بلومبيرغ: لماذا لم تسارع السعودية والإمارات لمساعدة لبنان مثلما فعلتا مع السودان؟

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا حلل فيه الموقف السعودي من احتجاجات بيروت، والذي بدا كما تقول دونا أبو ناصر وفيونا ماكدونالد وعلاء شاهين اتسم بالصمت الحذر.

ففي النشرة الأسبوعية للحكومة السعودية اختفى الحديث عن بلد مارست فيه السعودية تأثيرا مهماً ولعقود، هو لبنان، فيما اهتمت النشرة بتهنئة الإمبراطور الياباني على تسلمه العرش وشجب للشاحنة الانتحارية في أفغانستان والمفاوضات مع البرازيل حول الملكية الفكرية.

ومن هنا فالصمت في العالم العربي تجاه ما يجري في لبنان هو متابعة لقاعدة نابليون بونابرت بعدم التدخل عندما يكون عدوك يدمر نفسه. فقد توحد المتظاهرون في لبنان ضد المؤسسة السياسية التي بات يهيمن عليها حزب الله، الوكيل عن إيران والذي حاولت دول الخليج، خاصة السعودية إضعافه وصنفته مع بقية دول الخليج كمنظمة إرهابية. وقال مسؤول خليجي إن الصمت السعودي هو مقصود حتى في الوقت الذي حيى فيه المعلقون والقنوات التلفزيونية المحتجين.

وقال مسؤولان آخران إن دول الخليج لا ترسل المساعدات إلى حكومة سعد الحريري لئلا يذهب المال إلى حزب الله من خلال الحكومة. وفي الوقت الذي شهد فيه لبنان موجات من الغضب بسبب المعاناة الاقتصادية والفساد المستشري إلا أن احتجاجات اليوم شملت كل الطبقة السياسية بمن فيها حزب الله وزعيمه حسن نصر الله. وهتافات مثل “كلهم يعني كلهم” التي ظهرت من معاقل السنة في عكار بالشمال ومناطق حزب الله في بعلبك شرقا والنبطية في الجنوب والمناطق المسيحية، وسط بيروت.

ويرى سمير غانم، مدير معهد المشرق في بيروت أن احتجاجات لبنان هي “هدية من السماء” للسعودية والدول الأخرى التي تخوض حربا بالوكالة مع إيران. ويضيف: “من الواضح أن حزب الله هو الخاسر الأول، وأي محاولة من قوة إقليمية اختطاف الحركة فإنها ستقسمها بناء الخطوط الطائفية”. ومثل السعودية تجنبت الكويت والإمارات العربية إصدار البيانات المعروفة الداعية لضبط النفس أو عودة مواطنيها من لبنان. وتعد هذه الدول مهمة في تقديم مساعدات مالية لاقتصاد لبنان الذي يقف على حافة الانهيار.

ويعتبر لبنان من أكثر الدول المدينة في العالم، وفشلت محاولاته الحصول على دعم مالي قبل اندلاع الاحتجاجات. فقد زار رئيس الوزراء سعد الحريري، أبو ظبي على أمل الحصول على دعم وعاد فارغ اليدين. وهذا خلاف التصرف السعودي- الإماراتي عندما اندلعت التظاهرات ضد الرئيس عمر البشير في السودان حيث تعهد البلدان معا بمساعدة المجلس العسكري بثلاثة مليارات دولار.

وسبب وقوف الحلفاء الخليجيين موقف المتفرج على أحداث لبنان التي دخلت أسبوعها الثاني، نابع من عدم تنفيذ الحريري أية إصلاحات تطالب بها الدول المانحة قبل توفير الأموال التي تم التعهد بها في مؤتمر المانحين عام 2018، والسبب الثاني هو هيمنة حزب الله على الحكومة. ويقول شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت: “لو أنقذت لبنان فإنك ستنقذ حزب الله”.

ويعتبر الحزب أهم قصة نجاح لإيران لتصدير الثورة بعد عام 1979 وحشد آلافا من عناصره لمواجهة إسرائيل، وآلافا آخرين للمشاركة في الحرب الأهلية السورية إلى جانب بشار الأسد. وفي داخل لبنان يعد الحزب أقوى من الجيش الوطني الذي تدعمه أمريكا بالمعدات والأسلحة، ولديه شبكة من الجمعيات الخيرية والصحية التي توفر الرعاية لأتباعه من الشيعة.

وفاز الحزب بأول مقعد له في بيروت السنية عام 2018 ولم يستطع الحريري الحد من نفوذه. وفي نفس العام استدعي الحريري إلى الرياض لمواجهة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر، حث نصر الله انصاره على التعبير عن مواقفهم ولكن بأدب “العنوني، ما في مشكلة” وقال إن أي مسؤول يهرب من مسؤوليته تجب محاكمته.

ومع أن الحزب يعاني من ضيق مالي بسبب العقوبات الأمريكية على إيران، إلا أن عناصره كسروا “التابو” واتهموا قادة الحزب ونوابه في البرلمان بالفساد وتبذير المال على الحرب في سوريا، وتجاهل حاجة الناس ورفاهيتهم.

وفي الوقت الذي تجاهلت فيه حكومات الخليج الاحتجاجات، إلا أنها لم تختف من كلام المعلقين والصحف. ففي عنوان لصحيفة “عكاظ” قالت: “انهار جدار الخوف: الشارع اللبناني يفتح النار على نصر الله”. وقالت صحيفة “سعودي غازيت”: “حركة حزب الله تشهد تظاهرات نادرة تتنقد قائده نصر الله”. وبدا مواطنو الخليج مترددين أيضا في مديحهم للحملة التي جلبت حركة احتفالية وصورا لامرأة وهي تركل شرطيا، و”دي جيز” قاموا بإمتاع الجماهير ومصففات شعر يمنحن خدمات مجانية.

وقال جعفر محمد من تلفزيون الشهيد في الكويت: “في كل الثورات المتظاهرون فيها صارمون وحكوماتهم تسخر منهم إلا الاحتجاجات في لبنان”.

وتمزق لبنان بين أحزابه وطوائفه لمدة 15 عاما في حرب أهلية انتهت عام 1990 إلا أن التوتر بين السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين لم يختف. وتحدث الحريري عن حلول لإرضاء المتظاهرين من خلال تقليص رواتب الوزراء والبرلمانيين إلى النصف. فيما قال الرئيس ميشال عون إن تغيير النظام السياسي يجب أن يبدأ من المؤسسات لا التظاهرات.

وبالمحصلة لم تتخل دول الخليج عن حكومة لبنان، وهي مستعدة لمساعدة حكومة مستعدة لإجراء إصلاحات عملية والحد من تأثير حزب الله. وألغت السعودية في عام 2016 حزمة مساعدات للجيش اللبناني بـ3 مليارات دولار، ومليار دولار للشرطة اللبنانية؛ بسبب الدور البارز لحزب الله.

ويقول عبد الله عبد الخالق الأكاديمي الإماراتي، إن دول الخليج تريد متابعة الأمور في لبنان ولا تريد إحباط التطورات. و”الوقت لم يحن لاتخاذ مواقف سياسية باستثناء أن تكون هناك وتراقب الأمور عن قرب حتى يتضح الوضع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية