ولد إدغار موران في 08 يوليو/تموز 1921 في باريس، مفكر يعلو عن التصنيف لتعدد اهتماماته فهو سوسيولوجي وسياسي ومثقف عضوي، وأنثروبولوجي ومنظر للفكر المركب، يعتبر المخيال الجماعي من رغبات، وقيم وممارسات اجتماعية، تشكل ثنائية الواقع والخيال، ترأس عدة مؤسسات علمية بحثية منها تمثيلا لا حصرا CNRS، كما حاز عدة جوائز تقديرية دولية، ودكتوراه فخرية من جامعات مرموقة، كما حمل صدره عدة أوسمة رفيعة، من بعض دول العالم، له عدة مؤلفات وأبحاث ودراسات، أضحت مرجعا لمن يريد أن يفهم طبيعة الفكر البشري المتسمة بالتعقيد والتركيب، هنا ترجمة لحوار مقتضب ودال حول كيفية ترويض النفس على معرفة معايشة اللامتوقع كمصير للإنسان عليه أن يحدد مساره ويعرف ما يحدث حوله.
□ هل فوجئت بجائحة كورونا؟
■ فوجئت بالجائحة، لقد تعودت على وقوع اللامتوقع في حياتي، وصول هتلر كان غير متوقع من طرف الجميع، والاتفاق الألماني السوفييتي، كان غير متوقع ولا يصدق. مقاومة موسكو لم تكن لتصدق، إعلان الحرب العالمية الثانية لم تكن متوقعة، فلم أعش سوى مع اللامتوقع. نشوب حرب الجزائر لم تكن متوقعة، أعيش أزمة جديدة كبيرة لها كل مواصفة الأزمة، فمن جهة تثير خيالا خلاقا، ومن جهة أخرى، فإنها تثير المخاوف وانتكاسات عقلية، فنبحث عن الخلاص الإلهي لكن لا ندري كيف.
□ هل أزمة فيروس كورونا علمتنا كيف نعيش اللا متوقع؟
■ هذا ما يتعين تعلمه، لأنه علينا أن نعلم بأنه في التاريخ اللامتوقع يأتي وسيأتي مرة أخرى. كنا نظن أننا نعيش في يقينيات كاذبة، مع الإحصائيات والتنبؤات وبأن كل شيء كان ثابتا، في الوقت الذي كان فيه الجميع يعيش اللا يقين، يعني تملك الشجاعة والمواجهة، والاستعداد لمقاومة القوى السلبية التي يمكن أن تكون. هذا هو السؤال، نغير العقلية، اليوم مثلا، نسينا أن أزمة المحيط الحيوي التي وعينا بها منذ سنوات السبعينيات مازالت قائمة، وتتفاقم في كل مكان. هنا أيضا، يتعين انتظار أحداث لم نتوقع حدوثها من قبل.
□ هل هذه الأزمة ستصيرنا مجانين أكثر، أم تصيرنا حكماء أكثر؟
■ هذا وذاك.. جزء كبير من الناس سيفقدون البوصلة، في ما آخرون سيصبحون أكثر وضوحا. تميل الأزمة جهة القوى المضادة. أتمنى أن تكون لجهة القوى الخلاقة، القوى الواضحة، القوى الباحثة عن المسار الجديد، التي يمكن فرض نفسها وإن كانت مبعثرة جدا وضعيفة، وإلا فسنضيع في الغضب الذي ربما يكون مبررا إلا أنه يجعل الفكر أعمى وأحاديا. «يمكن أن نكون غير جديرين، بيد أنه ليس علينا أن نبقى سجينين للسخط. علينا أن نحاول معرفة إلى أين نتجه، وماذا يحدث». لقد نسينا شيئا. منذ عشرين عاما بدأت معالجته، حيث كل شيء بدأ يخرج للعالم. أزمة الديمقراطية، ليس فقط في أمريكا اللاتينية، وإنما أيضا، في دول أوروبا، وهي تهددنا أيضا، هيمنة الربح غير المحدود الذي يراقب كل شيء، ليس فقط، في دول الخارج، وإنما عندنا أيضا. وإذن فعلى الفكر أن يواجه الأزمات ويتجاوزها، وإلا فإننا سنتحول إلى ضحايا. لقد عشنا كمثل المسرنمين خلال عشر سنوات، لنصل إلى حرب عالمية مروعة، لا أقول إن الأسباب متشابهة فليست ألمانيا من يهددنا، لكن نشاهد العديد من الصراعات التي تنشب في العالم، ولا علاقة لها بالتي كانت في القرن الماضي. «لدينا كل الوسائل للمراقبة من خلال طائرات درون، وبواسطة الهواتف النقالة، وعن طريق التعرف على الوجه، لدينا كل الوسائل لخلق نزعة كليانية للمراقبة». كل العناصر موجودة، يكمن المشكل في منع تجميع هذه العناصر لخلق مجتمع غير قابل للحياة بالنسبة إلينا.
□ ماذا نستطيع أن نتمناه لك بعد مئة عام إدغار موران؟
■ أتمنى القوة والشجاعة والوضوح. يتعين علينا أن نعيش في واحات الحياة والأخوة.
٭ ٭ من حوار أجرته فرانس أنفو بمناسبة مئة عام على ميلاد موران
فرنسا لاتملك من الفلاسفة سوى ديكارت وهو من صغار الفلاسفة أما الفلاسفة الاصلاء فهم الألمان