القاهرة ـ «القدس العربي»: دخلت الحركة المدنية الديمقراطية المصرية المعارضة، في نفق مظلم بسبب الخلافات التي نشبت بين مكوناتها. فالحركة التي تتشكل من 12 حزبا معارضا وعدد من الشخصيات العامة وتمثل جبهة المعارضة الرئيسية في الداخل، أرجأت للمرة الثانية مناقشة ملف الانتخابات الرئاسية، بعد غياب عدد كبير من ممثلي الأحزاب عن الاجتماع الذي عقدته أمانة الحركة الأحد الماضي، على إثر الخلاف بين الأحزاب.
وزادت الخلافات مع استدعاء النيابة لقاسم هاشم رئيس مجلس أمناء «التيار الحر» الذي يتشكل من عدد من الأحزاب الليبرالية المنضوية بالأساس في الحركة المدنية، للتحقيق في بلاغ مقدم من وزير القوى العاملة السابق والقيادي في حزب «الكرامة» وعضو لجنة العفو الرئاسي، كمال أبو عيطة، يتهمه فيها بـ«السب والقذف».
وكان أبوعيطة، انتقد تشكيل التيار الحر، وقال إنه يستقوي بالخارج، فيما رد قاسم في منشور على «فيسبوك» اتهم فيه أبو عيطة بالفساد المالي وقتما تولى مسؤولية وزارة القوى العاملة.
وكانت النيابة العامة قد قررت، الأحد، إخلاء سبيل قاسم بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه، على خلفية البلاغ ضده.
وعلق مجلس أمناء التيار الحر، على استدعاء قاسم للتحقيق، ببيان قال فيه: «في خضم انشغال القوى السياسية المدنية بالبحث عن حلول لإنقاذ مصر من أزمة اقتصادية طاحنة، ومتابعة مخرجات الحوار الوطني ومتابعة مدى توافر ضمانات نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة التي قدمتها القوى الوطنية والنضال من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، فوجئنا باستدعاء النيابة العامة لرئيس مجلس أمناء التيار الحر، هشام قاسم، للمثول أمامها بصفة شاهد».
وتابع البيان: «في النيابة تحول الموقف من شاهد إلى متهم في بلاغ من قبل كمال أبوعيطة عضو لجنة العفو الرئاسي يتهمه فيه بالتشكيك في ذمته المالية، والحقيقة أن أبوعيطة هو الذي بدأ السب والقذف والاتهام بحق التيار الحر بأحزابه وشخصياته العامة، عندما قال إنه يشتم رائحة أجندة أجنبية للتيار لوجود هشام قاسم على رأسه، والحقيقة أيضا أن ما جاء على لسان هشام قاسم إنما هو واقعة نشرتها بعض الصحف والمواقع المصرية الحكومية والخاصة».
وزاد البيان: «لأن التيار الحر يؤمن بأن الرأي يرد عليه بالرأي فلم يتجه إلى القضاء، اتهام دون دليل تم الرد عليه بواقعة مسجلة، كنا نتمنى أن ينتهي الأمر عند هذا الحد، لكن بعد مرور قرابة الشهر حدثت واقعة استدعاء هشام قاسم كشاهد تحول أمام النيابة إلى متهم وهنا نشير إلى قضيتين الأولى هي إعلان حزب الكرامة عن تضامنه مع أبو عيطة في بلاغه، وإصرار الأخير على السير في الدعوى، وهو أمر يثير علامات استفهام حول موقف حزب الكرامة الذي يرفع شعارات وحدة صف المعارضة ودعم العمل المشترك».
وثمن البيان، قرار هشام برفض دفع الكفالة لأنه يثق في هشاشة الاتهام وكموقف احتجاجي على ما جرى.
وتابع: «فوجئنا في اليوم الثاني بتوجيه تهمة جديدة هي السب والقذف والاعتداء على موظفين عموميين وهم أفراد من شرطة قسم السيدة زينب، ونؤمن بحرية الرأي والتعبير، ونرفض توجيه الاتهامات المستهلكة وامتلاك حق صكوك الوطنية من قبل أفراد او أجهزة او أحزاب، فهذا الفكر قاد مصر إلى ما تعانيه اليوم من أزمة مركبة ومعقدة، وللأسف تستمر نفس العقلية لدى أفراد وأحزاب وأجهزة ومؤسسات في استخدام طرق وأساليب تجاوزها الزمن وهجرتها الأمم المتحضرة».
أما حزب الكرامة، فقد أعلن تضامنه ودعمه المطلق لأبوعطية.
وقال في بيان: «ندعم للموقف المبدئي الصلب الذي اتخذه القيادي المؤسس في الحزب المناضل الكبير كمال أبو عيطة في مواجهة الإساءات التي تعرض لها خلال الفترة الماضية وطالت ذمته المالية ونزاهته واستقامته المعهودة».
وأكد على «حق أبو عيطة في اتخاذ ما يراه من إجراءات في هذا الشأن، وأنه يعتبر أن حرية الرأي والتعبير التي يدافع عنها الحزب وتعد أحد مبادئه الرئيسية مكفولة ومُصانة بموجب الدستور والقانون مالم يتم تجاوزها إلى إساءات شخصية متعمدة».
وتابع: «المشوار النضالي لكمال أبو عيطه والممتد لسنوات طويلة يشهد له بالنزاهة والاستقامة والترفع عن الصغائر، فضلا عن صلابة مواقفه التاريخية تجاه قضايا الوطن في كل العصور، وليس محل اختبار على أي نحو، إذ تشهد له زنازين السجون التي اعتُقل فيها وساحات الميادين التي تقدم فيها الصفوف مدافعا عن وطنه وشعبه وأمته العربية في مواجهة الاستبداد والقمع وبيع الأصول الوطنية وحرية الحركة النقابية والوطنية، ومكافحة التطبيع وفضح المطبعين مع الكيان الصهيوني، وتصدره طلائع النخبة والجماهير التي انطلقت في ثورة 25 يناير/كانون الثاني وموجتها الثانية في 30 يونيو/حزيران تطالب بالتغيير السلمي وترفض العنف والإرهاب».
وزاد: «لا يزال القيادي الوطني الكبير يؤدي واجبه في لجنة العفو الرئاسي حاملا هموم الأسر التي مازال أبناؤها خلف القضبان محتجزين على ذمة قضايا تتصل بحرية الرأي والتعبير خلال السنوات الماضية».
وختم بالتأكيد، على أنه «ليس بصدد مواجهة شخص بعينه أو جهة بعينها أو تيار محدد، لكنه يسعى لتكريس قيمة وموقف مبدئي لا حياد عنه، طالما اتصل الأمر بالتشكيك في الذمم وإلقاء الاتهامات بالباطل والطعن في الضمائر بغير دليل».
لم تقتصر أزمة البلاغات على أبو عيطة وقاسم، حيث أعلنت الناشطة ندى طعيمة استدعاؤها من قبل النيابة، للتحقيق في بلاغ قدمته ضدها الناشطة أسماء محفوظ تتهمها فيها بـ«السب والقذف».
وقالت في منشور على صفحتها على «فيسبوك»: «استلمت استدعاء من النيابة وسأذهب لا أطلب من أي شخص شيئا سوى أن يكون أولادي بخير».
وخلال الأسابيع الماضية، دخلت طعيمة ومحفوظ في سجال على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب انتقاد طعيمة لمشاركة أسماء في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.