ليس بعالم نظيف ذاك الذي نحيا فيه، ذاك الذي يموت فيه الأطفال بلا حساب ثمناً للمعارك والأطماع السياسية. لا عدل في هذا العالم، لا عدل قبله ولا بعده في كون شاسع جامد بارد، يعمل بفيزيائية بعد لم نفهمها، كل ما نعرفه أنها فيزيائية لا تكاد تلقي نظرة على وجودنا التافه، فيزيائية لا تأبه بآلامنا وأحزاننا وتطلعاتنا، لا تأبه بخيرنا وشرنا، لا تأبه بالحق والعدل والخير، لا تأبه سوى باستمرارها وتمددها المظلم الغريب، فيزيائية صلدة كأنها سرير جراح متحجر القلب، طبيب يُعمل مشرطه في جسد مريضه المستلقي على السرير الحديدي البارد دون رحمة، دون تخدير.
كيف لنا أن نؤمن بأي عدالة أو رحمة في هذا العالم وأطفال غزة يموتون جميعاً هكذا كأنهم أسماك ملونة لطيفة تحصدهم شبكة صياد جائر؟ أي معنى لهذا الموت؟ أي مغزى وهدف يتبعانه؟ وأي تردّ وانحدار يشير بهما هذا الموت لبني جنسنا؟ غزة تقصف للمرة المئة ألف، ولا حياة أو حياء لمن تنادي. لأن السائل الأسود الذي تعبده «الدول المتقدمة» والذي يجري تحت بعض الأرض لا يتدفق باتجاهها؟ لأنها لا تصدر الدولار؟ لأنها غير ذات وزن في المعادلة السياسية العالمية، أم لأنها ذات وزن أثقل من اللازم في ذات اللعبة؟ تعددت الأسباب والجريمة القذرة واحدة، أطفال تموت جمعياً، أجساد صغيرة يصطف بعضها بجانب بعض في لفائفها البيضاء، ليس لتحيي العلم في الصباح، ليس لتمشي طابوراً إلى صفوفها، ليس لتتدفق بضحكاتها إلى لعبة الأحصنة الدوارة، بل هي مصطفة تنتظر دورها تحت التراب. لا توجد عدمية تافهة أكثر من هذه.
في هذه المعادلة، ليس أسوأ من القتلة سوى محبيهم، مسانديهم، والصامتين عن جرائمهم. نعم، نعرفها التبريرات، هؤلاء الأطفال مجرد خسائر جانبية غير مقصودة في حرب تسعى للسلام، هم القرابين المقدمة للقادم من العدالة، عدالة الحرامي وسلام القاتل. ألا فليلعن الله عدالتكم وسلامكم المبنيين فوق أجساد الأطفال، المغسولين بدمائهم، المنجسين بأسلحتكم ونيرانكم وقصفكم. هل هناك عدالة تستتب بالسرقة؟ هل هناك سلام يتحقق بالقتل الجمعي والقصف العشوائي المدني؟ كل من خرج مبرراً، بل كل من ظهر ممسكاً العصا من الوسط، بل كل من صمت عن هذه الجريمة الإنسانية الكبرى، عليه لعنات هذا الكون البارد السحيق. لم يسبق لي أن ترجيت بدعوة، ولم يسبق لي أن رجوت أذىً، لكنني اليوم أترجاها وأرجوها، فلتنزل لعنات هذا الكون البارد على السفلة ومحبيهم ومناصريهم والساكتين عنهم، فلتسحق عدمية هذا الكون قلوبهم وأرواحهم كما يسحقون هم أجساد الأطفال وقلوبنا وأرواحنا بفقدهم كل يوم.
