لندن ـ”القدس العربي”ـ إبراهيم درويش:
هل دخلت الولايات المتحدة وروسيا في عهد من العداء الجديد؟ سؤال أجاب عليه تقرير أعده مراسلون لموقع “بلومبيرغ” وتساءل فيه خبراء عن طبيعة العلاقة التي ستنشأ بين البلدين، فيما يقول مسؤولون أمريكيون أن العلاقات قد تتحسن لو اتخذت موسكو خطوات إيجابية.
فقبل اسبوعين قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعوة لنظيره الروسي فلاديمير بوتين. وبعد الغارات الجوية على سوريا يقول الخبراء إن البلدين لن تجمعهما غرفة واحدة قبل أن يسبا بعضهما البعض. وفي جلسة طارئة بمجلس الأمن بعدما شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هجوما قصد منه معاقبة النظام السوري على استخدامه السلاح الكيميائي قالت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي مخاطبة السفير الروسي فاسيلي نبنزيا إن على “موسكو أن تنظر عميقا من ترافق”، فرد عليها أن بلادها ومن تحالف منخرطة “في دبلوماسية صناعة الأساطير”. فالغارات ضد نظام بشار الأسد، الحليف لروسيا وضع علامة تعجب حول الطريقة السريعة التي تتدهور فيها العلاقات بين العدوين السابقين في الحرب الباردة حيث تخلى الرئيس ترامب عن تردده السابق في انتقاد بوتين وبالإسم. وتعيش العلاقات الأمريكية- الروسية ضغوطا كبيرة نتيجة لقضايا تتراوح من التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 ودورها في الحرب السورية إلى أوكرانيا.
وتبدو العلاقات منقطعة في المستقبل القريب، فهناك دم وشك وغضب كبير بين الطرفين. وبحسب بوريس زبلرمان، نائب مدير شؤون الكونغرس في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية “لا أرى تحسنا في العلاقات” و “نحن في نقطة متدنية ومن الواضح أن موقف الإدارة قد تشدد من ناحية روسيا”. والنتيجة كانت موجة غير مسبوقة من ردود الأفعال الإنتقامية واضربني أضربك. فبعدما حملت بريطانيا روسيا مسؤولية تسميم العميل الروسي تم طرد أكثر من 150 دبلوماسي روسي من بريطانيا والدول المتحالفة مع بريطانيا بمن فيها الولايات المتحدة. واتبعت الولايات المتحدة طرد السفراء بفرض عقوبات على النخبة الروسية ومنهم ملك الحديد أوليغ ديرباسكا، وخسرت شركته نصف قيمتها بعد فرض العقوبات عليه.
ولم تستبعد هيلي في لقاء تم الأحد مع شبكة التلفزة “سي بي أس” موجة جديدة من العقوبات والتي ستطال أي شركات ثبت تعاملها مع نظام الأسد وتوفير المعدات له. وتساءل فيودور لوكيانوف، رئيس مجلس العلاقات الخارجية والدفاعية الخارجية: “ما هو طبيعة التعاون؟ وأين؟” مشيرا إلى أن “روسيا تتلقى تهديدات بفرض عقوبات جديدة عليها كل أسبوع”، وأضاف: ” يعتقد الأمريكيون أنهم قادرون على الإهانة وفرض الضغوط في أي مكان ويعرضون التعاون عندما يحتاجونه، ولم يحدث هذا”. وكما كان الحال في الحرب الباردة اتهمت كل دولة الأخرى بفبركة الأحداث. وقالت أمريكا أن روسيا منعت التحقيقات في مشهد الهجمات الكيميائية التي دفعت لشن الغارات. وفي الوقت نفسه تقول روسيا إن الهجمات الكيميائية في دوما لم تحدث أو أنها رتبت بمعرفة أمريكية وحلفائها لاستفزاز عمل عسكري. وقال السناتور الجمهوري عن نبراسكا بن باسي:” على الأمريكيين معرفة أن حروب المستقبل ستكون مثل هذا: استثمار روسيا مصادر هامة لخلق الدعاية والتضليل” وجاء تعليقه بعدما قالت روسيا إن الدفاع السوري اعترض كل الصواريخ التي أطلقتها أمريكا وحليفتيها. وقال إن أعداء الولايات المتحدة سيحاولون خلق نوع من التشوش بين الأمريكيين في الداخل. ولم يكن هناك سوى تعاون محدود بين البلدين. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) فشلت عملية جنيف للسلام وبدلا من ذلك حاولت روسيا مع كل من إيران وتركيا التوافق على مناطق خفض التوتر. ويرى كتاب التقرير أن هناك آمال في البيت الأبيض بتحسن في المواقف الروسية بطريقة لا يتم فيها إلغاء الدعوة التي وجهها ترامب لبوتين.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي روبرت بالادينو إن الرئيس في مكالمته مع ترامب في 20 آذار (مارس) ناقشا لقاء ثنائيا يعقد في أماكن مقترحة منها البيت الأبيض. وأكد بالادينو أن الدعوة لا تزال قائمة رغم الشدة في موقف ترامب من روسيا. وأضاف أن على روسيا اتخاذ خطوات إيجابية “وسيواصل الرئيس تحميلهم المسؤولية على أية نشاطات خبيثة”. ومع ذلك فقد تم نزلت العلاقة بين البلدين إلى نوع من التفاهة لدرجة لم يستطع فيها السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف مقابلات مع المسؤولين الكبار في الإدارة حسبما نشرت مجلة “بوليتيكو” الشهر الماضي واستعان والحالة هذه بالسناتور الجمهوري أورين هاتش. وتردد ترامب بنقد بوتين علنا كما فعل مسؤولو إدارته إلا أنه ذكره بالإسم عندما كان يحضر للضربة الأخيرة على سوريا. ويعتقد فاليري سولوفي، العالم السياسي في معهد الدولة للعلاقات الدولية في موسكو والذي يقوم بتدريب الدبلوماسيين الروس: “نعم، أعتقد ان هذه هي النهاية، ليس في سوريا فقط ولكن في مجال العلاقات الأمريكية- الروسية.
وتقول مصادر مطلعة ان بوتين غاضب جدا ويخطط لتعيين متشددين بالمراكز الهامة وذلك في التعديل الوزاري المقبل”. ورغم اختفاء المواجهة بين البلدين بسبب العملية المحددة واستخدام قنوات تجنب الصدام في الجو قبل الغارات إلا أن مخاوف الصدام قائمة. وكان هذا واضحا جدا عندما قتل الأمريكيون أكثر من 200 مرتزق روسي حاولوا مهاجمة قاعدة أمريكية في دير الزور. وفي النهاية، فهناك الكثير من الأدلة عن أن الطرفين لم يقطعا شعرة معاوية بينهما، وما الخطاب المتشدد الصادر منهما إلا غلاف لرغبة في التعاون. وبدا هذا مما كتبه السفير الأمريكي في موسكو، جون هانتسمان على صفحته في “فيسبوك” من أن الأمريكيين تواصلوا مع نظرائهم الروس لتخفيض مخاطر وقوع ضحايا بين المدنيين. وقالت إلينا سوبونينا، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط أنه تم أخذ الموقف الروسي بالإعتبار ولم يتم تجاوز أي خط أحمر.
ديكين في قن دجاج واحد ؟؟؟