضبع هو ما خرجتُ به من عالم الإنسان، في ليل أمريكا المديد.
قلتها قبل خمسة وعشرين عاما، يوم كان عمري عشرين: من ليس فلسطينيا، من العرب، اليومَ، سيكونه غدا.
كلنا فلسطيينيون.
من أقصى الحق… إلى أقصاه….
من أقصى النهر ، إلى البحر.
كلنا فلسطينون.
كُلّنا.
من ليس فلسطيناً، اليومَ، سيكونه غدا.
سيكونه؛ بعذاباته، وعطشه، وجوعه، وألامه، ودمه النازف من جسد الحسين.
يا جسداً لم يضمد جراحه أحد…
يا جسداً نظر الجميع إلى جراحاته…
ولم يسارع إلى عطشه بالماء، أحد؟
وأقسم: لك بكل ما كُتب، بك، وعنك، من قصائد المقاومة، بك، أقسمت، ولك، وعنك، وبك وعنك، ولك، وبك، أقسمت، وأقسم: لو لم أؤمن، بك، و بنصرك منذ خمسة وعشرين عاما( هي نصف عمري):
لقتلت نفسي العزيزة على رؤوس الأشهاد.
غزة:
أنا عراقي، أنا أبن أطول حصار فرضه الغرب على بلد في التاريخ. وقد أكون أنا السوري، الذي ساهم الأعرابُ في سفك دمه.
أنا أبن بلدين يحبانك، ويدعوانك إلى قلبيهما… كي تكوني، ويكونا، في أمان.
غزة:
أنا أبنك:
استميحيني من العذر ما تستميحينني:
لا أملك غير الكلمات…
يا أمي المستضامة… الحبيبة.. والمستباحة..!
فقد قيّد الزعماء السفلة المستباحون، يديَّ.
قيّد السفلة المستباحون فمي… قيدوا الكلمات بالسلاسل الصدئة التي توارثوها من عهد عادٍ وثمود، ومن عهود القرى المندثرة. أما قلبي، فهو بضعة منك. وأما روحي، فهي تغني لك:
أنا:
لا كما يُقال لكِ:
مدينة مأهولة بالغياب!
أنا:
لن أغيب.
شاعر عراقي