كل شيء يُكتب تافه، مكرر، عديم القيمة أمام أجساد الصغار، أمام جسد آلاء ذات الخمس سنوات، عند قدمي خليل ذي التسعة عشر عاماً، وحيد أبويه الذي أنجباه بعد خمس عشرة سنة من الانتظار، في طيات لفائف أحمد ومؤمن ومحمد وحازم، إلى بقية الزهور المسروقة حياتها المهددة أصلاً. بعد كل جريمة قصف أسرُّ لنفسي، لا بد وأن الحياء أكل وجوههم الآن، لا بد وأن المبرر والمؤيد والصامت محرجون معذبون بضمائرهم على أقل تقدير، وفي كل مرة يخونني ذكائي وحسن تقديري وتنبُّئي، ذلك أنني أتنبأ لبشر وهم ليسوا بشراً، ذلك لأنني أتوقع من أرواح لها ضمائر وهم لا ضمائر لهم، ذلك لأنني أترجى شيئاً من الأخلاق في أشخاص عدِموها ولربما قتلوها عن سبق إصرار وترصد. من يقتل الضمير والمبدأ والأخلاق والرحمة والإنسانية في نفسه، كيف له أن يندم أو يتوجع لأوجاع الآخرين؟ من يحوله الدولار إلى «سايكوبات» صلب بارد لا يشعر ولا يتفاعل، كيف له أن يندم أو يُحرج؟ كم أنا غبية!
غزة تقصف لأنها قاومت …الظلم بنظام وتفوق …. . والمقاومة جريمة في عصر الفراعنة والجبابرة!! .. غزة تقصف لان الإيمان بالماديات لا يصنع الإنسانية… غزة تقصف لان لها روحا معلقة بالسماء… غزة تقاتل بعرفقها ودمها لأنها تعرف جيدا بكل حفظة قرآنها أن الكون البارد الاعمى لا يسمع ولا يبصر .. وهو جماد وان التوجه له بالدعاء لا يقل سخافة وعنادا عن التوجه لهبل او نائلة او العزى….. غزة تعلم ان الله هو القوي العزيز وانه قدر المعركة ورسم السيناريو وحدد أبطال العدل ومكافحة الظلم قبل أن يولدوا .. غزة عن بكرة ابيها تؤمن أن الأرض ليست مكان عدل الله لان السيد فيها وبقرار من الله هو الإنسان.. ولأن السيد الذي عليه تكليف إقامة العدل هو الإنسان وبالذات المجاهد والمكافخ الثائر ضد الظلم…. يتبع لطفا
تتمة…
*غزة والضفة وجنوب لبنان شيعوا عشرات الشهداء وهم يشمون رائحة المسك من دمهم …. لم تكن حالة وهم جماعية كما تظنين يا صديقتي !!!..ما كان المجاهد منا ليعرف الله اكثر مما عرفه في ميدان المقاومة حين نمر من أمام حاجز لم يخرق قانون إبراز الهويات فيه من ٤٠ عاما!! يفضي إلى منطقة حدودية بين دولة عربية ومستوطنات للاحتلال مع فنمر بلا تفتيش!! ولا تصريح !!! إلى أين؟ !! إلى عمق المنطقة الحدودية مع فلسطين !! .. من الممنوع دخولها الا من له تصريح أمني صادر عن المخابرات وممنوع المكث فيها .. حتى لاصحاب التصاريح الامنية !!، حين كنا نعرف الشهداء قبل أن يسقطوا…. حين كنا .. نرى الله رأي عين يقاتل معنا .!! .. حين يتوه المجاهد منا عن خط الانسحاب والقصف فوقه … فيرى اشخاصا لا يعرفهم بزي المقاومة يدلونه على الطريق والطيران يقصف ليكتشف انهم مستشهدون… منذ سنين …!!!!
