غزة – القدس العربي – “القدس العربي”:
بالرغم من فشل مهمة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في دفع السعودية نحو مربع التطبيع مع دولة الاحتلال، خلال زيارته للرياض، إلا أنه أجرى اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الوقت الذي عقّب فيه فصيل فلسطيني على التحركات الأمريكية الجديدة في المنطقة بالقول إنها تؤكد أن “حسابات النفط” لدى واشنطن، أغلى من الدم الفلسطيني.
وجاء الاتصال بين بلينكن ونتنياهو في أعقاب زيارة الأول إلى السعودية، التي شارك فيها بمؤتمر وزاري للشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون وأمريكا، بعد أن فشل في إقناع السعودية بالدخول في عملية التطبيع مع إسرائيل.
وناقش الاتصال بين الرجلين “تعزيز اندماج” إسرائيل في الشرق الأوسط، وذلك حسب ما أعلن في واشنطن وتل أبيب.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن بلينكن ونتنياهو “ناقشا المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك توسيع وتعزيز اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط، من خلال التطبيع مع دول المنطقة”.
ثم ناقش بلينكن مع نتنياهو “ضرورة احترام الالتزامات التي جرى التعهد بها في الاجتماعات الإقليمية في العقبة وشرم الشيخ، لتجنب الإجراءات التي تقوض احتمالات حل الدولتين”.
والجدير ذكره أن إسرائيل لم تلتزم بتطبيق ما اتُفق عليه في تلك القمم، ولا تزال تتشدد تجاه الفلسطينيين، وتواصل عمليات الاستيطان والهجمات الدامية ضد المناطق الفلسطينية.
وذكر مكتب نتنياهو أنه أثنى خلال الاتصال على “التعاون العسكري والاستخباراتي” بين إسرائيل والولايات المتحدة، والذي بلغ ذروته، لافتا إلى أنه ناقش مع بلينكن التحديات الإقليمية الأوسع نطاقا، مثل التهديد الذي تمثله إيران، وأن وزير خارجية أمريكيا أكد التزام بلاده “الصارم” بأمن إسرائيل.
وجاء الاتصال بعد أن طرح بلينكن خلال المشاركة في المؤتمر الوزاري فكرة اندماج إسرائيل في المنطقة، وذلك بتطبيع علاقاتها مع السعودية، وخلال مؤتمر صحافي عقده برفقه نظيره السعودي قال “إن التطبيع بين السعودية وإسرائيل يظل أولوية” لإدارته.
غير أن وزير الخارجية السعودي، رفض تلك الفكرة في الوقت الحالي، وقال إنها لن تكون لها فائدة في حال لم يوجد سلام مع الفلسطينيين، وقال إن التطبيع يصب في مصلحة المنطقة، لكن يجب معالجة القضية الفلسطينية أولا.
والجدير ذكره أن هذه ليست المحاولة الأولى للإدارة الأمريكية لدفع السعودية تجاه التطبيع، وذلك منذ أن قامت كل من الإمارات والبحرين والمغرب في العام 2020 بالتوقيع على ما تعرف بـ “اتفاقيات أبرهام”، التي طبعت بموجبها علاقاتها الدبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال.
وكان وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، ثمّن مواقف السعودية ووزير خارجيتها الذي أكد ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، كشرط لأي تطبيع سعودي مع إسرائيل.
وقال المالكي منتقدا تحركات واشنطن الجديدة “كنا نتمنى لو استثمرت الإدارة الأميركية، ممثلة برئيسها ووزير خارجيتها، جزءا مما تبذله من جهود لترغيب الدول في تطبيع علاقتها مع دولة الاحتلال، من أجل إنهاء هذا الاحتلال وإجبار إسرائيل على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق يجسد حل الدولتين عبر دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا، على حدود ما قبل الرابع من حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية”.
وفي السياق، علقت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على تصريحات الوزير الأميركي في زيارته للمنطقة، لبحث أسواق النفط وأسعاره مع دول الخليج، بالقول “إن البيت الأبيض يؤكد مرة أخرى أن أولوياته في الشرق الأوسط، هي مصالحه الاستعمارية أولاً، إلى جانب إستراتيجيته الثابتة في دعم وإسناد دولة الاحتلال، والدفاع عنها في المحافل الدولية، وبشكل خاص في مجلس الأمن، مقابل كلمات هزيلة يعد بها شعبنا الفلسطيني بمستقبل غامض اسمه حل الدولتين”.
وأشارت الجبهة الديمقراطية إلى أن “النفط في حسابات وزير الخارجية الأميركي أغلى من الدم الفلسطيني، الذي يُسفك يومياً على يد قوات الاحتلال الفاشي، وقطعان الرعاع والغوغاء في المستوطنات”.
ودعت إلى استخلاص الحقائق في قراءة جريئة لسياسات الولايات المتحدة، القائمة على الوعود الفارغة، التي أكدت أنها “تشكل غطاء لسياسات الاحتلال الاستعمارية الاستيطانية، مقابل سياسة فلسطينية رسمية انتظارية، تزداد يوماً بعد يوم، عزلة عن مسار الحركة الجماهيرية ومقاومتها الشعبية والمسلحة، وتغرق أكثر فأكثر في التزاماتها باتفاق أوسلو”.
وشددت الجبهة الديمقراطية على أن مواصلة “سياسة الرهانات الفارغة”، وتجاهل الواقع الشعبي الفلسطيني، فضلاً عن تجاهل الأحوال الإقليمية والدولية، والعجز عن التفاعل معها، بما يخدم القضية الوطنية ومصالح شعبها، “لن يعود علينا إلا بكوارث سياسية أكثر فداحة”، ودعت إلى “الكف عن استجداء المواقف الدولية، الأميركية منها خاصة، والانتقال من سياسة التذلل إلى سياسة المقاومة بكل أشكالها”.
وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قد دعت في وقت سابق الدول العربية إلى العودة عن اتفاقات التطبيع مع إسرائيل كونها “أثبتت فشلها في ردع الجرائم والعدوان ومخططات الضم الاحتلالية”.
وأكدت أن إسرائيل تحاول الاستفادة منها كطوق نجاة من مغبة مساءلته في ظل موقف أمريكي يحمي ويدعم الاحتلال ويحميه من المساءلة.