…يتبع لطفا
**تتمة
حين تقع غلطة امنية من المجاهد منا _لعجلة ممنوعة اصلا في عمله _فيضع شيئا ممنوعا في متاعه بالغلط واين على وجه حقيبة السفر !! التي أن فتحت سيعرض لتحقيق يودي به خلف القضبان .. وحين يفتح رجل التفتيش الحدودي الحقيبة وهو يشك بنا بشدة بشدة .. ونحن نتمتم بشفاه مطبقة أن يعميه الله عن هذه الغلطة فياخذ بيده القطعة الممنوعة من المتاع وهي أول ما يظهرله حين فتح الحقيبة فيزيحها!! بيده !! دون ان ينظر إليها !!! ويمعن التفتيش حتى ينبش كل شيء من أعلى الحقيبة إلى ادناها وهو يسأل كل الأسئلة التي يكاد يقول فيها اشك بكم… ثم يعيد أغراض المجاهد ويضع بيده القطعة الممنوعة على سطح الامتعة!! وهو لا يراها!!! ولا يدقق فيها بتاتا!!! بل وينظم لك ملابسك ويغلق بيده الحقيبة ويقول لك تفضلي سيدتي !!
يتبع لطفا * حين يرى مجاهد استشهادي يريد أن يقتحم مقرا لجنود الاحتلال بشاحنة قبل أن ينفذ العملية بليلة واحدة في منامه أن ارتفاع شاحنته لن يمكنه من الدخول من البوابة إلى مسافة قريبة من الهدف فتعيد قيادة العمليات فورا مراجعة الخطيطة الأمنية لموقع العملية وتطلب مراجعة ارتفاع البوابة ليكتشف خطأ عنصر الاستطلاع في قياس ارتفاع البوابة.. قبل العملية ..!!!
**حين كان أحدنا يرى اخا له في الجهاد لا يعرفه اصلا ويرى انه اعتقل !! ويكاد يتصل بالضباط المسؤولين عنه ليخبرهم بما راه في نومه ولكنه يخجل لأنها( احلام )وليست معلومات متدفقة من مصادر الاستطلاع حسب المسلم الأمني المعتمد .. او من خلايا الجهاد ضد إسرائيل في تلك الدولة البعيدة عن مكان المجاهد الحالم!!… فيتصل به مسؤوله فورا ويقول له ارجوك راجع على كمبيوترك كل اخبار تلك البلد لقد
اعتقل اخ لنا هناك !!
حين كان أحدنا يعلم من رؤياه الاسم الحقيقي للضابط المسؤول عنه .. حين كان أحد المجاهدين يصف تكتيك العدو الغير متوقع في ساحة العمليات قبل أن تندلع المعركة ويحذر القادة العسكريين وهو يعرض نفسه للاتهامات أن العدو سيفعل كذا وكذا فتقع المعركة ويحدث بالضبط ما قاله .. .وهو رأى ساحة المعركة بالحذافير وشكل انتشار العدو وتكتيكاته في نومه !!
*تتمة
*. هل اكمل يا سيدتي بعيدا عن الايديولوحيا ومناكفاتها ؟كي تعلمي أن من ندعوه هو الله !!! وليس الكون البارد العدمي !!! وهو الحي الذي يتجاوب معنا حقا تجاوبا مؤكدا يدل على ذات واعية رحيمة !! وهو السميع البصير وهو الذي قدر للمعركة مع العدو زمنا له ابطاله الصابرون وهو الذي قدر موعدا للتحرير لم يحن بعد لان هناك تقصيرا كبيرا ولا زلنا لا نستحق النصر … ولا زلنا ننال شرف الاتصال بالسماء والمقاومة .. سيدتي الجهاد كله سماء .. !! كله وحي … كله تعامل مباشر مع الله على نحو باهر رغم أنف الايديولوجيا العمياء التي لا ترى الذات العلية التي تحكم( الكون البارد) !! الذي صرح الله تعالى انه ليس ميدان عدله بل ميدان بطولة النبلاء وحذاقة الاشرار وساحة صراع كلفنا فيها أن نسحق الظلم باسم الله القوي الحكم العدل اللطيف وان نرفع راية الحق مهمت كان الثمن
دلال المغربي / غادة